السنيورة واليونيفيل ينفيان الظهور المسلح وصمت إسرائيلي رسمي واستنفار جوي وبرّي على الحدود
أكد «حزب الله» ما نشرته «الأخبار» عن المناورات التي أجرتها المقاومة الإسلامية في الجنوب، فيما جاء أول تعليق إسرائيلي على لسان مصدر سياسي وصف المناورات بأنها «استفزاز» لإسرائيل محذراً من معاودة هذا الأمر فيما طالب مصدر عسكري إسرائيلي الحكومة اللبنانية بتطبيق قراري مجلس الأمن 1559 و1701.
وترافق التحذير الإسرائيلي مع استمرار نشر آلاف الجنود الإسرائيليين على الحدود مع لبنان، وتحليق كثيف لطائرات العدو في الأجواء اللبنانية، مترافقاً مع إطلاق بالونات حرارية من الناقورة الى الزهراني، فيما استحوذ ما نشرته «الأخبار» عن المناورات على اهتمام الأوساط السياسية والدبلوماسية والعسكرية. وقد تسارعت الاتصالات بين قيادة القوات الدولية والأجهزة الأمنية والحكومة، وتم الاتفاق على إصدار النفي، استناداً الى تقارير قادة عسكريين من الجيش اللبناني والقوات الدولية، التي أفادت بعدم ملاحظة أي ظهور مسلح، وهو ما لم يحدث أصلاً.
وبناءً على ذلك نفت «اليونيفيل» والحكومة صحة المناورات، وقد لوحظ أن كلاً من النفيين استند الى الآخر، فرئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي اضطر للخروج عن صمته إزاء المناورات الاسرائيلية على الحدود اللبنانية بعدما سئل عن المناورات التي أجرتها المقاومة، فأدان المناورات الإسرائيلية وقلل من شأن مناورات المقاومة، معتبراً «أن ما جرى كان محاكاة على الورق داخل غرف، لم تترجم على الأرض لا من قريب ولا من بعيد»، مستنداً إلى «المعلومات من قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي وقيادة قوات الطوارئ»، فيما استندت الناطقة باسم القوة الدولية ياسمينة بوزيان في نفيها حدوث المناورات الى أن «السلطات اللبنانية نفت هذا الخبر».

حزب الله

إلا أن «حزب الله» أكد إجراء المناورات على لسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، واصفاً المناورات بأنها «ضخمة ومهمة كاستعداد وكجزء من الجهوزية كي لا نباغت، وذلك بعدما قامت إسرائيل بمناورة ضخمة جداً بمشاركة 50 ألف جندي وضابط من رتب مختلفة، ولم تكن مناورة جبهة محدودة، بل كيانية تعني كيان إسرائيل بالكامل، وبالتالي ليست مجرد تقوية للألوية بل استعدادات لحرب مستقبليةوأوضح قاسم في مقابلة مع تلفزيون «otv» مساء أمس أن مناورة الحزب «غير عسكرية، بمعنى أنه لم يحصل فيها نقل سلاح في المنطقة الممنوع فيها ذلك، كذلك لم يكن هناك ظهور مسلح، والقوات الدولية أحست بحركة شباب وتنقل. ولكن لم يكن هناك بروز أو حضور عسكري. نحن التزمنا بالقرار 1701. وأخذنا في الاعتبار ظروف البلد ووجود القوات الدولية والجيش. وهذا النمط من التحرك لا يستوجب التنسيق».
وانتقد التعاطي الرسمي اللبناني مع المناورات الاسرائيلية التي «كان من المفترض أن تُحدِث ضجة كبيرة في لبنان وصراخاً على مستوى الدولة، وعلى الأقل، رسالة من السنيورة الى مجلس الأمن». وبرّر مناورة الحزب بالقول: «نحن وجدنا أن واجبنا هو التعبير عن حضورنا وجهوزيتنا كي تفهم الرسالة جيداً، بعيداً عن الرسائل الصوتية، بل العملية. نحن مضطرون لأن نعمل بما يمليه علينا ضميرنا في هذا الشأن».
ونقلت وكالة «رويترز» عن «مصادر أمنية وسياسية» تأكيدها إجراء المناورات، «ولكن ليس على المستوى الواسع الذي أوردته الصحف». وقالت المصادر إن المناورات «تظهر أن حزب الله خفف السياسة التي يتبعها منذ أمد طويل والتي تحيط أنشطته العسكرية بنطاق من السرية الأمر الذي يتيح لإسرائيل أن تعرف المزيد عن قدراته في إطار استراتيجية جديدة للردع».
كذلك أكد مصدر سياسي مقرب من الحزب أنه مهما كان مدى جدية المناورات فإن تسريبها الى الصحافة هو جزء من تغيير في استراتيجية «حزب الله». وأوضح المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أنه «خلال مراجعته لحرب العام الماضي وأسبابها وطريقة خوضها وصل الحزب الى استنتاج بأنه كان من الخطأ بناء قدراته وسط سرية». وأضاف: «الاسرائيليون لم يعرفوا قوة حزب الله الحقيقية فسارعوا الى الحرب معتقدين بأنهم يستطيعون سحقه خلال بضعة أيام مما أوقعهم بخطأ في الحسابات».
ولفت المصدر الى أن الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله أدلى منذ الحرب بتصريحات غير معتادة عن القوة العسكرية للمقاومة، بدءاً من تصريحه بأن لدى حزب الله أكثر من 30 ألف صاروخ بعضها قادر على الوصول الى أي جزء من إسرائيل وصولاً الى تعهده بـ«مفاجأة كبرى» ستغيّر توازن أي صراع مقبل. وخلص المصدر الى أن «كل هذا الكلام يهدف الى ردع إسرائيل ومنعها من مهاجمة لبنان مرة أخرى»، وإلى أن الحزب «لا يبحث عن معركة بإرساله هذه الرسائل، بل يريد تجنّبها».
من جهتها نقلت «وكالة يونايتد برس انترناشونال» عن مصدر سياسي إسرائيلي طلب عدم ذكر هويته، قوله «إننا لا نتطرق لهذه الأنباء (مناورات المقاومة) فهذه شؤون داخلية لبنانية ويجب على لبنان معالجة أمرها».
ورأى المصدر أنه «في صيف العام الماضي تلقى حزب الله ضربة بحيث لا يفترض به الآن أن يحاول ثانية استفزاز إسرائيل».
بدوره، شدّد مصدر عسكري إسرائيلي طلب أيضاً عدم ذكر اسمه تعقيباً على ما نشرته «الأخبار»، أن «على حكومة لبنان معالجة الموضوع وعليها أن تفرض سيادتها على أراضيها» ورأى أن التقرير «يدل على أنه ما زالت هناك في لبنان دولة داخل دولة ونحن نرى أن على حكومة لبنان تنفيذ قراري مجلس الأمن الدولي 1559 و1701 بخصوص لبنان» معتبراً أن «القرارات الدولية تؤكد أنه لا يفترض أن يمارس حزب الله نشاطاً عسكرياً في المنطقة الواقعة جنوبي نهر الليطاني».
وتساءل المصدر «ما هو الهدف من هذا التقرير المنشور وما الذي يريد حزب الله تحقيقه من وراء مثل هذا التحقيق؟ هل يريد صرف الأنظار عما سبّبه خلال الحرب الأخيرة؟».
من جهة أخرى، عبّر ضباط إسرائيليون في الاحتياط عن قلقهم من التقرير عن مناورات المقاومة. وقال اللواء في الاحتياط أيال بن رؤوفين، الذي كان قائد الطابور الشمالي في الجيش الإسرائيلي «إن على إسرائيل الرد بشكل ما على هذه المناورات».
ونقل موقع معاريف الالكتروني عن بن رؤوفين قوله «علينا أن نحاذر من أن نكون نعامة وإلا فإن النتائج ستكون كارثية للغاية». لكنه أشار الى أنه ليس لديه «معلومات محددة عن المناورات الكبيرة، مثلما نشر في وسائل الإعلام، لكن إن جرت هذه المناورات فعلاً فإن على إسرائيل إعطاء تحذيرات مناسبة فقد جلسنا سنوات على الجدار لكي نفهم ما أهمية ذلك».
ودعا إلى «مراقبة واضحة لما يحدث في الجانب الآخر والتأكد من أن كل تجاوز لخط أحمر سيجر رداً».
وتطرق بن رؤوفين إلى انتشار الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان، لكنه قال إنه «لا توجد توقعات كبيرة في إسرائيل من اليونيفيل، لكن هناك قوات الجيش اللبناني التي انتشرت في جنوب لبنان من أجل أعمال كهذه، ومسؤولية منع تعاظم قوة حزب الله تقع على عاتقهم».
وقال ضابط احتياط آخر يحمل رتبة لواء إنه «لا شيء مفهوماً من تلقاء نفسه في هذه القصة ويجب التدقيق في ما إذا كان جهاز الأمن الإسرائيلي قد راقب هذه المناورات، فحزب الله لم يضعف وهذه حقيقة، إنه آخذ بالتعاظم ويحظر على إسرائيل الموافقة على هذا الوضع ويجب الرد من خلال عمل عسكري وإلا فإن اللقاء (يقصد مواجهة عسكرية) معهم في المستقبل سيكون صعباً».