باريس ــ بسّام الطيارة
يجهد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، مع إصراره على المضي في سياسته «الإصلاحية»، إلى وسائل «مبتكرة» لمواجهة موجة إضراب وسائل النقل، التي تشلّ الحركة في فرنسا. وسخّر، في هذا السياق، «الثورة الرقمية»، إضافة إلى شعار «المخاطر البيئية»، لتخفيف وطأة الإضراب على المواطنيين الفرنسيين وإظهارهم في صفوف المعارضين للحركة النقابية.
ولجأت الحكومة الفرنسية إلى «وسائط الإعلام الجديدة»، أكان ذلك عبر شبكة الانترنت أم الهواتف النقالة، لبث «أكبر قدر من المعلومات» عن نقاط الازدحام في السير لتجنيب الفرنسيين شرك التوقف ساعات طويلة في طوابير السيارات. كما قامت ببثّ «نشرات دورية عن حال الطرق السالكة والمقفلة» كل 5 دقائق مع إمكان تسلّمها عبر الهواتف النقّالة. وباشرت حكومة ساركوزي، قبل ٢٤ ساعة من بدء الإضرابات، الإعلان عن مواعيد القطارات التي ستُسيّر، على قلّتها، مع إذاعة أسماء المحطّات التي يجب تفاديها أو التي يمكن الانتقال عبرها على خطوط تؤمّن الوصول إلى المناطق المنشودة من دون المرور بالمحطات المقفلة.
وعمدت الحكومة إلى الترويج لصيغة «النقل المشارك»، أي استعمال سيّارة واحدة من جانب مجموعة أشخاص لا يعرف بالضرورة بعضهم بعضاً ولكنّهم يتوجّهون نحو أماكن متقاربة، مع الإعلان عن «مواقف مخصّصة للنقل المشارك»، حيث يتلاقى المشاركون لركن سيّاراتهم والانتقال في سيّارة واحدة. وأمّنت لهذه الغاية مواقع على الانترنت للتعارف بين المواطنين.
وأدخلت حكومة ساركوزي عامل البيئة في المعادلة عبر الترويج لـ«الدرّاجة»، وخصوصاً أن الإضرابات ترافقت هذا العام مع انطلاق حركة «الدراجة الحرّة»، التي تقف وراءها بلديّة باريس، التي جهّزت العاصمة بما لا يقلّ عن ٨٠ ألف درّاجة ركنتها في مواقف مخصّصة في كل أحياء المدينة مع إمكان «استعمال حرّ لها» في مقابل دفع بدل إيجار بسيط جداً. والجديد في الفكرة إمكان إعادة الدراجة في أيّ مكان قريب من غاية الوصول وركنها في أيّ من الأمكنة المخصّصة.
وقد شدّدت الأوساط الحكوميّة على المواطنين على أهميّة استعمال «الدراجة الحرّة» للتخفيف من وطأة الإضراب ولتجاوز عواقب «إعاقة حياتهم اليوميّة»، وذلك ضمن الحملة الإعلامية التي ترسم الشقّ الثاني من الصراع بينها وبين النقابات؛ فهي تشدّد على استطلاعات الرأي التي تشير إلى معارضة أكثريّة المواطنين للإضراب، بينما تشدّد النقابات على استطلاعات «مواجِهة» تشير إلى معارضة عدد كبير من الفرنسيّين للسياسة الاجتماعية لساركوزي.
في هذا الوقت، بادرت الحكومة إلى فتح مفاوضات مع النقابات في محاولة للحدّ من زخم الإضراب وتجنّباً لعمليّة «اتصال إضرابات» عمال النقل بعمال المرافق الأخرى، وخصوصاً في ظلّ الاستعدادات لـ«المعركة الكبرى» مع الطلّاب، الذين يبدون في مرحلة استعداد لإضراب قاس مع احتمال احتلال جامعات لمدة طويلة.