«مسرح كوشنير» يتواصل والانقسام الماروني على حاله وهجمة دوليّة للضغط على المعارضة
أعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أنه فهم من البطريرك الماروني نصر الله صفير أنه سيقدم لائحة بأسماء المرشحين خلال الساعات المقبلة الى الرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري. وأدّى هذا التطور الى فتح الباب أمام المرحلة الاخيرة من السباق الرئاسي، وسط أجواء متقلبة، أبرزها إعراب أوساط بارزة في فريق 14 آذار عن قلقها من احتمال فشل المبادرة الفرنسية، متحدثة عن أن خيار النصف +1 لن يتم اللجوء إليه إلا بعد الرابع والعشرين من الشهر الجاري.
أما أوساط المعارضة فلفتت الى أن الوزير الفرنسي فتح مرحلة جديدة من الضغوط الدولية على الوضع في لبنان، حيث سيصل غداً الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وأن كوشنير سيعود مع نظيريه الإيطالي ماسيمو داليما والإسباني ميغل أنخيل موراتينوس الى بيروت الاسبوع المقبل، في الوقت الذي يصل فيه الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى، حيث سيعملون «على توفير مناخ يساعد الكنيسة المارونية في الإقدام على خطوة تسمية مرشح توافقي للرئاسة، وتحذير الرئيس إميل لحود وفريق المعارضة من اللجوء الى أي خيار سياسي أو دستوري أو شعبي».

اللائحة السداسية

وكانت حصيلة اليوم الفرنسي الطويل، الاتفاق مع البطريرك الماروني على إعداد لائحة ترفع الى بري والحريري. وعلم أن هذه اللائحة سوف تكون سداسية تضم المرشحين الثلاثة المعلنين وهم العماد ميشال عون والنائب بطرس حرب ونسيب لحود، ويضيف عليها صفير ثلاثة أسماء يعتبرها من النوع التوافقي، على أن يترك لبري والحريري مشاورة فريقي الموالاة والمعارضة قبل اختيار اسم من اللائحة السداسية.
من جانبه رفض البطريرك الماروني الكشف عن مضمون جولتي المحادثات مع كوشنير وقال لـ«الأخبار» إن الأمور لا تزال تحتاج إلى المزيد من البحث والتشاور من أجل تذليل العقبات التي تعترض سبيل تحقيق توافق على مرشح أو أكثر للانتخابات الرئاسية.
أضاف: «يطلبون منا أن نعطي أملاً للرأي العام، وقد نقل البعض عنا أجواء تفاؤل، لكننا لا نود أن نضع الناس في مثل هذه الأجواء لأنه لا شيء محسوماً بعد. ولا يجوز أن نقول فول تا يصير بالمكيول».
وبرغم بروز تطوّر في بكركي يشير الى احتمال تراجع صفير عن رفضه القاطع للتسمية، تلفت الاوساط القريبة من صفير الانتباه الى أن الأمور لا تزال على حالها، وأن الأطراف السياسية المسيحية متمسكة بالمواقف التي أعلنتها، ولا تبدي أي مرونة باتجاه التقدم نحو التوافق. وتقول هذه الأوساط إن تعنّت القيادات المارونية التي تحاول إحراج سيد بكركي وحمله على إدارة ظهره للانتخابات الرئاسية وعدم التعاطي في شأنها وتركها لهم ولمصالحهم الخاصة التي ستعرّض البلد والمسيحيين لشر مستطير، تدفعه إلى تغيير موقفه المبدئي الرافض لتسمية مرشحين منذ تشرين الثاني عام 1988.
والى جانب المرشحين الثلاثة يجري التداول بمجموعة من الأسماء منها: شكيب قرطباوي وجوزيف طربيه ودميانوس قطار وفريد الخازن وسيمون كرم.

جولة كوشنير

وكان الوزير الفرنسي قد عقد سلسلة لقاءات شملت صفير وبري والحريري وعون والرئيس أمين الجميل ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية وقائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وختم هذه اللقاءات بلقاء مسائي ثان مع البطريرك صفير ثم بلقاء ثان أيضاً مع الحريري قبيل مغادرته الى باريس.
وأعلن كوشنير في ختام محادثاته أن البطريرك صفير وعد بأنه سيقدم اليوم أو غداً على أبعد تقدير لائحة مرشحين توافقيين، وأن بري والحريري سيعملان على الاتفاق على مرشح من بين هؤلاء المرشحين. وقال إنه تراءى له من خلال محادثاته أن عملية انتخاب الرئيس «بدأت تسير على السكة».
وأشار الى أن المسعى الفرنسي يمكن أن ينجح ويمكن أن يفشل وأكد أنه لا يتمنى الفراغ الذي لا يخدم الموالاة ولا المعارضة كما لا يتمنى التنازع بين المجموعات اللبنانية. وأشار إلى أن اختيار المرشح التوافقي يتطلب «شجاعة» من بري والحريري. وقال إنهما اتفقا على التوافق على الاسم من الأسماء التي سيطرحها صفير.
وأضاف ان صفير «هو من سيتخذ قراره في تحديد أسماء المرشحين «بالنظر الى كل العوامل السياسية، وهناك معايير مختلفة للمرشح على البطريرك أن يحددها وليس أنا». وذكر كوشنير أنه طلب من البطريرك أن يبقى في لبنان ولا يذهب الى روما أثناء الانتخابات الرئاسية.
ونقلت مصادر لبنانية عن الوزير الفرنسي رفض باريس «للتبرير الذي أُعطي له عن خطاب السيد حسن نصر الله بأنه يساعد على تحقيق التوافق» وقال إن ما أعلنه نصر الله «يؤكد أن إيران وسوريا تريدان عرقلة الحلول في لبنان». وأضافت «أن التفويض الأميركي لفرنسا من أجل السعي لتحقيق توافق لبناني ـــــ لبناني على الرئيس العتيد مشروط بأن يلتزم هذا الرئيس تنفيذ القرارين 1559 و1701 والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان».

14 آذار


من جانبها كشفت مصادر واسعة الاطلاع في فريق 14 آذار أن حصيلة المشاورات التي جرت بينها وبين عواصم غربية وعربية تقول بأنه يجب انتظار جولة الزيارات المقبلة على لبنان الاسبوع المقبل، ويجب التعامل بجدية مع خطوة صفير لتقديم لائحة سداسية، لكن مع الأخذ بالاعتبار أن عدم الاتفاق على اسم منها يعني أن الانتخابات لن تتم.
وتقول هذه الأوساط إن البحث بدأ للمرة الاولى بإمكان إبقاء الأمور على حالها الراهن، وإن الجانبين السعودي والاميركي لا يمانعان بقاء حكومة السنيورة قائمة حتى ولو بقي الرئيس لحود في القصر الجمهوري، لكنها ترى أن لجوء لحود الى الأخذ بطلب المعارضة تأليف حكومة ثانية، سوف تتعامل معه الدول الغربية على أنه خرق للدستور وسوف تدفع بفريق 14 آذار الى انتخاب رئيس وفق نصاب النصف +1.
وتلقت جهات بارزة في المعارضة نصائح بعدم اللجوء أولاً الى الخرق الدستوري، وأن تقبل الامور كما هي وتترك فريق 14 آذار في حالة الإحراج، وأن في الغرب من ينتظر مبادرة المعارضة الى إعلان حكومة ثانية حتى تتم تغطية أي خطوة من جانب فريق السلطة.

المعارضة

من جانبها قالت مصادر المعارضة إنها لا تعتقد أن الاتجاه التوافقي سيكتب له النجاح، وإن البلاد لن تتجه نحو حلول قريبة والتوافق الذي يثيره كوشنير يعتمد على سلة من الأسماء، وعلى أساسها يذهب النواب للاقتراع في المجلس النيابي، وبالتالي فإن الناخب الأكبر في المجلس، أي الموالاة، سيحدد وحده الرئيس، بينما تعتقد المعارضة بضرورة التوافق على اسم واحد.
وترفض المصادر الإشارة إلى الاتجاهات التي ستأخذها حركة المعارضة في الأيام المقبلة، مضيفة أن المعارضة لم تكن متماسكة كما هي اليوم، وهي جاهزة لكل الخيارات بما فيها الأسوأ.
وكان السفير الأميركي في بيروت جيفري فيلتمان قد حاول أمس استيضاح العماد عون حقيقة الإجراءات التي تنوي المعارضة اللجوء إليها في حال انتخاب رئيس من طرف واحد أو في حال بقاء السنيورة في منصبه.