نستعيد اليوم ذاك الشعور الوطني الجميل الذي تفرزه الحماسة الجارفة لمنتخبنا في كل مرة ينشط فيها في استحقاق خارجي.ابتداء من اليوم يحمل منتخب لبنان الاولمبي لكرة القدم هذا الشعور الينا مع انطلاق مشواره في تصفيات كأس آسيا للاعبين دون 23 عاماً، وهي اولى الخطوات في الدرب الطويل الذي يوصل الى دورة الالعاب الاولمبية، التي ستقام في ريو دي جانيرو بالبرازيل السنة المقبلة.

طبعاً، الكل يدرك صعوبة المهمة، وخصوصاً ان تاريخنا على صعيد التصفيات الاولمبية لم يصل الى تلك المرحلة المتقدمة، التي بلغها المنتخب الاول حديثاً من خلال تصفيات كأس العالم، لكن تلك الحقبة الاخيرة بالتأكيد اصبحت تعزّز لدينا الامل في كل مرة يخرج فيها منتخب وطني الى استحقاق ما، وذلك على اعتبار انها اعطتنا الثقة بامكانية مواجهة ايٍّ كان من اقراننا في القارة من دون اي خوف.
هذا هو من دون شك الشعور الذي سيطر اصلاً في محيط لاعبينا منذ بدء الاستعدادات لهذه المرحلة، وكان بالامكان لمسه في اي زيارة لحصةٍ تدريبية خاصة بمنتخبنا. هؤلاء الشبان يعلمون ان الطريق الى الاضواء يبدأ من محطة عُمان، وهم يعلمون انهم امام مسؤولية البناء على الحجر الاساس الذي وضعه المنتخب الاول، وهم يريدون بطبيعة الحال ان يثبتوا انه باستطاعتهم ايضاً جعل اسم لبنان حديث القارة مجدداً.
الحقيقة لن تكون مفاجأة اذا ما عاد منتخبنا بنتائج طيّبة من هذه التصفيات، وذلك انطلاقاً مما ذكرته سلفاً، اضافةً الى ان لاعبي هذا المنتخب هم الافضل على مستوى هذه السن، وغالبيتهم ينشطون مع فرقهم في بطولة الدوري المحلي، لا بل ان الكثيرين منهم يؤدون دوراً اساسياً ومؤثراً في المباريات حيث لم يعد بالامكان اخراجهم من حسابات المدربين.
صحيح ان منتخبات العراق وعمان والبحرين تملك كل الامكانات الفنية واللوجستية للتفوق على منتخبنا، لكن يمكننا ان نمنح «رجال الارز» الحافز من خلال تأكيد ثقتنا بهم بغض النظر عن حجم التحدي الذي ينتظرهم في هذه التصفيات، وهو الامر الذي بلا شك سيكون داعماً للاعبين، تماماً كما كان الحال عليه في الحقبة المونديالية للمنتخب الاول، حيث كان الدعم الشعبي والاعلامي الجارف من الاسباب الرئيسة في تحويل لاعبين يخوضون غمار بطولة هواة الى مجموعة قوية ومتماسكة تستمد قوتها من المسؤولية المنوطة بها، التي تخص حالة ترقبنا وانتظارنا لنتائج تضع الكرة اللبنانية مجدداً بين كبار القارة الصفراء.
لذا ان يكون «منتخبنا شعارنا» منذ اليوم حتى نهاية التصفيات الاسبوع المقبل، هو امر يتخطى مسألة الشعارات الكلاسيكية التي تُطلق عادة في مناسبات كهذه، اذ لا بدّ ان يشعر هؤلاء الشبان بأن اي مباراة هي حالة وطنية بحدّ ذاتها. وهذا الامر كان قد بدأ، ويمكن التوقف عنده، من خلال تلك الفكرة اللافتة التي ظهّرتها قناة «الجديد» الناقلة لمباريات منتخبنا، والتي تمحورت حول جعل المنتخب شعار الجميع في شهر اذار الذي ارتبط دائماً بالشعارات السياسية الخاصة بمعسكري 8 و14 اذار.
فعلاً في شهر اذار 2015 منتخبنا هو شعارنا، هو شعورنا الوطني، وهو الذي سيعطينا الشعور الاجمل عبر انتصارات نترقبّها لكوننا اعتدنا الاهداف والنقاط، واسقاط المنافسين والتفرّج على الصدمة التي تطبع وجوههم، وخصوصاً اولئك الذين ينظرون دائماً الى لبنان على انه بلد صغير وغير حاضر في اللعبة او على خارطة الكبار.