عمان ــ ناهض حتر القاهرة ــ خالد محمود رمضان

يبدو أن ما خرج عن لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، أثار اعتراضات مكتومة داخل حلف «الدول العربية المعتدلة»، ولا سيما من الجانب الأردني، الذي بدأ يرى تهديداً لمصالحه من أي اتفاق يجعله أبرز الخاسرين في المنطقة.
وأشارت مصادر أردنية، أمس، إلى «معطيات تنامي مشاعر القلق الأردني»، إزاء مثل هذه الصفقة، التي «لا تأخذ بالاعتبار شروط الحد الأدنى الفلسطينية والمصالح الوطنية الأردنية». وأضافت: إن «عباس لم يستطع إقناع الملك الأردني عبد الله الثاني بدواعي تفاؤله الشديد بإمكان التوصّل إلى تطور ملموس على المسار الفلسطيني، وهو ما لا يمكن إنجازه من دون تنازلات فلسطينية جديدة»، يرى العديد من المراقبين الأردنيين أنها ربما حصلت فعلاً.
وتربط المصادر هذه التنازلات مع ما طلبته وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني من العرب من تنازلات، تشير المصادر إلى أن «أخطرها» سيكون على الأردن، الذي سيكون مطلوباً منه «تحمّل عبء أي تنازلات عن الأرض تقدمها السلطة الفلسطينية، من شأنها تحويل الضفة إلى كانتونات مكتظة لا ممر لها إلا عبر الأردن». وأضافت: إنه «في سياق حلّ لا يضمن، على الأقل، حدود الـ67 والوحدة الجغرافية أو الاتصالية مع غزة، وبناء دولة ذات سيادة واقتصاد وطني، فإن الفئات الوسطى الضفاوية ستضغط باتجاه الهجرة الناعمة نحو الأردن».
وفي إطار المخاوف نفسها، أشارت المصادر إلى أنه «بشطب حق اللاجئين في العودة، السياسية أو الفعلية، فإن على الأردن الذي يضم 43 في المئة منهم، أن يواجه الاستحقاقات الصعبة الناجمة عن ذلك».
وعلى هذه الخلفية، تراقب الدبلوماسية الأردنية بحذر شديد مجرى المفاوضات الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية، من دون أن تكون متفائلة بإنجاز، ولكن لدرء مخاطر انزلاق تلك المفاوضات نحو الإضرار بالمصالح الأردنية.
وفي السياق، تساءل وزير الخارجية الأردني، عبد الإله الخطيب، في حديث لـ«الأخبار» أمس، عن معنى مطالبة نظيرته الإسرائيلية للفلسطينيين والعرب، بخفض سقف توقعاتهم بالنسبة للإنجاز الممكن الآن على المسار الفلسطيني». وقال «خفض سقف التوقعات عن ماذا؟ عن الأرض؟ أم إزالة المستوطنات؟ أم القدس العربية؟ أم حل قضية اللاجئين؟ ولكن أليست هذه هي القضايا المطلوب حلها أصلاً؟ أوليست هذه هي التوقعات التي لا بد منها للتسوية الدائمة؟».
وقال الخطيب إن «الجانب الفلسطيني يضع عمان، أولاً بأول، في صورة المفاوضات الجارية مع الحكومة الإسرائيلية»، مشدداً على «أنه ليست هناك أي معطيات حول حصول أي تقدم فيها».
ورغم تأكيد الخطيب على عدم وجود توتر في العلاقات الأردنية ـــــ الفلسطينية، إلا أن الأوساط السياسية والإعلامية الأردنية تحدثت أمس عن «خيبة أمل» عمان إزاء تراجع الرئيس الفلسطيني عن مطلب تحديد جدول زمني للمفاوضات الفلسطينية ـــــ الإسرائيلية، التي كان قد شدّد عليها الملك عبد الله الثاني خلال لقائه الرئيس الفلسطيني الثلاثاء الماضي.
وقال مراقبون أردنيون إن اتفاق عباس وأولمرت على اعتبار «المؤتمر الدولي» محطة في المفاوضات من دون جدول زمني ملزم يعني العودة إلى صيغة المفاوضات الماراثونية المفتوحة التي لم تؤد إلى نتائج تذكر منذ مطلع التسعينيات.
وسعت السلطة الفلسطينية أمس إلى الالتفاف على اتفاق عباس ـــــ أولمرت، فجدّدت التمسّك بستة أشهر للتوصل إلى اتفاق سلام، كجدول زمني يلي المؤتمر الدولي المقرّر في تشرين الثاني المقبل.
في هذا الوقت، جدد الرئيس المصري حسني مبارك التحذير من مغبة فشل هذا المؤتمر. وقال، في مقابلة لمجلة القوات المسلحة تنشر اليوم، «أؤكد دعوتي للإعداد الجيد (للمؤتمر) الذي نضع له جدول أعمال واضحاً يضمن خروجه بنتائج ملموسة تحقق اختراقاً حقيقياً على مسار السلام الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي». وتوقع حدوث سلسلة من الأزمات في المنطقة في حالة فشل المؤتمر.
واتهم مبارك «بعض العسكريين والسياسيين في إسرائيل بأنهم يؤمنون بأن القوة العسكرية هي الوسيلة الوحيدة للردع وتحقيق الأمن». وقال إن هؤلاء «يدفعون الفلسطينيين إلى اليأس، ويحاولون إرغامهم على التفاوض من مركز ضعف وقبول ما يفرض عليهم رغم أن بعض من سبقوهم فشلت سياستهم».
تحذير مبارك الجديد يسبق زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى القاهرة في 16 الشهر الجاري، قالت مصادر غربية لـ«الأخبار» إنها تهدف إلى إقناع مبارك بحضور المؤتمر الدولي. وأضافت: إن رايس تحمل رسالة موحدة لجميع الأطراف: «احضروا المؤتمر واطرحوا ما شئتم، لكن لا تقاطعوه».