حـزب اللـه أبلـغ كوسـران أنّ عـون مرشّـحه ولحّـود يدرس خيـار «المجلـس العسـكري»
الخفة التي ظهر بها وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير أول من أمس، حاول مساعده جان كلود كوسران التخفيف منها وإعطاء بعد جدّي وعملاني للمبادرة الفرنسية. وهو عقد أمس سلسلة من الاجتماعات الهامة التي أفضت الى تطورات تفسح في المجال أمام جرعة جديدة من التفاؤل تقوم على موقف أخير منتظر من فريق 14 آذار بشأن اقتراح بتعديل دستوري يوصل العماد ميشال سليمان الى رئاسة الجمهورية.
وكان كوسران قد التقى أمس البطريرك الماروني نصر الله صفير والرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري ووفداً قيادياً من حزب الله، فيما عقدت قوى الموالاة والمعارضة سلسلة من الاجتماعات التي أقرت خلالها مجموعة من المواقف كان لها تأثيرها على المناخ العام، حيث تسود البلاد حال من الاستنفار البارد في مختلف المدن والقرى والأحياء، وحيث وسّع الجيش اللبناني انتشاره الوقائي خشية اندلاع مواجهات أو أعمال شغب. وقد تبلغت مصادر دبلوماسية غربية نية المعارضة الجدية الإقدام على خطوات تقلب الأمور في كل لبنان إذا ما انتُخب رئيس بالنصف +1 أو بقيت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في إدارة البلاد.
وفي حصيلة هذه الاجتماعات، تبيّن الآتي:
أولاً: تولى كوسران إبلاغ بري والحريري أن البطريرك سيرسل إليه والحريري لائحة بأسماء مرشحين توافقيين، قبل أن يغادر ليلاً إلى بلاده لإطلاع كوشنير على التطور الأخير في المبادرة الفرنسية.
ثانياً: أصر صفير على حصوله مسبّقاً على لائحة ضمانات من فريقي الموالاة والمعارضة قبل الإقدام على تسليم اللائحة، وهي تتضمن تعهداً من جانب فريق 14 آذار باعتماد نصاب الثلثين، وتعهّد المعارضة بحضور جلسة الانتخاب، وتعهّد القيادات المسيحية بعدم رفض اللائحة، وأن يتم اختيار اسم واحد من اللائحة وعدم عرض اسم آخر لئلا تفقد المبادرة صفتها التوافقية.
ثالثاً: أبدت المعارضة تفهماً لهذه الضمانات، لكن قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع رفض توفير تغطية مسبقة من القيادات المارونية الأربع لخطوة صفير، وأصر على عدم حصول لقاء رباعي في بكركي، فيما أكد العماد ميشال عون لصفير شخصياً في اتصال هاتفي، أنه لا يريد أن يكون اسمه مدرجاً ضمن لائحة تضم شخصيات ليس لها حيثية على الصعيد الشعبي المسيحي أو سبق أن خسرت الانتخابات النيابية.
رابعاً: إبلاغ حزب الله الموفد الفرنسي كوسران لأول مرة قرار قيادة الحزب بأن العماد عون هو مرشح الحزب للانتخابات الرئاسية، وأن التوافق على شخصية مسيحية أخرى لهذا المنصب يجب أن يحظى بموافقة عون قبل أي طرف آخر. وكذلك إبلاغ الحزب الموفد الفرنسي أن هناك ضمانات أساسية مطلوبة تخص الشراكة في الحكومة المقبلة والموقف من المسائل الرئيسية، عدا عن إبلاغ النائب محمد فنيش والسيد نواف الموسوي المسؤول الفرنسي استنكار الحزب لتصريحات كوشنير بشأن مواقف السيد حسن نصر الله واعتبارها نوعاً من التدخل في الشؤون الداخلية، والسؤال عن مصدر المعلومات عن رفض السيد نصر الله المبادرة الفرنسية في خطابه.

برّي: الآلية سلكت

وقال الرئيس نبيه بري لـ«الأخبار» إنه يعزّز قليلاً من تفاؤله من غير أن يفرّط فيه، ويتمسّك بعبارة «التفاؤل الحذر»، بعدما عبرت الآلية الفرنسية من الباب الأكثر تعقيداً، وهو موافقة البطريرك صفير على وضع لائحة بمرشحين. لكن رئيس المجلس لا يستبعد انعقاد جلسة الانتخاب قبل 21 تشرين الثاني إذا وصلت إليه لائحة البطريرك في الساعات المقبلة، فينصرف عندئذ والنائب الحريري في جلسة عمل واحدة أو اثنتين إلى بتّ الخيار.

لحود: المجلس العسكري

من جهة ثانية، علمت «الأخبار» أن الرئيس إميل لحود لا يزال غير متحمس لتأليف حكومة ثانية إذا فشلت المساعي التوافقية، وأنه يميل أكثر الى تسليم المجلس العسكري في الجيش اللبناني، بوصفه قائداً أعلى للقوات المسلحة، المسؤولية عن إدارة البلاد ضمن حالة طوارئ لحين تأمين انتقال طبيعي بعد تأليف حكومة انتقالية تتولى الإشراف على انتخابات نيابية مبكرة تليها انتخابات رئاسية.
وذكر أن لحود لم يقفل الباب أمام احتمال بقائه في القصر الجمهوري، حيث يفترض أن تتوجه إليه قوى المعارضة مع حشود شعبية في ذكرى عيد الاستقلال، وهو الموعد المفترض به أن يحسم خياره.

بان كي مون

وعشية زيارته للبنان اليوم، أكّد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنه سيحضّ المسؤولين اللبنانيين على تجاوز خلافاتهم والتفكير في لبنان أوّلاًَ. وأكد أنه سيجري محادثات مع الرئيسين بري والسنيورة والعماد عون والنائب الحريري.
وقال بان في الطائرة التي نقلته من بيليم الى ساو باولو في البرازيل «سأحض اللبنانيين على تجاوز خلافاتهم وتجاوز المواقف الحزبية أو أي مصالح شخصية. عليهم التفكير بلبنان». ودعا الدول المجاورة للبنان الى عدم التدخل في شؤونه، وأوضح من دون أن يذكر أي دولة بالاسم «من الضروري أن تتعاون كل الدول المجاورة بالكامل وألا تتدخل في الشؤون السياسية اللبنانية».
من جهة ثانية، أعلن في روما أن وزير الخارجية ماسيمو داليما سيصل الى بيروت مساء غد حيث سيلتقي مع عدد من الشخصيات السياسية اللبنانية، إضافة الى بري والسنيورة وصفير، وذلك في إطار «الدور القويّ الذي اتخذته إيطاليا كدولة تبذل جهوداً لتحقيق توافق واسع لانتخاب رئيس الجمهورية».