«عاصفة الحزم» هو الاسم الذي أطلق على العدوان الذي تقوده 15 دولة خليجية وعربية على اليمن. عدوان مفاجئ استنفر الجسم الإعلامي الموالي لـ«أنصار الله» (الحوثيين) في وجه الآلة الإعلامية الخليجية الضخمة التي تستخدم كل «أسلحتها» لدعم هذا العدوان ومساندته. لعلّ أبرز وجهين إعلاميين لمواجهة هذا التدخل العسكري في اليمن كان «المنار» و«الميادين». منذ اللحظات الأولى لهذه الغارات، استنفرت القناتان، وجندتا تغطية حيّة مباشرة موزعة بين الاستوديو، حيث توالت الوجوه اليمنية وغيرها لتحليل هذا العدوان، وبين العاصمة اليمنية مركز وجود المراسلين والصحافيين الميدانيين مع نقل لصور آثار الغارات الجوية وما خلفته من دمار وضحايا بشرية.
خلال هذه التغطية، جاء التركيز على دحض الدعاية السعودية، ولا سيما قناة «العربية» وغيرها، عن أن هذه الغارات استهدفت مراكز عسكرية وأودت بحياة عدد من القادة الميدانيين من الحوثيين. جاء هذا الدحض بإبراز صور لمدنيين من رجال ونساء وأطفال قضوا جراء الغارات الخليجية. وإلى جانب هذه الصور، تكررت لازمة ـ عبر الرسائل المباشرة من المراسلين أو خلال إيراد المعلومات ضمن المواجز الإخبارية ـ بأن الغارات «استهدفت أحياءً سكنية بالقرب من مطار صنعاء الدولي، وهناك معلومات عن سقوط ضحايا» (20 شهيداً، 30 جريحاً)، كما أفاد مراسل «الميادين» في صنعاء أحمد عبد الرحمن. وقصدت قناة «الواقع كما هو» تجاهل باقي الدول المشاركة في العدوان، مركزةً فقط على السعودية. هكذا، جرى الحديث دوماً عن «طيران سعودي»، و«غارة جوية سعودية». تتابع الغارات الخليجية على اليمن جعل المحطة تشدد على أنّ ضحايا مدنيين قضوا فيها. ولهذا الغرض، انقسمت الشاشة بين رسالة المراسل من اليمن وبين صور الشهداء المدنيين الذين انتُشلوا من الركام.

ركّزت «المسيرة» على بثّ الأناشيد الثورية


بدورها، أعدت «المنار» العدّة لمواكبة هذه الاعتداءات. كانت صور المدنيين الشهداء تتصدر تغطيتها المباشرة التي طغى عليها الجانب الإنساني مع الحديث عن أعداد الشهداء والجرحى ومحاولات الإنقاذ من تحت الأنقاض. وفي الشق السياسي، فتحت قناة المقاومة هواءها للقياديين الحوثيين. من خلال مداخلاتهم، دُحضت الدعاية المضادة التي كانت تتحدث عن سقوط عدد من القيادات الميدانية لـ«أنصار الله» وحصر نتائج هذا العدوان بالضحايا المدنيين.
أما قناة «المسيرة» التي انطلقت رسمياً قبل 3 أعوام، لتكون صوت «أنصار الله» في ظل الحملات الإعلامية ضدهم، فقد شكّلت أمس رأس الحربة خلال تغطية العدوان. منذ ساعات الفجر الأولى، استنفرت طاقمها التحريري والميداني لمواكبة ما يجري. قد لا يعلم كثيرون بأن بعض هذا الطاقم فقد أعزاء له في الاعتداء الدموي الأخير الذي طاول مسجداً في صنعاء راح ضحيته أكثر من 142 مصلياً. ولم تكد تستوعب صدمة فقدان الأحبة حتى أتت الغارات الجوية على الأراضي اليمنية لتزيد حجم المأساة. لكن بطبيعة الحال، لم يردع ذلك صحافيي ومراسلي القناة اليمنية المعارضة من مواصلة التغطية الحيّة. ركزت الأخيرة على مسألة استهداف المدنيين وعرض صور الضحايا، خصوصاً الأطفال التي كانت تتكرر على الشاشة طوال الوقت. ترافق ذلك مع حشد إعلامي قوامه استضافة أبرز المحللين اليمنيين وإيراد فوري لأخبار المواقف الدولية الداعمة «لاحترام سيادة اليمن». وبين الفواصل، كانت القناة تبث أناشيد ثورية تبرز القوة العسكرية للحوثيين وأماكن وجودهم في المرابض المختلفة.
مدير البرامج السياسية في مكتب القناة في بيروت حميد رزق، تحدث مع «الأخبار» عن أداء «المسيرة» الإعلامي ومواكبتها للعدوان. أداء قوامه «الصدقية» التي تتمتع بها القناة منذ انطلاقها كما يقول لنا، مضيفاً: «لا تختلق الأحداث من أجل المتاجرة السياسية». وعرّج على الوثائق التي وجدت أخيراً في قصر الرئيس اليمني الحالي عبد ربه منصور هادي وتظهر كشوفات عن «ملايين دفعت لوسائل إعلام يمنية محلية» كرشى لتبييض صورة النظام الحالي.
ورغم الإمكانات المتواضعة للقناة داخل اليمن مقارنة بباقي وسائل الإعلام المماثلة، يرى رزق أنّ «المسيرة» باتت تتمتع بتأثير حتى ضمن «الداخل السعودي»، رغم «الضخ الهائل للأموال الخليجية» التي تقود حملات إعلامية مضادة من ضمنها إطلاق شائعات منذ الساعات الأولى للغارات الجوية عن مقتل قيادات حوثية، وفرار عناصر من «الحرس الثوري الإيراني». ورغم ضعف الإمكانات، إلا أنّ «المسيرة» ـ حسب رزق ـ فرضت حضورها في كافة المحافظات اليمينة، وطوّرت قدرات مراسليها «بنحو قياسي»، ويبقى الخوف من محاولات إيقاف بثها. أمر لا يستبعده رزق، لكن «البدائل حاضرة»، وفق ما يقول لنا.