السـفارة الاميركيـة تعتـرف بأن الـ 750 طـرداً تتضمّـَن مـوادّ لم يتـمّ التصـريح عنهـا
ظلت الأمور تراوح مكانها في انتظار انفراج سياسي متوقع من خارج الحدود. وتحدث رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن مساع مكتومة بهدف تحقيق انفراج سياسي، بينما واصلت قوى 14 آذار مناقشة كيفية الاحتفال بذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري وسط خلافات سببها رغبة البعض في تحرك كبير وإن أدّى إلى صدام أهلي، وهو ما يعارضه رئيس كتلة “المستقبل” سعد الحريري. إلا أن الموقف اللافت جاء امس على لسان الرئيس إميل لحود الذي قال لـ“الأخبار” إنه لن يسلم السلطة الى حكومة فاقدة للشرعية.
لحود
وقال الرئيس لحود لـ“الأخبار” امس إنه لن يسلم السلطة الى حكومة فاقدة الشرعية الدستورية إذا انتهت ولايته الرئاسية ولم يتوافر حل للأزمة القائمة بين السلطة والمعارضة، وأكد أن في إمكانه الاستمرار في الرئاسة الى أن تتألف حكومة وحدة وطنية أو يمكن أن يتخذ في نهاية ولايته الإجراء الدستوري اللازم الذي يؤدّي الى تأليف حكومة وطنية تتولى أمور البلاد بعده.
وكرر لحود التأكيد انه لن يقدم على اصدار مرسوم يعتبر حكومة السنيورة “الفاقدة الشرعية الدستورية” مستقيلة لئلا تتحول إلى حكومة تصريف أعمال وتعمل على اتخاذ قرارات كبيرة غير ملتزمة الإطار الضيق لتصريف الاعمال الذي يعتمد عادة في حالة استقالة الحكومة او اعتبارها مستقيلة. لكنه توقع زوال الأزمة بين السلطة والمعارضة في وقت ليس ببعيد بعد أن تتساقط القوى والرموز الدولية التي يتكل عليها فريق السلطة للاستمرار في تعنته ورفضه قيام حكومة الوحدة الوطنية التي تطالب بها المعارضة وتتحقق فيها المشاركة الشاملة في القرار الوطني.
واتهم لحود فرنسا بتعطيل المسعى السعودي ــــــ الإيراني الهادف الى معالجة الازمة، وقال إن الرئيس جاك شيراك يضغط لإنشاء المحكمة قبل أن يخرج من الرئاسة، مضيفاً: من الآن وحتى نهاية آذار سيقرر شيراك إما إعادة ترشيح نفسه للرئاسة فإذا فعل فـ“سيتشرشح” وإذا لم يترشح وخرج من الرئاسة فسيواجه المصير نفسه لأن فرنسا ليست جاك شيراك”.
واستغرب لحود كيف أن القضاة المعنيين يرفضون إطلاق الضباط الاربعة الذين ثبت للقضاء أن لا علاقة لهم بالجريمة وذلك بذريعة “أن إطلاق هؤلاء يؤدّي الى سقوط الحكومة”. وقال: “ما علاقة هؤلاء القضاة بشأن بقاء الحكومة أو سقوطها”.
بري
ونقل زوار بري عنه تأكيده أنه رغم سواد الصورة وحال القلق التي يعيشها الناس فإنه ما يزال عند إيمانه بأنه لا بد من إيجاد حل سياسي وأنه يعمل للتقريب بين وجهات النظر وهو على اقتناع بأن البلاد لا تحتمل انكسار فريق وغلبة فريق على آخر. وأشار الى انه يعمل بعيداً عن الاضواء لإنضاج شيء ما ربما لم تكتمل عناصره بعد وهو يستفيد من لحظة مهمة في ظل مساع عربية وإقليمية ودولية مهتمة بلبنان، لكنه يرى أن الحل في المحصلة سيكون لبنانياً لبنانياً “فالآخرون يمكنهم أن يساعدوا على التوصل الى حل ودفع اللبنانيين الى التلاقي والحل ينبغي أن ينبع في النهاية من قناعاتهم”.
وعلق بري على ما تنشره بعض وسائل الاعلام المحلية والعالمية عن سلاح ومشاريع لدى البعض، فقال: “لا حل لهذه الطموحات المستحيلة إلا بالجيش القوي وبتعزيز قدراته وليس العودة الى مقولة قوة لبنان في ضعفه، بل قوة لبنان بجيشه وعقيدته الوطنية والنضالية”. وقال: “لقد أثلجت صدري اليوم معلومات تناهت إلي ومفادها أن إسرائيل خرقت الخط الازرق فاستنفر الجيش عليها ومنعها من تجاوز الحدود متخذاً وضعية قتالية”.
مساعي موسى
من جهة ثانية أفاد مراسل “الأخبار” في القاهرة خالد محمود رمضان أن مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية السفير هشام يوسف التزم الصمت بعد عودته إلى القاهرة أمس في ختام اللقاءات التي عقدها في بيروت، وبدأ بإعداد تقرير سوف يقدمه الى عمرو موسى لدى عودته من موسكو تمهيداً لدرس الخطوات التي يمكن اتخاذها في إطار التحرك العربي المقبل في لبنان.
وقالت مصادر دبلوماسية في القاهرة “إن المناقشات تركزت على سبل إزالة العقبات التي تعترض المحكمة وتأليف الحكومة” وأشارت الى“أن المحادثات أكدت وجود ترحيب لدى مختلف الأطراف اللبنانية بدور الجامعة العربية ومبادرتها المطروحة وما تتضمّنه من عناصر لحل الأزمة”. وأضافت “إن المطلوب في الفترة المقبلة هو استمرار الجهود لتذليل العقبات التي تواجه حلحلة الموقف في لبنان وخاصة المواقف السياسية”.
أما بشأن النقاش حول الملف نفسه مع وفد الجامعة العربية، فقد أكد دبلوماسي عربي لـ“الأخبار” أن حزب الله أبلغ الوفد أنه بعد التصريحات التي صدرت عن فريق السلطة والاتهامات الباطلة والشكوك التي رافقت تحقيقات لجنة التحقيق الدولية، لم يعد في إمكان أحد السير بمشروع المحكمة الدولية كما يريده فريق 14 آذار، ولا بد من نقاش تفصيلي لأجل منع تسييس المحكمة، ولا يجوز ربط مصير هذا النقاش والتعديلات على المشروع بالبحث عن حكومة وحدة وطنية. وحسب المصدر فإن معاون الامين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل لمّح أمام وفد الجامعة الى أن الحزب بات يتفهم وجهة النظر التي تقول بأن من الافضل انتظار نتائج التحقيقات الجارية من قبل القضاء اللبناني ولجنة التحقيق الدولية قبل اتخاذ موقف نهائي من ملف المحكمة.
وحسب المصدر فإن الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى لا يزال ينتظر تحديد مواعيد له في الرياض ودمشق، وهو مقتنع بأن حصول تحسن على هذا الصعيد وفتح الباب أمام مقاربة مختلفة لملف المحكمة من شأنه تسهيل الامور الاخرى. لكن المصدر استدرك بالقول: “إن مناقشات وفد الجامعة العربية في بيروت أظهرت أن المعارضة تصر على حكومة فيها الثلث الضامن من دون مواربة على طريقة الوزير الـ11، وإنها تصر على تحديد موعد لإصدار قانون جديد للانتخابات وتحديد موعد لانتخابات نيابية مبكرة”، بينما قال فريق السلطة ــــــ يتابع المصدر الدبلوماسي العربي ــــــ “إن إقرار المحكمة شرط أولي لأي نقاش آخر، وان أي ضمانات كلامية غير كافية لمنح المعارضة الثلث المعطل وان الانتخابات الرئاسية يجب أن تسبق الانتخابات النيابية”.
ومن جهته أمل السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة أن يكون الحل لبنانياً صرفاً وقال لـ“الأخبار”: هم ادرى بما ينفع وطنهم وبلادهم وأعرَف ببعضهم البعض”.
الجميل وبوش
وفي الولايات المتحدة الاميركية عقد الرئيس الأعلى لحزب الكتائب أمين الجميل سلسلة من اللقاءات مع كبار المسؤولين هناك، وهو يلتقي اليوم الرئيس جورج بوش قبل أن ينتقل الى نيويورك. وقد أجرى من هناك اتصالات بقادة 14 آذار وأطلعهم على نتيجة الاتصالات. وقال الجميّل في تصريحات له امس إن إقرار المحكمة الدولية هو المدخل لحل الأزمة الوطنية. واتهم الرئيس لحود بأنه أحد المشتبه بهم في جريمة اغتيال الرئيس الحريري.
ومساءً رد الرئيس لحود على تصريحات الجميل، وكيف يمكن له ان يطلق هذه الاتهامات «إلا إذا كان يعد نفسه بمكافأة تعيده الى الموقع الذي أخلاه في عام 1988 تاركاً البلاد منقسمة الى دولتين».
الهبات الأميركية
على صعيد آخر، أقرت السفار ة الأميركية في بيروت بمخالفتها القوانين المرعية بشأن استقدام تجهيزات من خارج لبنان لمصلحتها أو لمصلحة أي جهة أخرى. وبعد نقاش مع “الأخبار” حول الخبر الذي نشرته امس عن وصول 750 طرداً لمصلحة السفارة تتضمن معدات لا تطابق الرسالة الاميركية الى إدارة الجمارك اللبنانية، عادت الناطقة باسم السفارة الاميركية في بيروت جولييت فور وأرسلت تصريحاً مكتوباً الى “الأخبار” فيه إقرار بالخطأ وما حرفيته: “بما أن الولايات المتحدة قد تعهدت بمليار دولار لدعم لبنان الديموقراطي، فإن السفارة الأميركية في لبنان تتسلم بشكل مستمر المواد والمعدات كجزء من التزامها أمام الحكومة اللبنانية. ويبدو أن التصريح للجمارك قد لا يكون قد عكس جميع المواد التي احتواها الـ750 طرداً التي ستسلّم الى قوى الأمن. وقد احتوى الـ750 طرداً على مواد طلبتها قوى الأمن لعناصرها”.