دخلت المبادرة العربية الهادفة الى إنهاء الازمة بين فريقي السلطة والمعارضة دبلوماسية “الأبواب المغلقة” بانتظار زيارة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى كل من دمشق والرياض قبل الوصول الى بيروت لاجل استئناف مبادرته مع فريقي السلطة والمعارضة. وكشفت مصادر دبلوماسية عربية في القاهرة لـ“الأخبار” أن موسى تلقى دعوة من الرئيس السوري بشار الأسد لزيارة دمشق الأسبوع المقبل فى إطار المشاورات التي يجريها مع عدد من العواصم العربية حول الملف اللبناني، وتوقعت أن يزور موسى السعودية حيث يسعى إلى التوفيق بين الرؤيتين السعودية والسورية للشأن اللبناني. علما انه قد يؤجل وصوله الى بيروت حتى نهاية الاسبوع الحالي.
وينتظر موسى تطورات ايجابية من بيروت قبل الوصول اليها، وأن بعض العواصم العربية وتنتظر إتمام هذه الزيارة إذا طرأ جديد يوحي بنجاح المبادرة العربية.
وقال مساعد موسى للشؤون السياسية في الجامعة العربية السفير أحمد بن حلي لـ“الأخبار” إن مهمة يوسف تأتي في إطار مواصلة التفاوض مع الأفرقاء اللبنانيين لبحث سبل الخروج من الأزمة،
وكان يوسف قد التقى امس النائب علي حسن خليل موفدا من الرئيس نبيه بري الذي فضل عدم استقبال يوسف في مكتبه الان، وقال الاخير انه يعمل الان «ولفترة وجيزة خلف أبواب مغلقة حتى يتمكن من التعامل مع الوضع الحالي الصعب الذي يمر به لبنان، وليس لدينا ما نقوله أكثر من ذلك في الوقت الحاضر”.
بدوره قال خليل إن موسى “يستطلع آراء الأفرقاء ويرى إن كان هناك تطور ما في المواقف التي على أساسها تقرر الخطوة اللاحقة، وكانت فرصة لنعرض وجهة نظرنا بالتفصيل، واستمعنا الى نتائج حركة اتصالات الامين العام خلال الفترة الماضية”. وأضاف: “نحن أكدنا وجهة نظرنا، فمطالب المعارضة معلنة وكررناها اليوم بالصيغة الاوضح مما كانت عليه”. وقال: “نرحب دائماً بأي جهد عربي ودولي لمساعدة لبنان، مع إعطاء الأولوية للتفاهمات الداخلية اللبنانية”.
ولاحقاً التقى يوسف الذي يرافقه المسؤول في مكتب موسى طلال الامين والسفير عبد الرحيمن الصلح بالمعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين خليل. ثم التقى الرئيس فؤاد السنيورة في السرايا الكبيرة واكتفى بعد اللقاء بالقول للصحافيين: “دعونا نعمل خلف الكواليس”. ومن ثم عقد الوفد اجتماع عمل مع مستشار السنيورة الدبولماسي السفير محمد شطح. وسوف يلتقي الوفد اليوم السفير السعودي في بيروت عبد العزيز الخوجة والوزير غازي العريضي موفدا من جنبلاط واحد اعضاء كتلة العماد ميشال عون على ان يسافر يوسف والوفد غدا الى القاهرة.
مسيحيو 14 اذار
من جهة ثانية التقى مسيحيو 14 آذار امس عند الدكتور سمير جعجع في بزمار وناقشوا لأربع ساعات، ثلاثة ملفات أساسية تتصل بوثيقة “الثوابت المارونية” و“ميثاق الشرف” اللذين أطلقتهما بكركي، بالاضافة الى قراءة “هادئة” لأحداث 23 الشهر الماضي وما يمكن القيام به في الذكرى الثانية لاغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط الجاري.
وجاءت المفاجاة برفض قسم كبير من الحاضرين يتقدمهم جعجع التوقيع على الميثاق بعدما اتفق على تاليف لجنة تقوم بابلاغ بكركي الموافقة على “الوثيقة والميثاق” وعدم توقيعهما ما لم تطلب بكركي ذلك، وتلبية أي رغبة يبديها البطريرك نصر الله صفير في هذا الاتجاه، كما تقرر انتظار ما يرغب فيه النائب سعد الحريري في شأن شكل ومضمون إحياء ذكرى 14 شباط والتجاوب مع رغبته، وإن كانوا يفضلون إحياء هذه الذكرى باحتفال رمزي، نظراً لعدم القدرة على إحياء مناسبتي 14 شباط و14 آذار في آن واحد.
إشارات أوروبية
وفي خضم التجاذب السياسي الداخلي، عوّل مصدر دبلوماسي أوروبي رفيع على النتائج التي تتوخاها المجموعة الأوروبية، وخصوصاً فرنسا، من انعقاد مؤتمر باريس 3، ودعا الأفرقاء اللبنانيين إلى الاستفادة من المؤتمر لصوغ تسوية سياسية من خلال الحوار الوطني. وإذ رأى في لقاء خاص أن المجموعة الأوروبية تدعم مبادرة موسى، أوضح أنها تسعى إلى التحاور مع كل الأفرقاء اللبنانيين بلا استثناء لاستعجال الاتفاق الداخلي، من دون أن تتخلى أوروبا، وخصوصاً فرنسا، عن الاضطلاع بدورها مع الدول المؤثرة في لبنان عبر القنوات الدبلوماسية المعتادة. إلا أنه أكد أهمية إقرار المحكمة الدولية التي تشكل في رأيه هدفاً حيوياً لكل اللبنانيين لقطع دابر الاغتيال السياسي بعدما أقرها مؤتمر الحوار الوطني بالإجماع. ومع إدراكه أن إنجاز المحكمة ليس خطوة سريعة و“لا يمكن إخراجها من الجيب كما يعتقد البعض”، فإن أي خوض في تعديلات لمشروعها ينبغي في رأي المصدر الدبلوماسي الأوروبي الرفيع ألّا يجرد المحكمة من مقاصدها وأهدافها الجوهرية.
وأبدى المصدر اهتماماً بالوعد الذي قطعه الرئيس بري للسفير الفرنسي برنار إيمييه بأن يعمد مجلس النواب في العقد العادي في آذار المقبل إلى مباشرة درس مشاريع القوانين المتعلقة بالبرنامج الاقتصادي لحكومة السنيورة كما أقره مؤتمر باريس 3 بغية وضع الإصلاح وبرامج الخصخصة موضع التنفيذ، إلا أنه لاحظ أن بري يتمسك بالأصول الدستورية المعتمدة لإحالة مشروع المحكمة على مجلس النواب وإقراره، الأمر الذي يجعل المشروع مجمداً، وقال المصدر إن بري “يعارض إقرار محكمة دولية تحت الفصل السابع، وفي الوقت نفسه لا يحيل المشروع الحالي على المجلس بلا توقيع الرئيس إميل لحود، ما يضع المشروع في مأزق”.
وشدد المصدر الأوروبي الرفيع على تمسك المجتمع الدولي بالديموقراطية اللبنانية وعمل المؤسسات الدستورية، وإدراج موقف وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي من رفض إعطاء الثلث المعطل للمعارضة اللبنانية في إطار تمسك فرنسا والمجتمع الأوروبي بالآلية الديموقراطية للمؤسسات الدستورية، لا التدخل في الشؤون اللبنانية، “أما إذا أجمع اللبنانيون على مثل هذا الخيار، فسنحترمه حتماً، وخصوصاً إذا عبّر عن تسوية سياسية اتفقوا عليها. فما نريده نحن أولاً وأخيراً احترام الأصول الديموقراطية وعمل المؤسسات الدستورية التي يدعمها المجتمع الدولي والمجموعة الأوروبية”، لافتاً إلى “أن المشكلة السياسية تلقي بثقلها على الأزمة الاقتصادية، ما يقتضي تعاطي الأفرقاء بجدية مع هذا الاستحقاق الداهم الذي حاول مؤتمر باريس 3 تخفيف وطأته، عبر المؤسسات الوطنية وخصوصاً مجلس النواب”.