strong>كوشنير يواصل المساعي الفرنسية وبرّي متمسك بالحوار وصفير يتمسّك برفض التسمية ويدرس دعوة القيادات المارونية للتشاور
بدا الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله كأنه قلب الطاولة على رؤوس الجميع. وفي لحظة البحث عن تفاهمات بدت صعبة أصلاً، أعاد النقاش الى المواصفات الفعلية للرئيس المقبل، من عمله الداخلي وموقفه من القرارات الدولية الى الملفات الإصلاحية الداخلية، واضعاً عدم التوافق في مقدمة الاحتمالات ومنطلقاً نحو مناشدة الرئيس إميل لحود اتخاذ «المبادرة الإنقاذية» التي تعني عملياً إما تأليف حكومة ثانية وإما البقاء في القصر الجمهوري.
وفيما ردّت أوساط فريق 14 آذار على كلام نصر الله بتكرار الدعوة الى انتخاب رئيس بالنصف زائداً واحداً كما لمّح النائب سعد الحريري وصرّح به لاحقاً الوزير أحمد فتفت، فإن أقطاب هذا الفريق رأوا أن موقف نصر الله يعرقل المبادرة الفرنسية التي لم تتضح كامل معالمها بعد. واتصل النائب الحريري بالرئيس بري مساء أمس مستفسراً موقفه من خطاب نصر الله، وقال له: إنه خطاب تصعيدي ونبرته عالية جداً. ورد بري: إن نصر الله قال إنه ضد القرار 1559، وأنا أيضاً ضد أن يأتي رئيس مهمته تنفيذ هذا القرار.
واتفق بري مع الحريري على استمرار التواصل في ما بينهما وانتظار الجولة الجديدة من المساعي الفرنسية التي يقودها الوزير برنار كوشنير.
وقال قطب بارز في 14 آذار لـ«الأخبار» إن كلام نصر الله «موجّه الى غيرنا، ونحن لا نوافقه على ما قاله وهو ربما كان يوجه كلامه الى الرئيس بري، وهل يريد منا أن نقدم له تقريراً عن عشر سنوات مقبلة، عليه أن يدرك أن زمن إميل لحود انتهى». وأعلن أن موقفاً باسم قوى 14 آذار مجتمعة سوف يخرج رداً على نصر الله.
وفي المقابل بدا الارتياح كبيراً لدى أقطاب المعارضة ولا سيما الوزير السابق سليمان فرنجية والعماد ميشال عون الذي سيكون له موقف في حوار يبثه تلفزيون «المنار» مساء اليوم، فيما رأى الرئيس نبيه بري أن موقف حليفه لا يعطل المحاولات الوفاقية بل هو جزء من النقاش القائم حولها.

نصر الله: المواصفات

وفي خطاب شامل ألقاه لمناسبة الذكرى الـ25 لتأسيس «مؤسسة الشهيد» أكد نصر الله أن المناورات الاخيرة التي أجرتها المقاومة الاسلامية في الجنوب تمثّل رسالة الى العدو وفيها أن المقاومة جاهزة للرد على أي عدوان ولديها ما يكفي من إمكانات وقدرات بشرية لتحقيق هذه المهمة، وقال «المقاومة في لبنان جاهزة ليلاً ونهاراً وفي كل المواقع للدفاع عن كل لبنان وليس فقط للدفاع وإنما هي متوثبة لتصنع الانتصار التاريخي الذي يغيّر وجه المنطقة».
كذلك أشار نصر الله الى الكلام عن أوضاع معينة في مخيمات بيروت والضاحية وأكد أنه لن تكون هناك حرب مخيمات جديدة داعياً كلاً من الجانبين اللبناني والفلسطيني الحزبي والرسمي والشعبي الى العمل لمنع حصول أي شيء.
أما في الشأن الداخلي فإن نصر الله تحدّث بلغة واضحة عن الاستحقاق الرئاسي محدداً النقاط الآتية:
أولاً: إن طريقة الانتخاب وروحيته تشيران إلى المسار السياسي العام الذي سيذهب إليه لبنان، فهل هذا الرئيس لديه مشكلة في حكومة شراكة وطنية؟ بعد الرئيس ستأتي حكومة، هل هي حكومة شراكة، أم حكومة استئثار؟ وكيف ستتصرف؟ أيضاً بعد ذلك سيُعيّن قائد جديد للجيش اللبناني وباقي الاجهزة الامنية. أليست هذه أسئلة مدعاة قلق؟
ثانياً: لا يمكن التسامح في مسألة الاستحقاق الرئاسي أو تبويس اللحى. الفريق الآخر يريد الرئيس منه وأيضاً الحكومة وقائد الجيش، ويعلن أنه جزء من المشروع الاميركي، فكيف يمكن لهذا الفريق أن يتسلم الحكم في البلد.
ثالثا: نريد رئيساً غير الذي يريده الاميركيون، لأن هؤلاء لا يريدون من الرئيس إلاّ تنفيذ القرار 1559، وأقول: لو جاء العالم كله فلن يستطيع أن يطبق الـ1559 في بند سلاح المقاومة.
رابعاً: نريد رئيس جمهورية يجمع ولا يخلق فتنة، وأن يكون مؤتمناً على حكومة تحارب الفساد وتوقف الهدر، لأن أكبر عملية نهب للدولة تجري في هذه الأيام ومنها خصخصة الخلوي. وسنواجه هذا البيع.
خامساً: المعارضة لن تعترف برئيس النصف زائداً واحداً، وسنعتبره غاصباً ومعتدياً على السلطة، ويتصرف بأمور الدولة بشكل غير قانوني.
سادساً: المطالبة بإجراء انتخابات نيابية مبكرة وعلى الكل أن يخضع لنتائجها مهما كانت، وسنلتزم تجاه من يحصل على الاغلبية المطلقة، ولكن ليس بالتزوير والخداع، ويتعهد الفريق الخاسر بتوفير نصاب الثلثين.
وأخيراً ناشد نصر الله الرئيس لحود أن يقوم بما يمليه عليه ضميره وقسمه اليمين الدستورية على حفظ البلاد، فيقدم على خطوة مبادرة وطنية إنقاذية إذا لم نصل الى انتخاب، لأن بقاء الحكومة الحالية أسوأ من الفراغ وأيضاً الانتخاب بالنصف زائداً واحداً.

بري والحريري وصفير

في هذه الأثناء، ينتظر أن يصل إلى بيروت وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير لمتابعة الاتصالات، وسوف يكون على جدول أعماله ردود الفعل على خطاب نصر الله، لكنه سوف يؤكد على حضور بلاده من أجل التوافق على رئيس قبل الرابع والعشرين من الشهر الجاري، وهو سيلتقي كبار المسؤولين وشخصيات سياسية.
وبعد النداء الذي وجهه الرئيس بري والنائب الحريري الى البطريرك صفير لدعوة القيادات المارونية الى اجتماع لإعداد لائحة بأسماء مرشحين توافقيين، فإن بكركي ظلت على موقفها، وقال صفير لزواره أمس: إن المجلس النيابي لم يتحمل مسؤوليته، ولو فعل ذلك لما رمى علينا هذه المسؤولية. وكرر أنه لن يدخل في لعبة تسمية المرشحين، علماً بأن صفير سوف يشارك اليوم في خلوة البطاركة التي تمتد لعدة أيام، ولم يعرف ما إذا كان سيخرقها لأجل مقابلة الموفدين الفرنسيين.
ونفت مصادر قريبة من عون وفرنجية أن يكون صفير قد وجه الدعوة إليهما لعقد اجتماع يضمّهما مع الرئيس أمين الجميل والدكتور سمير جعجع. وقالت هذه المصادر إن الآلية المطروحة الآن هي أن بري والحريري ينتظران من بكركي ورقة فيها إما اسم واحد يسير به الآخرون أو لائحة بعدد من الأسماء يتم الاختيار من بينها بالتشاور مع بقية الاطراف.
وقال قطب في 14 آذار إن المبادرة الفرنسية مستمرة وتوقع أن يحصل البطريرك صفير على التفويض من المسيحيين لكي يرسل لائحة بأسماء مرشحين، وان الانتخابات الرئاسية سوف تحصل قبل نهاية ولاية لحود.
من جهة ثانية تردّدت امس معلومات عن نية النائب الحريري السفر الى روسيا قريباً جداً للحصول على دعم روسي لخطوات فريق 14 آذار ولا سيما انتخاب رئيس بنصاب النصف +1. وهو كان قد زار امس النواب المحتجزين لأنفسهم في فندق الفينيسيا وقال إن «خيارنا هو التوافق ونريد رئيس جمهورية توافقياً»، لافتاً إلى أن «هناك مواصفات وضعها غبطة البطريرك» للمرشح التوافقي، «وهي مواصفات لبنانية بحتة». وأمل أن «نستطيع التوصل، في 21 الشهر الحالي وإن شاء الله قبل ذلك، الى الرئيس التوافقي»، مؤكداً «ان ما يقوله البطريرك نسير فيه وعيوننا مغمضة».