سـجال بين لحـود والسـنيورة في رسـائل الى بـان والأمـم المتحـدة توقـع الوثـائق وتحيلـها إلى لبـنان
في انتظار ما سيصل إليه الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى مع السعودية وسوريا، فإن حصيلة ما قام به فريقه في بيروت كانت صفراً. ولم تحقق الجولة أي تقدم يذكر في كل المواضيع الخلافية القائمة. وبدت الصورة مطابقة لما كانت عليه قبل انطلاقة المساعي السعودية الايرانية، التي يبدو أنها مجمدة، في ظل معلومات عن رفض الولايات المتحدة وفرنسا أي تسوية من شأنها تأخير إقرار المحكمة الدولية سريعاً. وهو ما يمثل عنوان الخلاف الرئيسي بين الاطراف الخارجية التي تتولى الملف اللبناني.
وأدى هذا الموقف، بحسب مراجع قيادية في المعارضة، الى تأخير أي توافق على مبدأ تأليف حكومة الاتحاد الوطني، إذ تبلغت قوى أساسية في المعارضة تراجعاً، حتى عن مشروع المقايضة الذي كان النائب سعد الحريري قد أثاره سابقاً. وتمسكت قوى السلطة بصيغتها السابقة، التي تقول بأن المعارضة لا يمكن أن تحصل على الثلث المعطل وأن الانتخابات النيابية لن تحصل إلا في موعدها الدستوري.
وفيما عقد مدير مكتب موسى، السفير هشام يوسف، اجتماعات عديدة في بيروت، شملت معارضين وموالين من الصف الثاني، نقلت وكالة “فرانس برس” عن مصدر دبلوماسي عربي قوله أمس إن مهمة موفد الجامعة “لم تحقق تقدماً، وخصوصاً على صعيد المحكمة الدولية”. وأوضح المصدر نفسه أن “حزب الله يشترط، على غرار سوريا، إنشاء المحكمة الدولية لدى انتهاء التحقيق”، مؤكداً أن موسى سيصل بيروت نهاية الاسبوع الجاري بعد زيارة مقررة لدمشق.
وفي هذا السياق، دار سجال أمس بين الرئيسين إميل لحود وفؤاد السنيورة، على خلفية رسائل رئيس الوزراء إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وقال لحود، في رسالة بعث بها إلى بان أمس، إن الكتابين اللذين وجههما إليه السنيورة “صادران عن غير ذي صفة، ومتضمّنان مغالطات واقعية ودستورية مضللة، وحاملان في طياتهما بذور فتنة تزيد من حدة الأزمة الكيانية الخطيرة التي تعصف بلبنان وتهدد السلام والأمن فيه على نحو غير مسبوق”. ودعا لحود الأمين العام الى “إهمال” هذين الكتابين الصادرين عن “رئيس الحكومة الساقط شرعياً”، مضيفاً أن ما ورد عن ملابسات إحالة مشروع المحكمة الدولية والنظام المرفق به “فيهما تضليل والتفاف على الواقع وعلى الاحكام الدستورية والميثاقية وعلى وحدة الوطن”.
أما السنيورة فقد رد على لحود قائلاً “إن رئيس الجمهورية، من خلال الرسالة التي وجهها الى الامين العام للأمم المتحدة، وعبر الأوصاف التي ضمّنها والتعابير التي استعملها، أكد من دون شك أنه قرر أن ينال من سمعة لبنان نهائياً كدولة مستقلة ذات كيان وشخصية محترمة بين الدول”. وأضاف ان لحود “ارتكز في رسالته على حجة تقول إن الحكومة فاقدة للشرعية، وبالتالي فإن قرارها ورسائلها لا وجود لها وليست ذات صفة”، مشدداً على “أن الحكومة لا تزال تتمتع بالشرعية الدستورية الكاملة”.
وإذ شاع ليلاً أن الأمم المتحدة أقرت المحكمة ونظامها، بالصيغة التي وردتها من الحكومة، أوضحت مصادر وزير العدل شارل رزق أن ما حصل في المنظمة الدولية “هو إجراء روتيني وإداري، تنفيذاً للقرار السابق لمجلس الأمن بالموافقة على إنشاء محكمة خاصة بلبنان”. وأضافت المصادر نفسها “ان هذه الاوراق كان قد وقّعها المدير العام لوزارة العدل القاضي عمر الناطور، وأُرسلت الى الأمم المتحدة، حيث وقّعها مساعد بان للشؤون القانونية، نيكولا ميشال، وسترسل مجدداً الى الحكومة اللبنانية، تمهيداً لإحالتها وفق الاصول الدستورية الى مجلس النواب ليدرسها ويقرها”.
وقد سارع الوزير مروان حمادة مساء امس الى الترحيب بـ“توقيع الأمم المتحدة مشروع معاهدة إنشاء المحكمة”، معتبراً أن «هذه الخطوة مقدمة إلى الابرام النهائي، وتشكل انتصاراً للعدالة اللبنانية والدولية، وتتويجاً لجهود الحكومة اللبنانية».
وبحسب مصادر لبنانية رسمية متابعة لملف المحكمة الدولية، فإن توقيع المنظمة الدولية على المشروع يقتضي أن يكون على الصيغة النهائية، أي بعدما تكون السلطات اللبنانية أبرمته، فيكلف الامين العام عندئذ أحد معاونيه الإبرام من الجهة الدولية، كأن يكون معاونه للشؤون القانونية، لكون المشروع اتفاقية دولية. إلا أن ذلك يوجب أيضاً، بحسب المصادر نفسها، موافقة مسبقة من مجلس الأمن الدولي على الإبرام الذي يناط بالامين العام، أو من يكلفه، بعد أن يتحقق هذا المجلس من استكمال الشروط القانونية في المشروع. والمقصود بذلك أيضاً إقرار المشروع وفق الآلية الدستورية المعتمدة في الطرف الآخر من مشروع المحكمة، وهو لبنان، ما يعني أنه ليس في وسع الامين العام المبادرة تلقائياً بدون تفويض مجلس الامن.