strong>محمد زبيب
•«الأخبار» تنشر تقرير لجنة معالجة مشكلة الزراعات الممنوعة في البقاع
تحاول لجنة «معالجة مشكلة الزراعات الممنوعة في البقاع» أن تنوّع توصياتها المرفوعة الى مجلس الوزراء، إلا أنها تقع في فخ التجارب الفاشلة السابقة، وتعمد الى أسلوب العصا والجزرة لاستئصال محاصيل الحشيشة والأفيون واستبدالها بمحاصيل أخرى غير ممنوعة...في ما يلي الجزء الثاني من تقرير هذه اللجنة

تشير المعلومات المستقاة من مراجع زراعية وتنموية ناشطة في البقاع إلى أن المردود الصافي للمزارع البقاعي من زراعة الحشيشة يراوح بين 800 و1000 دولار في الدونم المروي، وبين 350 و450 دولاراً في الدونم غير المروي (البعلي). بينما يراوح مردود زراعة الأفيون في الدونم المروي أو البعلي بين 1700 و2000 دولار وفقاً لأسعار السوق وكلفة التصنيع.
3 ـــــ الزراعات الواعدة البديلة
تتّصف أراضي منطقة بعلبك الهرمل بكونها جافة وقليلة الخصوبة وتفتقر إلى مصادر المياه المستدامة ووسائل الري، ولا توجد فيها استثمارات صناعية أو سياحية تذكر، ما يدفع كل السكان إلى اعتماد الزراعة مورداً للعيش، وإن كانت ظروفها صعبة وغير مجدية. إن النهوض بالقطاع الزراعي في المناطق المعنية بالزراعات الممنوعة يتطلب التركيز على الأنواع والأصناف المطلوبة في الأسواق المحلية والعالمية، والمعروفة بقدرتها على تحمل الجفاف، شرط أن تردف هذه الزراعات بكامل حلقات سلسلة الإنتاج من برّادات الحفظ والنقل المبرد ومشاغل التصنيع الغذائي (التجفيف) والمعاصر ومراعاة مقاييس الجودة والنوعية وآليات التسويق الملائمة.
أثبتت الدراسات والبحوث العلمية التي نفذت في المؤسسات اللبنانية (الجامعة الأميركية في بيروت ومصلحة الأبحاث العلمية الزراعية والمجلس الوطني للبحوث العلمية، ...) قدرة عدد من السلع الزراعية على التكيف مع مناخ المنطقة، ويمكن أن يكون لها أسواق للتصريف وتضمن دخلاً معقولاً للمزارع البقاعي.
في هذا الإطار نقترح إدخال المحاصيل التالية:
ــــ العصفر: محصول صناعي (زيت) وعلفي (نسبة بروتين عالية) للحيازات الواسعة البعلية، ولهذا المحصول قدرة عالية على تحمل الجفاف، وكلفة إنتاجه منخفضة نسبياً ويمكن زراعته آلياً، بالإضافة الى قدرته التسويقية العالية على الصعيد المحلي والعالمي.
ــــ الشعير: بهدف إنتاج التفل المخصص لصناعة البيرة بناء على تجارب مركز إيكاردا الدولي، أثبت هذا المحصول قدرته على تحمّل الجفاف بمردود 350 كلغ/دونم، وإمكانية تحسين المردود باعتماد عملية ري تكميلية واحدة عند الضرورة.
ــــ القبار (في المرتفعات البعلية لسهل البقاع: عرسال، معربون، نبحا، حربتا) تمثّل قطاعاً زراعياً كامناً إذا أُحسن استثماره.
ــــ الكرز: نظراً إلى غياب المنافسة من قبل الدول المجاورة، ولتزايد الطلب على الكرز في الأسواق العالمية وبأسعار مرتفعة نسبياً، ولتوافر الظروف البيئية المناسبة لهذه الزراعة في البقاع الشمالي، ولإمكانية توفير الري التكميلي الدوري (200 ملم أمطاراً + 300 ملم ريّاً)، نقترح اعتماد زراعة الكرز في المرتفعات المناسبة مع التركيز على اعتماد الأصول المقاومة للجفاف والأصناف الحديثة والمتأخرة النضوج والمطلوبة في الأسواق العالمية.
ــــ الزعفران: محصول يصلح للحيازات الصغيرة المروية.
ــــ الزراعات العضوية (في المناطق المروية المغلقة: اليمونة، جنتا، يحفوفي، زحلة، وادي شعث، جرد الهرمل) يمكن ضمان نجاحها إذا نُظّمت وطُوّرت، وشُجّع الاستثمار، وسُهّل التسويق.
ـــــ اللوز: لما كان لبنان يستورد سنوياً ما يزيد على 10 آلاف طن من النواة لتغطية حاجات السوق المحلية، ولقدرة هذا النوع على تحمل الجفاف، نقترح العمل على تطوير زراعة اللوز في المناطق المعنية باعتماد الأصناف الحديثة والمتأخرة الإزهار، والملائمة للتصنيع الغذائي، على أن تُردف هذه الزراعة بمشغل لاستخراج النواة.
ـــــ التين: اعتماد التنويع في الأصناف بحيث تشمل الأصناف التركية القابلة للتجفيف والتصنيع والمطلوبة في الأسواق العالمية، والأصناف التي يمكن إنتاجها في الزراعة العضوية.
ـــــ القنّب الصناعي: القنّب الصناعي هو مجموعة أصناف من نوع القنّب (Cannabis sativa)، وهي النبتة نفسها التي تستخرج منها الحشيشة، ولكن بمحتوى أقل من المادة المخدّرة (أقل من 1% THC). وزراعة القنّب الصناعي وإنتاجه غير مشمولين بالاتفاقية الوحيدة (UN Single Convention for Narcotic Plants). يُعدّ القنّب الصناعي الأفضل عالمياً من حيث متانة الألياف الطبيعية المستخرجة منه. وجذع النبتة مؤلّف من 20% من الألياف التي تستعمل في صناعة النسيج والحبال وأوراق الطباعة. والجزء الداخلي للجذع يشكل 80% من جذع النبتة ويحتوي على 55 ـــــ 77% من مادة Cellulose التي تستعمل في صناعة الورق والبلاستيك. وتحتوي بذور القنّب الصناعي على 20% من البروتين ذات النوعية الجيدة. وهي مؤلفة من 30% من الزيوت التي تحتوي على نسبة عالية من الزيوت الأساسية المقاومة للكوليسترولومن خصائص القنّب الصناعي التي أعطته شعبية عند المؤيدين للبيئة وزادت من نسبة استخدامه، أنه بطبيعته مقاوم للآفات الزراعية ولا يحتاج إلى المبيدات خلال زراعته. والقنّب الصناعي بحاجة إلى تربة خصبة لإعطاء إنتاج جيد. لذلك التسميد مهم جداً لكي نصل إلى نسبة عالية من الإنتاج. ويراوح معدل إنتاج القنّب الصناعي بين 5،3 و6،2 أطنان في الهكتار الواحد بحسب إحصاء تمّ في عدد من الدول الأوروبية خلال 2001 ـــــ 2005. وتصل قيمة ربح الإنتاج في الولايات المتحدة الأميركية إلى 213 دولاراً أميركياً للدونم الواحد، مقارنة مع محاصيل حقلية أخرى كالقطن (86 دولاراً للدونم الواحد) والذرة (51 دولاراً للدونم الواحد). ويعتبر القنّب الصناعي مرشحاً جيداً بصفته زراعةً «بديلةً» من زراعة القنّب (الحشيشة) المعروف بالنسبة العالية من THC في البقاع. فالمزارع المعني يعرف خصائص هذه النبتة وكيفية التعامل معها، وهي من المحاصيل ذات المردود الاقتصادي الجيد. وإن زراعة هذا الصنف من القنّب توجد فرص عمل جديدة في القطاع الصناعي على الصعيد الوطني. علاوة على ذلك، يمكن تصنيع العديد من المنتجات من القنّب الصناعي، ما يمثّل مورداً إضافياً للمجتمعات المحلية. فعلى سبيل المثال، يمكن تصنيع السجاد «الصديق للبيئة» يدوياً من ألياف القنّب الصناعي، ما يعطي قيمة مضافة وفرصاً جديدة للمؤسسات الصغيرة والتعاونيات الحرفية والمرأة الريفية لإنتاج وتصدير هذا النوع من المنتجات التي كثر الطلب عليها عالمياً في الآونة الأخيرة، وخاصة في البلدان الأوروبية.
ـــــ النباتات الطبية والعطرية: هنالك طلب متزايد عالمياً على المنتجات الطبيعية، وبالأخص النباتات الطبية والعطرية. وأسعار هذه المنتجات في تزايد مستمر، وخاصة الزعتر والزوباع والقصعين. وبالإضافة إلى أهميتها من ناحية المردود الاقتصادي، فإن للنباتات الطبية والعطرية قيمة مضافة نتيجة بقاء منتجاتها صالحة للاستهلاك لمدة طويلة نسبياً والدور المهم الذي تؤدّيه المؤسسات الصغيرة والمجتمعات المحلية في إنتاجها وتصنيعها. ولا تحتاج هذه النباتات إلى المبيدات الزراعية ولا تستخدم مياه الري إلاّ في الفترات المتقدمة من فصل الصيف. يستورد الاتحاد الأوروبي أكثر من 55% من هذه المنتجات من الدول النامية، حيث وصل حجم الواردات إلى الاتحاد الأوروبي حوالى 750 مليون دولار في عام 2001. وتجدر الإشارة إلى أن النباتات المذكورة أعلاه والكثير من أنواع النباتات الطبية والعطرية هي من زراعات المناطق شبه الجافة وليست من ضمن لائحة المنتجات المقيّدة بشروط لناحية التصدير من لبنان إلى الاتحاد الأوروبي وفقاً لمعاهدة التجارة التي أقرّت عام 2003. والزيوت المستخرجة من النباتات الطبية والعطرية هي أيضاً في تزايد مستمر من ناحية الطلب عليها عالمياً. وتقدر التجارة بهذه المنتجات عالمياً بحوالى مليار دولار أميركي سنوياً. وللاتحاد الأوروبي ما يقارب 44% من مجموع الواردات من هذه الزيوت و8% للولايات المتحدة الأميركية، وتشمل الدول الرئيسية المستوردة لهذه الزيوت أيضاً اليابان وكندا والهند. وللاستفادة من هذه الفرص، على المنتجين اللبنانيين أن يكونوا على اطلاع ويطبّقوا تطبيقاً صارماً المواصفات الأوروبية والعالمية.
ـــــ الإنتاج الحيواني والزراعات العلفية: يستورد لبنان ما لا يقل عن 65% من حاجته من الحليب وحوالى 85% من حاجته من اللحم الأحمر. ويمكن أن يتم ذلك عبر تشجيع تربية المواشي في المنطقة التي بدأت فعلياً مع إدخال مفاهيم الممارسات الجيدة لإدارة المزارع والامتناع عن الرعي الجائر، بالإضافة إلى تشجيع القطاع الخاص لتسمين عجول اللحم المستورد وتسمين المجترات الصغيرة. تجدر الإشارة إلى أن كلفة الأعلاف تراوح بين 60 و70% من كلفة إنتاج الحليب، وتشهد الأعلاف المستوردة زيادة ملحوظة في الأسعار، ومن المتوقع أن تستمر بسبب مزاحمة الفول الأخضر لها. إن زيادة رقعة الزراعات العلفية من 1120 دونماً عام 1999 إلى 6280 دونماً عام 2005. وإن نجاح مشروع التعاون التقني المموّل من منظمة الأغذية والزراعة ومشاريع أخرى في منطقة البقاع، هو خير دليل على الجدوى الحقيقية لهذه الزراعات باعتبارها زراعة استراتيجية للمنطقة. لذا لا بد من اعتماد الزراعات العلفية الشتوية للمحاصيل النجيلية (شعير، شوفان، شليم) والبقولية (بيقية، كرسنة،...) في الأراضي البعلية مع نسبة محدودة من الري الإضافي أو في الأراضي المروية (الفصة).



الاستشعار عن بعد

تقترح اللجنة استخدام تقنيات الاستشعار عن بعد المتوافرة لدى المجلس الوطني للبحوث العلمية في رصد المساحات المزروعة بحشيشة الكيف والأفيون والموجودة عادة في مناطق بعيدة أو غير ظاهرة للعيان. وتقول في تقريرها إن استخدام هذه التقنيات من شأنه أن يسهّل عملية مسح هذه الزراعات مسحاً دقيقاً وسريعاً وبصدقية عالية.



الجزء الأول | الجزء الثاني | الجزء الثالث | الجزء الرابع