strong>المعـارضة تناقـش آليـة العصيـان المـدني وتوقيتـه والسـنيورة يعتبـره محاولـة لـ «نسـف الدولـة»
لا يملك أحد من قادة المعارضة أو السلطة أي إشارة على تقدم حقيقي في مساعي الاتصالات الجارية داخلياً وخارجياً. ولم يُحدد بعد موعد الاجتماع المرتقب بين الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري الذي سبق أن أجل بسبب سفر الاخير المفاجئ الى الرياض. وجاءت جلسة الحكومة أمس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة لتزيد من تعقيد الامور، ما دفع بفريق المعارضة الى اتخاذ قرار بإعداد خطة التحرك الجديدة دون ربط الأمر بنتائج الاتصالات السياسية.
وذكر مصدر دبلوماسي عربي أن المساعي لا تزال تركز على آلية التوازي بين مشروعي المحكمة والحكومة، وأن كلاً من الفريقين يطالب الآخر بضمانات متبادلة سواء ما خص عدم قبول أي إقرار أحادي لمشروع المحكمة خارجياً أو لعدم حصول استقالة أو تعطيل الحكومة. وقال المصدر إن الخلافات تأخذ بالاعتبار مواقف الدول المؤثرة إقليمياً ودولياً.
وذكر مصدر في قيادة المعارضة أن الاتصالات كانت متقدمة باتجاه حل، وأن السعودية مارست ضغطاً كبيراً على إيران وحزب الله وحركة امل من أجل التدقيق في التعديلات المفترضة على مشروع المحكمة وأن يتم ذلك سريعاً، مقابل إقرار مبدأ تقاسم الحكومة وفق قاعدة 19 + 11، وأن السعودية ابلغت الاطراف الداخلية أن الحريري وافق وأن هناك تجاوباً من النائب وليد جنبلاط، لكن هناك اعتراضاً من قائد “القوات اللبنانية” سمير جعجع. وقال المصدر إن الحريري تذرع بأنه لا يمكنه السير باتفاق لا يوافق عليه الفريق المسيحي في 14 آذار، الذي يمثله الآن جعجع، وهو ما دفع بالرئيس بري الى تأجيل وتجميد خطوته لإذاعة “إعلان نوايا”. وفسّر رئيس المجلس الأمر بأنه تعبير عن اعتراض اميركي.
وقالت مصادر قريبة من بري إنه مصدوم بما وصله من أنباء، وهو يدعو الى إمهال السلطة حتى نهاية شباط “وإلا فإنه سيبق البحصة” وأوضحت أنه عندما تحدث قبل يومين عن احتمال اللجوء الى العصيان المدني“ لم يهدّد كما تروّج قوى 14 آذار التي تخطئ في قراءة اللغة العربية وتجيد قراءة اللغتين الفرنسية والانكليزية، بل كان يحذر من الوصول الى هذا الخيار كما كان قد حذر في المرحلة الاخيرة عندما قرع جرس الكنيسة الحزين بأن هناك فتنة ستقع، ولو لم يبادر مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى احتواء الوضع، فالله وحده يعلم ما كانت عليه البلاد اليوم”.
وإذ اشارت مصادر المعارضة الى ان البحث في خيار العصيان المدني جار على قدم وساق وأن هناك نقاشاً في شأن آلياته وأفضل طريقة لتعطيل عمل الوزارات والإدارات العامة، فقد رأى الرئيس السنيورة أن العصيان المدني “ينسف أسس الدولة” وقال: “أنا أربأ بالجميع أن يسيروا في هذا المسار”.
من جهته، قال الوزير غازي العريضي إن التشاور مستمر مع السعودية، وقال: “كنا قاب قوسين للوصول الى اتفاق لكنه رُفض بسبب المحكمة الدولية” وأضاف: “ما من دولة في العالم يكون مشروع المعارضة فيها تعطيل البلاد” وتمنى “وقف شهوات العصيان”.
تحرك الحص
وفيما واصل الرئيس سليم الحص تحركه للخروج من الأزمة فهو عمل أيضاً على مبدأ التزامن بين الحكومة والمحكمة بحيث يُدرس نظام المحكمة وتُدخل عليه تعديلات لا بد منها، وبعد أن يُتفق عليها تؤلف حكومة وحدة وطنية (19 + 11) تقر المحكمة وتحيلها الى مجلس النواب، وعندما تقر المحكمة ينبغي أن تبطل حجة السلطة في عدم قبول إعطاء المعارضة الثلث الضامن في الحكومة.
وكشفت هذه المصادر أن الحص أطلع الملك السعودي على هذه المبادرة “فتجاوب معها” وأسرّ له بأن العلاقة السعودية ـ الايرانية جيدة. وأشارت الى أن زيارة الرئيس السوري بشار الاسد لطهران ساعدت على بلورة مواقفه من جملة قضايا ومنها المحكمة الدولية التي ابلغ الحص أنه يؤيّد إنشاءها طالباً منه إعلان هذا الموقف على الملأ.
وكان الحص قد جال امس على الرؤساء الثلاثة وأطلعهم على نتائج محادثاته في دمشق وطهران، واصفاً تهديد المعارضة باللجوء الى العصيان المدني بأنه “خطير جداً”، آملاً الوصول “الى حل قبل الوصول الى هذا الخيار”.
ومن جهة ثانية وافقت الحكومة في اجتماعها امس على اقتراح وزير العدل تمديد عمل لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الحريري لمدة سنة “بسبب التأخير في إقرار المحكمة وتفادياً لنتائج ذلك”. وأدى غياب الوزير الياس المر الى تأجيل البحث في ملف الاجهزة الامنية التي سبق أن أعلن المر انه سوف يلاحقها، نافياً نيته الاعتكاف إذا لم يُستجب لتصوّره، بينما كرر وزير الداخلية حسن السبع رفضه هذا البحث لأنه لا يجد ما يبرره.