حبّ فرنسي ــ أميركي متبادل ساد أجواء واشنطن أمس، حين كرّس سيّد الإليزيه نيكولا ساركوزي زيارته النوعيّة إلى الولايات المتّحدة لتأكيد «الصداقة الأبديّة» بين البلدين. شعور بادله إيّاه نظيره جورج بوش حين وصفه بأنّه رجل «عميق القيم» يريد مثله «حلّ المشاكل» [التفاصيل] (ماندل نغان ـ أ ف ب)
برّي ينتظر والحريري قرار صفير وعون يلتقي قائد الجيش ووحدات عسكرية تنتشر في «مناطق توتر»

منح الرئيس الأميركي جورج بوش فرنسا تفويضاً لإدارة ملف التفاوض مع سوريا والأطراف الاخرى المعنية بالملف اللبناني، وأعرب في ختام لقاء مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن ارتياحه الى طريقة عمل الفرنسيين مع سوريا. وقال إن بلاده تعمل مع فرنسا وأطراف أخرى لإنجاز الانتخابات الرئاسية اللبنانية قبل انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود.
وفي وقت لاحق من مساء أمس، عقد ساركوزي لقاءً مع نظيره الأميركي في «ماونت فيرنون» خارج واشنطن، وهو المنزل التاريخي للرئيس الأميركي الأوّل جورج واشنطن. وبعد الخلوة، قال بوش إنّه «مرتاح» إلى الحوار الذي تجريه فرنسا مع سوريا حول الأزمة اللبنانيّة، غير أنّه شدّد على فكرة أنّ «على لبنان أن يقرّر مصيره بنفسه». وأشار بوش إلى أنّ «هدفنا المشترك هو أن تعيش الديموقراطيّة في لبنان وتنمو وتكون مثالاً للآخرين، ونحن سنعمل مع فرنسا وآخرين لنرى الآليّة الانتخابيّة الرئاسيّة تكتمل في موعد الرابع والعشرين من تشرين الثاني الجاري».
وفتح الموقف الاميركي الباب واسعاً أمام تحرك فرنسي خاص يبدأ غداً الجمعة مع وصول المدير العام للرئاسة كلود غايان ومستشار ساركوزي الدبلوماسي دافيد ليفيت على أن يغادر الأخير بعد يومين فيما يبقى غايان بضعة أيام أخرى، وسط إشارات إلى احتمال حصول تطورات كبيرة خلال الأسبوع المقبل. وقالت مصادر مطّلعة على التحرك الفرنسي إن وزير الخارجية برنار كوشنير سيزور بيروت مطلع الأسبوع المقبل،
وإن الجانب الفرنسي أبلغ الاميركيين أنه حصل على دعم سوري لإجراء انتخابات رئاسية لبنانية توافقية هادئة تأتي برئيس غير معاد لها ويعمل على إعادة تنظيم العلاقات بين الطرفين، ويكون في الوقت نفسه مساعداً على تحقيق التزام لبنان جميع القرارات الدولية. وذكرت المصادر أن الموقف السوري نقل الى القيادة السعودية التي أبدت دعمها للجهود الفرنسية، وكذلك فعلت إيران والفاتيكان، وأن الأمر كان متوقفاً على القرار الأميركي.
وحسب الآلية التي سيتبعها الفرنسيون، قال مرجع كبير لـ«الأخبار» إن مسألة البحث في مواصفات الرئيس تجاوزها الجميع، وهناك قاعدة تمثّل القواسم المشتركة لانتخاب رئيس توافقي، والمهم الآن هو الوصول الى الاسماء، والحديث يدور عن صيغة من اثنتين، الاولى تقول بأن يحصل الموفدان الفرنسيان على مقترح من الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري ويُنقل الى البطريرك الماروني نصر الله صفير للتوافق على الحل، أو القيام بخطوة معاكسة، رغم أن صفير أبلغ من يهيّئ للزيارة بأنه غير راغب في دخول لعبة الأسماء لأنه يخشى أن يؤدّي ذلك الى انقسام أكبر في الوسط المسيحي، وأنه سوف يسعى من جديد الى عقد اجتماع عاجل للقيادات المسيحية بغية التوصل الى تفاهم على هذه النقطة.
وقال معنيون بهذه الاتصالات إن صفير اقترح اجتماعاً رباعياً يجمع العماد ميشال عون والرئيس أمين الجميل والنائب السابق سليمان فرنجية وقائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع، لكن الأخير رفضه، وإن صفير دفع باتجاه اجتماع آخر موسّع ولكن لم يحصل بعد على أجوبة من كل المعنيين.

بري: ننتظر صفير

في هذه الأثناء قال الرئيس بري إنه لا يملك أي معطيات جديدة لا هو ولا النائب سعد الحريري، ما يوجب أن يجتمعا سريعاً. وقال برّي لـ«الأخبار»: نحن في مرحلة انتظار الموقف النهائي للفريق المسيحي، وحتى اللحظة لم يبلغنا البطريرك الماروني نصر الله صفير بموقف نهائي، وهو يسعى لجمع القيادات المسيحية في أقرب وقت، وقبل ذلك لا أقدر أنا ولا الحريري على اتخاذ أي قرار أو موقف بمعزل عن رأي القيادات المسيحية.
وأوضح بري أن «ما ينقل عن لسان صفير وما يعلنه هو شخصياً غير كاف لاتخاذ القرار. وقال إن أي معلومات جدية عن محادثات واشنطن بين الرئيسين جورج بوش ونيكولا ساركوزي لم تصل بعد. وعلمنا أن الفريق الذي سيوفده الرئيس الفرنسي أخّر مجيئه الى الجمعة أو السبت وأن أحد مستشاريه سوف يبقى وقتاً طويلاً في بيروت بينما يغادر آخر. وبالتالي ـــــ ختم بري ـــــ ليس معلوماً بعد ما إذا كانت جلسة 12 الشهر الجاري قائمة أم تؤجل لبضعة أيام. لكنه بقي على تفاؤله لأن البديل من التوافق هو الفوضى التي لا تناسب أي لبناني».

المطارنة

وكان مجلس المطارنة الموارنة قد أطلق أمس مواقف ظلت عامة، لكنه حمّل الموالاة والمعارضة مسؤولية «المأزق الكبير». وقال البيان «إن الوضع العام الذي يتخبّط فيه لبنان لا يدعو الى راحة البال». ورأى «أن إصرار كلتا الجماعتين على موقفها يضع البلد بأكمله في مأزق كبير، وشلل تام، وهذا من شأنه أن يعطل ليس النظام الديموقراطي الذي يتميّز به لبنان وحسب، بل أن يودي بلبنان الى تفكك لم يسبق أن واجهه من قبل» وقال إن هذا الأمر، «مسؤول عنه، سواء الفريق الذي يتفرد أو الفريق الذي يقاطع عملية الانتخاب».

عون وقائد الجيش

في غضون ذلك باشرت وحدات من الجيش اللبناني عملية انتشار غير واسعة في مناطق عدة من بيروت، وذلك ضمن خطة تقضي بمنع أي احتكاك بين مجموعات سياسية متعارضة في مناطق موصوفة بالتوتر في أحياء عدة من بيروت الكبرى. ويفترض أن يتواصل الانتشار خلال الايام الفاصلة عن موعد الثاني عشر من الشهر الجاري، إلا إذا أعلن الرئيس بري مسبّقاً تأجيل الجلسة الى موعد لاحق.
وكان الموضوع الامني مدار بحث أمس في اجتماع جديد بين العماد عون وقائد الجيش العماد ميشال سليمان الذي أكد أن الجيش سوف يقوم بكل ما عليه لمنع الفتنة.