روايتـان للموالاة والمعـارضة تتقاذفان المسـؤولية وبـرّي يمهّـد قريباً لخطـوة العصيان المـدني
هل بات لبنان قريباً من جولة جديدة من المواجهات في الشارع، وهل تشهد بيروت أو المناطق جولة جديدة من المواجهات المسلحة تحت عنوان العناصر غير المنضبطة؟
مرد الاسئلة هو النتيجة التي تعرف من تقاطع روايتي فريقي النزاع الداخلي لفصول الازمة عند نقطة واحدة تقول بفشل المساعي الايرانية ــــــ السعودية، وكذلك المعلومات المكدّسة لدى الاجهزة الامنية ومرجعيات سياسية وأهلية عن عمليات تسلح واسعة تجري في اكثر من منطقة لبنانية، وهو الامر الذي يترافق مع إنذارات تتحدث عنها القوى الامنية الرسمية من احتمال حصول المزيد من الاعتداءات على أمن الدولة وعلى المواطنين في ظل الانقسام السياسي القائم حالياً، فيما لم يتأكد بعد ما إن كانت التحقيقات قد توصلت الى نتائج حاسمة في شأن جرائم عدة من بينها مصدر المتفجرات التي عثر عليها أخيراً في أكثر من منطقة في بيروت.
وقالت مصادر المعارضة إن الاتصالات الجارية بين السعودية وإيران في شأن الحل تعطلت، ويمكن القول إن الجولة الاولى منها قد فشلت. وألقت باللائمة على الجانب السعودي الذي انتقل من موقع المبادر الى المساعدة في إنضاج حل الى موقع الوسيط، وهو الأمر الذي لا يضيف شيئاً في ما هو متوقع من السعودية. وقال المصدر إن اللقاءات التي كانت قائمة قبل أسبوع توقفت، وإن الاجتماعات الثنائية التي عقدت ثلاث مرات بين حركة أمل وتيار “المستقبل” توقفت هي أيضاً، وإن الامور تشير الى تعقيدات من النوع الذي يفتح الباب أمام تحرك المعارضة الاحتجاجي والعمل على إطلاق مشروع العصيان المدني.
أما مصادر 14 آذار فذكرت لـ”الأخبار” أن تعثر الحل يعود الى رفض المعارضة توفير ضمانات حقيقية في ملف المحكمة الدولية، وأن عدم توفير هذه الضمانات يتم أولاً من خلال امتناع المعارضة عن عرض ملاحظاتها على قانون المحكمة، وقالت إن هذا الموقف يدفع بفريق 14 آذار الى رفض التخلي عن الثلث المعطل في أي حكومة جديدة. ونفت المصادر وجود رغبة في تغيير البيان الوزاري، لكنها اشارت الى أن من المنطقي إعادة النقاش في كل المسائل ومنها ملف سلاح المقاومة واحترام القرار 1701. وقالت المصادر إنه ليس صحيحاً أنها أبلغت أي طرف لبناني أو عربي أو دولي قبولها بصيغة 19 + 11 وان التفهم السعودي لهذا المطلب ظل في إطار الافكار القابلة للنقاش. لكن انفتاح 14 آذار على مناقشة هذا الأمر سيظل رهن الحصول على ضمانات عملية حول إقرار المحكمة و“إطلاق سراح” المجلس النيابي في ما خص متطلبات تنفيذ مؤتمر باريس ــــــ3 من جهة ومواجهة الاستحقاق الرئاسي من جهة ثانية.
وجاء تضارب هذه المواقف في الوقت الذي يعد فيه الرئيس نبيه بري لمؤتمر صحافي تردد أنه سيعقده خلال أيام قليلة، وسوف يمنح في ختامه فريق السلطة والوسطاء العرب مهلة قصيرة إضافية قبل أن تلجأ المعارضة الى خطوات التصعيد ومن بينها العصيان المدني. وقال مقربون من بري إن مساعديه يعدّون تفاصيل وأوراق البحث الذي جرى في الفترة الاخيرة، ويعملون على تحديد نقاط التقدم والتعثر. وذكر المقربون أن بري عبّر عن انزعاج كبير من عدم تلقّيه أجوبة تتناسب مع ما كان السعوديون قد أبلغوه به في وقت سابق، وتم على أساسه التواصل المباشر مع النائب سعد الحريري ومن ثم تأليف اللجنة المشتركة بين الطرفين التي تضم النائب علي حسن خليل من جهة والنائب السابق غطاس خوري والإعلامي محمد السماك من جهة ثانية.
وكانت المعارضة قد سرّبت عبر قناة “المنار” روايتها للاتصالات، وفيها أن الجانب الإيراني تولى نقل ثلاثة مطالب هي “تأليف حكومة وحدة وفقاً لصيغة 19 + 11، وتأجيل إنشاء المحكمة الدولية حتى انتهاء التحقيق الدولي، وإقرار قانون انتخابات نيابية مبكرة”. وأضافت “جاءت المفاجأة بالتراجع والانقلاب يوم الرابع عشر من شباط بعد مقابلة النائب الحريري المتلفزة، وعندها قصد القياديان في أمل وحزب الله النائب خليل والحاج حسين الخليل السفير السعودي في منزله مساءً وكان لقاء طويل، عبّرا فيه عن استهجان المعارضة من هذا التراجع، فيما كان السفير السعودي محرجاً، مكتفياً بالقول ما أنا إلا وسيط، وأعطونا فرصة، ما زالت مستمرة حتى الآن”.
وختمت الرواية انه “إزاء التأكد من وجود مسعى إيراني ــــــ سعودي جدي يرقى إلى مصاف المبادرة، فإن الاتصالات الآن شبه مقطوعة بين السعودية والمعارضة التي سوف تضطر الى اللجوء الى خطوات تصعيدية من بينها العصيان المدني”.
وجاءت رواية “المنار” بعدما نشرت بعض الصحف الموالية لفريق السلطة امس ما اعتُبر رواية فريق 14 آذار للاتصالات، التي ركزت على أن التعثر جاء من قبل فريق المعارضة في بيروت ومن سوريا.
أردوغان
من جهة ثانية، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لقناة “الجزيرة” إن “لبنان كبلد ديموقراطي لا يستطيع طرف واحد أن يحكمه وحده”، وأضاف: “هناك نقطتان تعرقلان الحل: عدد الوزراء وتوزيعهم في الحكومة، والمحكمة الدولية والقانون الخاص بها في الدستور. في لبنان لا يمكن إنشاء المحكمة الدولية من دون أن تكون هناك حكومة لبنانية، حتى لو أقدمت على خطة لإنشاء المحكمة الدولية مع من ستعمل؟ علينا أن نكون دقيقين جداً وحسّاسين في إعداد قانون المحكمة الدولية على نحو يراعي هذه المخاوف. المطلوب من هذه المحكمة أن تجد فاعل الجريمة الحقيقي وتعاقبه، وليس أن تحاكم أناساً أبرياء من غير أي دليل”. ورأى أن “من غير العدل أن تحكم على أبرياء للتخلص منهم سياسياً. هذا ليس من العدل في شيء، لذلك فإن الدليل مهم جداً، بدون وجود دليل واضح لا يمكن أن نتهم أحداً بشيء (...) وبالتالي فإن العمل على وضع قانون المحكمة الدولية يجب أن يكون سليماً وصحيحاً حتى تكون المحكمة قائمة على أسس سليمة ولا تخدم مصالح سياسية وأعتقد أنه يمكن حل هذه المسألة من خلال هيئة داخلية أو خارجية من أصحاب العقل السليم والراجح”.