القاهرة ـــ محمد شعير
أُدخل الشاعر المصري الكبير أحمد فؤاد نجم (79عاماً) غرفة العناية الفائقة في أحد مستشفيات القاهرة بعد تعرّضه مساء أمس لجلطة دماغية. أصدقاء مقرّبون من «الفاجومي» قالوا إنّهم كانوا معه في سهرة رمضانية حتى الساعة الثانية صباحاً، في أحد مطاعم القاهرة. في الصباح، لاحظت زوجته أنّ نجم يتنفّس بصعوبة، فنقل إلى مستشفى السلام في المعادي، حيث تبيّن أنه مصاب بجلطة في المخ، وأدخل الى غرفة الإنعاش.
شاعر العاميّة الذي لقّب بـ «الفاجومي» بسبب صداميته ونقده اللاذع، عبّر قبل أيّام عن إعجابه بالسيرة التي خصّه بها الناقد صلاح عيسى تحت عنوان «شاعر تكدير الأمن العام» ( دار الشروق). يستعرض عيسى قصة نجم غير العادية بتفاصيلها الممتعة، وما تعرض له هذا الشاعر المعارض من مضايقات وحملات من السلطة أدت إلى التحقيق معه في ما عُرف بقضية «نيكسون بابا» عام 1974، بسبب قصيدة كتبها أثناء زيارة الرئيس الأميركي نيكسون إلى مصر بعد حرب أكتوبر. حوكم يومها بسبب هذه القصيدة التى غناها الشيخ إمام، ثم حكم عليه بالسجن لمدة سنة كاملة عام 1977 بسبب قصيدة «الفول واللحمة» التي تنتمي إلى ما عرف بـ«قصائد المناهضة».
ولد أحمد فؤاد نجم في الزقازيق مثل عبد الحليم حافظ الذي ربطته به علاقة صداقة. وبدأ حياته العملية عاملاً في سكك الحديد عام 1956، ثم قرّبه عمله اللاحق كساعي بريد من الفئات الشعبية، ليتلمّس حجم القهر الواقع على الفلاحين. وفي عام 1959، انتقل إلى النقل الميكانيكي في حي العباسية، وخلال تلك الفترة دخل السجن بتهمة تزوير استمارات حكومية. وعند خروجه عام 1962 التقى الشيخ إمام عيسى الملحن والمغنّي الضرير الذي صار رفيق الطريق. معاً عبّرا عن تطلعات قوى التغيير في المجتمع: في الشوارع والمصانع والجامعات. تلازم مصيرهما في الفن والنضال والحياة، وأمضيا معظم فترة حكم الرئيس السادات في المعتقلات، بعدما أطلقا عليه أكبر حملة سخرية ضد حاكم مصري في الأزمنة الحديثة. وقد طبعت أغنياتهما مرحلة السبعينيات من «شرّفت يا نيكسون بابا» إلى «فاليري جيسكار ديستان».
وبعد انفصال الثنائي، ثم رحيل الشيخ إمام، لم يتوقف «الفاجومي» عن نقده السياسي اللاذع، ولم يتوانَ عن المشاركة أخيراً في تظاهرات ضد توريث السلطة في مصر، كما خص جمال مبارك بقصيدة ساخرة عنوانها «عريس الدولة» هي ربّما أحدث ما كتب. وكان الشاعر العامي قد اختير منذ أشهر سفيراً لـ«النوايا الحسنة» من «المجموعة العربية للمنظمات غير الحكومية».

يومها، سئل عن الفرق بين مهمّته الجديدة ومهمة فنانين مثل عادل إمام وصفية العمري، اختيروا للدور نفسه، فأجاب بسخريته المعهودة: «هؤلاء سفراء النوايا الحسنة... أمّا أنا فسفير «النوايا اللي تسند الزير» (النوايا جمع نواة، أي نواة التمر التي تسند الخابية).