قد يكون حضور الممثل شون بين (1960) وحده سبباً كافياً لحث المشاهد على رؤية فيلم التشويق الجديد The Gunman من إخراج الفرنسي بيار موريل. من هذا المنطلق، لن يخيّب الشريط ظنّ المشاهد، إذ أنّه أشبه بعرض تفصيلي لعضلات النجم الخمسيني التي تبدو مثيرة أكثر من الحبكة الروائية.
وهذا ليس من باب التشكيك في لياقة شون بين الجسدية المذهلة مقارنة بعمره، بل إنّ أداءه لمثل هذا الدور الذي يرتكز بشكل أساسي إلى التشويق الحركي، والتناقض الواضح الذي يظهر في تعابير وجهه التي توحي بالعمر والجسد الفتي، أمرٌ يبدو سريالياً إن لم يكن كوميدياً. هذا إضافة إلى العلاقة التي تجمعه في الفيلم بالممثلة الشابة جاسمين ترنكا (1981). المشكلة لا تكمن في فارق العمر الكبير بين الاثنين، بل في عدم اعتراف الفيلم بوجوده أصلاً. وهو ما كان ليكون مختلفاً بطبيعة الحال لو كانت البطلة امرأة! وهذا ما يعكس ميل السينما عموماً إلى تبني وجهة النظر الذكورية التي تفترض أنّ التقدّم في العمر لا ينتقص من قوّة الرجل وجاذبيته، كأنه مقاوم للزمن وللرصاص أيضاً كما في حالة شون بين. لكن هذا ليس التفصيل الوحيد الذي ينتقص من صدقية The Gunman، فالسيناريو بحبكته المبسّطة لا يقترب من مستوى الأعمال السابقة لبطل فيلم Harvey Milk، علماً بأنّه شارك في كتابة السيناريو. وهذا يدفع إلى الاستغراب، مقارنة بالتجارب السابقة الناجحة لبين في الإخراج والكتابة مع فيلم The Pledge عام 2001، وInto The Wild عام 2007.
القصة تبدأ في الكونغو، حيث يتظاهر «جيم» (شون بين) بالعمل كمستشار أمني لإحدى شركات التعدين، كغطاء لعمله السري كقاتل مأجور لصالح جهات خاصة. يُكلّف الرجل ورفاقه باغتيال وزير التعدين في البلاد لتهديده مصالح بعض الشركات. لكن الجهة المخططة للعملية تشترط مغادرة «جيم» مطلق النار الكونغو مباشرة من بعدها. هكذا، يضطر «جيم» إلى هجر حبيبته الطبيبة «آني» من دون أي تفسير، في حين يستغل رفيقه وشريكه في العملية «فيليكس» (خافيير بارديم) غيابه للتقرب منها.
لكن بعد مرور حوالى ثماني سنوات تقاعد خلالها «جيم» من مهنة القاتل المأجور وعاد ليعمل في الكونغو لصالح مؤسسة إنسانية للتكفير عن ذنبه، تهاجمه مجموعة من السكان المحليين الذين كُلّفوا بأخذ عينة من دمه كما يكتشف في ما بعد لإثبات ضلوعه في الاغتيال. بعدها، يغادر القاتل المأجور الكونغو بحثاً عن المستفيد من محاولة قتله، ويلتقي بشركائه السابقين بينهم «فيليكس» الذي تزوّج من «آني» ويعيشان في برشلونة. وبعد سلسلة من المواجهات والمطاردات الخيالية، يتمكن جيم أخيراً بمساعدة الإنتربول وأحد الثيران من فضح المخططين لعملية الاغتيال وإنقاذ «آني» التي احتجزت كرهينة. علماً بأنّ المطاردات تضمّنت مشهداً تحوّل كوميدياً كغيره من مشاهد التشويق، بسبب سرياليته حين يقرّر زوج «آني» فجأة إنهاء حياته بسبب غيرته من «جيم».
أما أسلوب الإخراج، فيواكب التشويق من دون الارتقاء إلى مستوى الأعمال السابقة للمخرج بيار موريل مثل Taken عام 2008. ولعلّ مشكلة الفيلم أنّه تائه بين نمط الأكشن التجاري الذي يعتمد بشكل أساسي على التشويق الحركي، وبين التشويق الأكثر ذكاءً الذي يعتمد على المهارة في حبك الأحداث والشخصيات. فعلياً، لا ينجح The Gunman في محاكاة أي من النمطين. يبدو شون بين عالقاً في شخصية «جيم» المدرّع ضد الرصاص والزمن، لكن أيضاً ضد العمق. شخصية ببنائها المسطّح وجملها الحوارية المتواضعة، لا تُظهر أداءه الأكثر احترافية في التمثيل.