سعى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، على ما يبدو، إلى تجنّب الصدام مع الولايات المتحدة وإسرائيل والانحناء أمام عاصفة المطالبات باستقالته، فجاء تقريره في شأن إيران أمس «حمّال أوجه»، أعطى طهران مبرراً لاعتباره «دليلاً على الطبيعة السلمية» لبرنامجها النووي، وواشنطن حجة لاتهام الجمهورية الإسلامية بأنها «ماضية في تحدي المجتمع الدولي».ومعروف أن البرادعي تعرّض خلال الأيام الماضية لهجوم شرس من جانب مسؤولي الدولة العبرية، الذين اتهموه بالانحياز لمصلحة إيران، وذلك في أعقاب توتر شاب علاقته مع واشنطن، التي وجّهت إليه اتهامات مماثلة.
وينص التقرير، الذي وصفه دبلوماسي في الأمم المتحدة بأنه «كأس نصفها مملوء أو نصفها فارغ»، على أن طهران «سمحت بوصول أشخاص بشكل كاف (إلى منشآتها النووية) وردَّت على الأسئلة في المهل المناسبة وقدمت توضيحات حول المشكلات المطروحة»، لكن «تعاونها بقي تجاوبياً أكثر منه ديناميكياً»، معرباً عن أسفه لعدم قيام طهران بمبادرات كافية.
وقال التقرير إن طهران «وسّعت عمليات تخصيب اليورانيوم ورفعت عدد أجهزة الطرد المركزي إلى ثلاثة آلاف، وهذا العدد كاف لبدء إنتاج الوقود النووي على مستوى صناعي». وأضاف إن توضيحات إيران في شأن نشاطها السابق لتخصيب اليورانيوم بأجهزة الطرد المركزي من طراز «بي1» و«بي2» اتفقت مع النتائج التي توصلت إليها وكالة الطاقة «ما يجيب عن سؤال رئيسي بشأن البرنامج النووي الإيراني».
ويتوقع أن يعمق هذا التقرير الانقسام الدولي حول إيران، التي من المقرر أن تكون محور اجتماع لمجموعة «5+1» في لندن يوم الاثنين المقبل.
وسارع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى التشديد على أن التقرير «أثبت مرة أخرى أن إيران تقول دائماً الحقيقة وتملك شرعية مقاومة الضغوط (الغربية)». وقال إنه بنشر التقرير «سيرى العالم أن ما قالته الأمة الإيرانية منذ البداية كان حقاً».
أمّا أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، سعيد جليلي، فحذّر من أن صدور قرار جديد عن مجلس الأمن الدولي سيؤثر على تعاون طهران مع وكالة الطاقة. وأوضح أن التقرير «يقول بوضوح إن غالبية نقاط الغموض أزيلت»، مشدداً على أنه «واضح جداً» في شأن تعاون بلاده مع الوكالة «ويُسقط أي شرعية عن إحالة ملفها على مجلس الأمن».
في المقابل، رأت المتحدثة باسم البيت الأبيض دانا بيرينو أن التقرير يؤكد أن «إيران لا تبدو مهتمة بالعمل مع باقي العالم وماضية في تحدي المجتمع الدولي». وأضافت «ستتعامل الولايات المتحدة مع شركائنا في مجلس الأمن الدولي وألمانيا، فيما نتقدم في اتجاه سلسلة ثالثة من العقوبات في مجلس الأمن».
بدوره، رأى المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة، زلماي خليل زاد، أن تقرير البرادعي يؤكد أن إيران «مارست التعتيم على برنامجها، ولا تزال تتحدى قرارات مجلس الأمن الدولي وتخصب اليورانيوم، وتنشئ مفاعلاً بالماء الثقيل وتثير الشبهة بأنها تريد إنتاج أسلحة نووية». وأضاف إن بلاده تنوي تقديم مشروع قرار جديد لزيادة العقوبات على إيران، محمّلاً الصين مسؤولية عرقلة أي مشروع للحل الدبلوماسي الذي يفضّله على أي حل آخر.
كذلك، رأت وزارة الخارجية البريطانية، في بيان لها، أن التقرير «يُظهر أن إيران لم تصرّح عن أمور عديدة حول برنامجها النووي، سنواصل العمل على إصدار عقوبات في مجلس الأمن وفي الاتحاد الأوروبي».
في هذا الوقت، تتّجه مختلف الأحزاب الإصلاحية الإيرانية إلى إنشاء تحالف واسع لخوض الانتخابات التشريعية المقررة في 14 اذار 2008. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية «إرنا» عن الرئيس السابق للبرلمان، مهدي كروبي، قوله إن «تسعين في المئة من مرشحينا سيكونون على قوائم مشتركة مع تحالف الأحزاب الإصلاحية»، الذي يضم نحو عشرين حزباً وكتلة.
إلى ذلك، يبدأ نجاد غداً السبت جولة تشمل البحرين والسعودية. وذكرت وكالة «مهر» الإيرانية للأنباء أن نجاد سيغادر طهران صباح غد إلى المنامة، على أن ينتقل في اليوم التالي إلى الرياض للمشاركة في قمة منظمة الدول المصدّرة للنفط «أوبك».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز، الأخبار، د ب أ)