استنفرت إيران أمس مستوييها السياسي والعسكري لمواجهة المؤتمر الدولي للسلام المنعقد اليوم في أنابوليس، الذي رأى فيه محللون وسياسيون محاولة لعزل طهران، ولا سيما بعد مشاركة سوريا في أعماله (التفاصيل).ونظمت إيران أضخم مناورة لقوات «الباسيج»، ضمّت أكثر من ثمانية ملايين عنصر، في وقت تناوب قادتها على إطلاق مواقف تصعيدية ضد أنابوليس، شدّدت في معظمها على «إفشاله»، مشيرة إلى أن «مفاتيح أمن المنطقة بيد إيران».
وشدد مرشد الثورة الإسلامية علي خامنئي على أن التحالف بين الفلسطينيين وإيران سيؤدي إلى إفشال مؤتمر أنابوليس. وأشار إلى أن الأميركيين «يحاولون بشتى الوسائل الخروج بنتائج ما من هذا المؤتمر لتعويض جزء من هزائم الكيان الصهيوني aالمصطنع والغاصب». بدوره، شدّد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، في اتصال مع الملك السعودي عبد الله، على أنه يأمل «بألّا يُسَجّل اسم السعودية» بين الدول المشاركة في المؤتمر، فيما دعا قادة 10 مجموعات فلسطينيّة إلى طهران لتنظيم مؤتمر مناهض لأنابوليس، كان من المقرر عقده في دمشق.
أما الموقف الأبرز في سياق انتقاد المؤتمر، فقد عبّر عنه رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، الذي يرأس أيضاً مجلس خبراء القيادة، بقوله إن «أمن العالم رهن بأمن الشرق الأوسط، والكل يدرك أن إيران هي التي تمتلك مفتاح أمن هذه المنطقة».
وترافقت الهجمة السياسية الإيرانية على أنابوليس مع مناورة كبرى شارك فيها 8 ملايين «تعبوي» تحت عنوان «ملحمة المقاومة والصمود»، وعمّت مختلف أنحاء إيران. وقال القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد علي جعفري، إن التعبويين «صامدون أمام تهديدات الأعداء كحصن حصين».
في المقابل، سعت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة إلى التوحّد في مواجهة أنابوليس، فعقدت مؤتمراً مناهضاً له، شدّدت خلاله على رفض «التنازل عن أي شبر» من أراضي فلسطين التاريخية، مشيرة إلى أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس غير مخوّل التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني.
في هذا الوقت، تسارعت التحضيرات في واشنطن للمؤتمر، وتكثفت الاجتماعات الأميركية ـــــ الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية لإنعاش الأمور بصدور بيان مشترك. ولهذه الغاية، اجتمع الرئيس الأميركي جورج بوش مع الرئيس الفلسطيني ورئيس الورزاء الإسرائيلي إيهود أولمرت. وقال عباس، بعد الاجتماع، إن لديه «أملاً كبيراً» بأن تؤدي محادثات السلام في أنابوليس إلى معاهدة سلام بين إسرائيل والفلسطينيين.
وفيما واصلت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس مساعيها بين فريقي التفاوض للوصول إلى بيان مشترك، لمّح المتحدث باسم وزارة الخارجية شون ماكورماك إلى أن المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين قد لا يتمكنون من التوصل إلى اتفاق على الوثيقة. وقال: «إن وجودهم نفسه هنا أكثر دلالة من أي تصريح أو وثيقة».