موفد فرنسي لمواكبة الانتخابات وموسى إلى دمشق والرياض قبل بيروت... والجيش سيخرج ولن يعود إلى الثكنفيما ارتفعت أصوات السياسيين في بيروت منذرة بموجة تصعيد خلال ما تبقّى من أيام فاصلة على انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، بدا أن القوى المحلية على اختلافها تسير على خطين في الوقت نفسه، خط الاستعداد لمواجهات متنوعة إذا تعذّر التوافق، وخط انتظار آخر المساعي الخارجية المفترض أن يقوده الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مباشرة بعد عودته من الولايات المتحدة الأميركية.
وحسب مصادر متعدّدة، فإن ساركوزي قرر إيفاد المدير العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان إلى بيروت خلال الساعات المقبلة، حيث من المقرر أن يبقى هذا المسؤول في لبنان حتى الرابع والعشرين من الشهر الجاري، وسوف يعقد لقاءات مع جميع المعنيين بالاستحقاق ساعياً إلى توافق اللحظة الأخيرة، علماً أن زميله المستشار الدبلوماسي دافيد ليفيت انتقل إلى الولايات المتحدة بعد اجتماعه مع الملك السعودي عبد الله في أوروبا، وهو سيكون على تواصل مع زميله غايان ومع الوزير برنار كوشنير قبل اتخاذ الأخير قراره النهائي بالسفر إلى بيروت أو لا.
وكان الموضوع مدار بحث بين وزير الخارجية الإيطالي ماسيمو داليما المتوقع أن يزور بيروت أواخر الأسبوع ونظيره السعودي سعود الفيصل في روما أمس. وقال داليما إن الوضع اللبناني يمرّ في مرحلة «دقيقة». لكنه أضاف «لا أريد أن أقول نحن متفائلون، لكن الأمور، بحسب اعتقادي، تسير صوب الاتجاه الصحيح». وشدّد على أن إيطاليا «تدعم جهود الحل التوافقي، الذي يرتكز على قبول واسع للخروج من الأزمة الراهنة» المتعلقة بالاستحقاق الرئاسي.
وكان قد وصل الى بيروت أمس هشام يوسف مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، والتقى الرئيس فؤاد السنيورة ونواباً من المعارضة والموالاة، وقال إنه في مهمة تحضيرية لزيارة موسى إلى بيروت، وهي زيارة مرتقبة بعد زيارتين لموسى إلى دمشق والرياض.

تصعيد سياسي

وفي ما بدا أنه استنفار سياسي، عقد أركان من المعارضة أمس اجتماعاً في منزل الرئيس عمر كرامي وجرى التباحث في الأوضاع القائمة ودرس خطة مواجهة حيال جدية قيام فريق 14 آذار بانتخاب رئيس من دون توافق. وهو ما تولّت القوات اللبنانية تسويقه من خلال القول إن البطريرك الماروني نصر الله صفير لم يعد لديه أي دور في الموضوع، وإن الكرة في ملعب الرئيس نبيه بري والمعارضة.
في هذا الوقت كان صفير يبحث في الأمر مع موفد الرئيس فؤاد السنيورة الدكتور رضوان السيد. ونقل عن صفير أنه «غير متشائم وسيعطي المساعي التوافقية الجارية فرصة حتى الاثنين المقبل موعد الجلسة الانتخابية المقررة ،آملاً أن يتوصل فريقا الموالاة والمعارضة إلى اتفاق على شخص الرئيس العتيد خلال الأيام المقبلة، لكن إذا لم يحصل هذا الاتفاق «فسيكون بعد 12 الجاري لكل حادث حديث» ملمحاً بذلك إلى احتمال الدخول في تسمية مرشحين يعتقد أنهم توافقيون.
أمّا زوّار بري فقد نقلوا عنه تعلّقه بالفرصة الأخيرة المتمثلة بزيارة الرئيس الفرنسي إلى واشنطن، وقال إن حواره مع الحريري ينتظر نتائج هذه الزيارة والقرار النهائي للبطريرك صفير.
من جانبه، حذّر العماد ميشال عون من انتخاب رئيس بنصاب النصف زائداً واحداً، وقال إنه «انقلاب على الدستور وعلى الأعراف الدستورية اللبنانية»، ورأى أن بقاء حكومة السنيورة في حال عدم حصول انتخاب رئيس جمهورية في الموعد الدستوري «هو فراغ في الحكم». وأكد أن المعارضة سيكون لها ردّ مشترك على الحالتين، لكنه لم يكشف طبيعة هذا الرد. واتّهم رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط بإقامة «مخيمات تدريب على السلاح في إقليم الخروب».

الأمن والفراغ

من جهة ثانية، وفي الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من حصول الفراغ، تقدمت الهموم الأمنية على غيرها. وخصص مجلس الأمن المركزي جلسته أمس للبحث في ما يمكن أن يؤول إليه الوضع، وطلب وزير الداخلية حسن السبع من ممثلي الأجهزة الأمنية اتخاذ التدابير الكفيلة بتعزيز سلطة الحكومة على مختلف الوزارات والمؤسّسات العامة، وضبط الوضع الأمني في مواجهة أي ردّ فعل يمكن أن تلجأ إليه المعارضة إذا تقرّر القيام بنوع من الاحتجاج الشعبي أو أي شكل من أشكال الرفض لسلطة حكومة السنيورة.
وفيما أكد القادة الأمنيون أن الإجراءات الأمنية معروفة، وقد سبق للجيش أن اتخذها في مناسبات عدة، لفت بعضهم إلى أن الخشية الحقيقية هي من توسّع ردود الفعل الرافضة لتشمل كل المناطق، متسائلاً: كيف يمكن القوى أن تضبط الوضع في ظل الانقسام والفرز السياسيين.
وعُلم أن الجيش استجاب لطلبات عدّة بأن يكون حاضراً على الأرض. وقالت مصادر معنية إن قرار سحب الجنود إلى الثكن لم يعد قائماً والمشكلة التي قد تواجهها قيادة الجيش تقوم إذا تألّفت حكومة ثانية وبات مضطراً لأن يأخذ بقرار هذه الحكومة أو تلك. غير أن الجيش سوف يقوم بعمليات انتشار في كل النقاط الحساسة، وثمة نقاش معه بشأن نصب دوائر أمنية حول كل الوزارات والإدارات العامة لمنع التعرض لها.
غير أن التحرك الأكبر بدأته قوى الأمن الداخلي من خلال نشاط لافت لمخبري فرع المعلومات داخل الإدارات الرسمية حيث يجري فرز الموظفين بين موالين ومعارضين، إضافة إلى مسح أمني للمناطق كلها مع تكثيف للدوريات المعلنة وغير المعلنة في أكثر من منطقة في بيروت الكبرى.