زياد الرحباني
...... وقتها فقط، تستطيع أن تفهم الغياب الحالي (تابع) صدّقني، هكذا أستر، فالوقت ليس مناسباً لمشجّعي الحكمة ولا الرياضي، فمشجّعو تحالف حزب الله ـــــ عون موجودون على الأرض وفي الخيام و«بوحشنة»، وهم بالإضافة إلى حشود 14 آذار «المشكّلة»، حشودٌ جديدةٌ على الوطن. إن أقطاب 14 آذار، هم أنفسهم شجّعوا على تجميد هذا النوع من النشاطات الجماعية الرياضية، خاصةً في مراحل تاريخية لإفشال المحاولات الانقلابية الحالية الشرسة. أولاً: لأنها، كما يبدو، ليست حالية على الإطلاق. ثانياً: لكونهم يفضّلون أن يتفرّغ الجيش اللبناني لتجريد حزب الله من سلاحه، على سبيل المثال، ومن خيمه ومشاريعه وجماهيره ومن الشوارع التي افترشها زوراً، إذا أمكن، هو وصاحبه «فخامة الرئيس ميشال عون»، بدل أن يهدر هذا الجيش وقته للانتشار في البيروتين تسهيلاً للابتهاج والابتهاج المضاد المرافقَين لنتائج «كرة الطائفتين للسلّة» ولضبط «الود المتبادل» الذي غالباً ما يعمّ العاصمة وكيفما دار سبحانه، ينتهي على خطوط التماس الكلاسيكية العظيمة مثل موسيقى بيتهوفن! هذا الود الذي يضرب مفاصل رئيسة كمستديرة الطيونة باتجاه الكلية العاملية ـــــ السوديكو نزولاً نحو التباريس منها إلى الخندق الغميق ـــــ بشارة الخوري رحمه الله. ثالثاً: لأن الجيش نفسه يفضّل أن يتعامل مع التجمعات البشرية الضخمة المتركّزة أخيراً في الساحتين الناجحتين: «الحرية» ورياض الصلح، الناجحتين أكثر من «عجرم وإليسا وعشتروت» وأبجدية جبيل، فقد حفظ الساحتين وصار يتفنّن بضبطهما أمنياً بشكل حضاري. يفضّلهما على مطاردة فلول مواكب المشجّعين الدرّاجة، خاصةً حين تتشتّت وتصبح «طيارة» داخل الأحياء الضيقة بمساحتها وأخلاقها عموماً. إن حدود الردع لدى قوى الجيش بعد كرة واحدة للسلّة، أضيق بكثير ممّا هي الآن، لمشاريع من العصيان المدنيّ المزعوم أو انقلابٍ سوريٍ إيرانيٍ شريرٍ على الأرز والاستقلال. قد يستعمل مدافع الدبابات هنا ويفهمه شعب لبنان العظيم. أما مباراة لكرة السلّة، كيفما كانت نتائجها وارتداداتها والفتية الدوّارين في الليالي و«الوَزَاوِز القاصرين» و«حَبّ الشباب» وعصارة المشاعر وكوكتيل الألفة والعزّة المحلّى المركّز على «بربر وساسين»، فقد تتطوّر في جميع الاتجاهات وهي، أمنياً، مبعثرة. يفضّل الجيش عليها، أن يبني جدراناً إسمنتيةً دائمة إذا لزم الأمر، حول ضريح الشهيد الحريري، المعروف أين يقع، ولذكراه المعروفة متى وأين. يفضّل التدشيم المسلّح في محيط السرايا الصامدة حتى الموت للشيعة! على تطويق الشياح وعين الرمانة ليلاً بسبب ملاسنةٍ انتهت بـ«مدافشة» مصوّرة بين اللاعبين حسين توبة وإيلي مشنتف وصليبه الذي على الجبين وعلى التلفزيون أيضاً. فحدود القوة النارية اللازمة هنا لاستتباب المشاعر والعودة إلى الوحدة الوطنية، ضيّقة. هل يمكن استعمال الرشاشات المضادة ومدافع الـ106 مباشر على حشدٍ لمناصري «الحكمة» يهيّص ويدبك على أنغام فارس كرم وطوني كيوان في ساحة ساسين؟ حتى لو رفع العديد منهم صور «الحكيم» وأعلام الفاتيكان، و«القوات اللبنانية للإرسال» تحاول جاهدةً تلافيها أثناء بثها المباشر تأكيداً على التعايش، لكن دون طائل. هل يمكنه زرع الألغام للمواكب الدرّاجة المعادية التي تطوف وتحوم حول الأشرفية، ومن ثم أسر الناجين منهم؟ شرعاً لا يجوز، خاصةً أن الدرّاجين هؤلاء، مختلطون سنّة وشيعة للأسف، ولا فتنةَ بينهم ممكنة ضد النبي عيسى، أما ضد «الحكمة» فصفاً واحداً. هذا معقّد على «أمر اليوم»، فبالملخّص فيه خطر على الوحدة.
إن في شخص صولانج بشير الجميل الآن، إشارةً من أبلغ الإشارات. فمتى عاد النشاط إلى كرة السلّة فستستقيل حكماً. وذلك اعتراضاً على السنّة الذين لم يصوّتوا لها، بل وضعوا أوراقاً في الصناديق مكتوباً عليها اسمها، الذي لم يكن سهلاً قصّه، فاسم سعد الحريري إلى جانبه، وقد ملأ صناديقهم عنوةً عنهم، وهم أهل البيت ولم يروها فيه منذ وقت طويل، لا تأتي إلى قريطم ولا يرونها على «تلفزيونهم» ولا حتى في «الباستيل الحكومي» إلى جانب المناضل السنيورة. ما همّ فابنها نديم، بالمقابل، يرعى فريق «الحكمة» ويفضّله على وليد عيدو والجلول ورفعت الحلاب، فمناصروه صانعوه، وولاؤهم «وطني» لبناني صرف. أما محمد الحجار وجمال الجراح فهل كانا يوماً من مشجّعي فريق «الحكمة» ضد الإحباط المسيحي؟ منذ متى؟ أستغفر الله. إن فريق عملهم «الأبيض المتوسط» حصر جهوده بحمل فريق «الرياضي» عالياً فاختصروا وحدهم وجه لبنان الحضاري، لبنان رفيق الحريري، لبنان ـــــ بيروت، مدينة عريقة لمَن؟ للمستقبل.
هذا ما يزعج بكركي. إن أموراً عديدةً غير سليمان بك و«الجنرال» أزعجت بكركي وأقلقت تاريخياً المطران بشارة الراعي وما فتئت تؤرّق بطرس حرب و«القرنة» السابقة حتى الآن. إن بكركي فوق الجميع، أكيد، لكنها مع «الحكمة» و«التروّي»، إن التروّي هو فريق التقدمي الاشتراكي لكرة السلّة ومصالحات الجبل، بمعنى أن التروّي واجب قبل البدء بالتهجير القادم.
(يتبع)