في انتظار الأسبوع المقبل «الحاسم والمصيري»، بحسب الرئيس نبيه بري، الذي ينتظر «بفارغ الصبر» استئناف المحادثات مع النائب سعد الحريري للتوصل الى رئيس توافقي، تتجه الأنظار اليوم وغداً الى بكركي حيث يعقد لقاءان لموارنة الموالاة والمعارضة بدعوة من البطريرك الماروني نصر الله صفير، وذلك للاتفاق على الاستحقاق الرئاسي، وسط تكهنات في أوساط «الأكثرية»، قلّلت من أهمية ما يمكن أن يخرج به الاجتماعان، وإشارات الى عودة الحديث عن «تعويم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وتوسيعها بعد عودة الوزراء المستقيلين إليها لتصبح حكومة وحدة وطنية للحؤول دون انتخاب رئيسين وتأليف حكومتين، ريثما يتم الاتفاق على رئيس الجمهورية الجديد».وكان الاجتماعان اللذان دعت إليهما بكركي محور لقاءات صفير أمس الذي أبدى أمام زواره قلقه من الأوضاع السائدة. وأكدت أوساط الصرح لـ«الأخبار» أنه «ليست هناك مبادرة متكاملة سيطرحها البطريرك على القادة السياسيين»، مشيرة الى أن الدعوة الى الاجتماعين «جاءت نتيجة الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان، وبسبب شعور البطريركية بمسؤوليتها التاريخية ازاء الأزمة الراهنة». وأضافت ان البطريرك الماروني «سيقدم في الاجتماعين عرضاً متكاملاً عن الاستحقاق الرئاسي وضرورة حصوله وتداعيات حصول فراغ في رئاسة الجمهورية، وجلّ ما سيقوم به هو وضع هذه القيادات أمام مسؤولياتها التاريخية وحثها على المساهمة في حصول الانتخابات».
وقلّلت مصادر مطلعة من إمكان خروج الاجتماعين بنتائج تساعد في الخروج من الأزمة، وخصوصاً مع بقاء المواقف التصعيدية على حالها، مع تمسك «الأكثرية» بإجراء انتخابات بالنصف زائداً واحداً، وهو ما عبّر عنه قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع أمس بالقول «إننا سنستمر في محاولاتنا التوافقية إلى حين انتهاء الموعد المحدد للانتخابات الرئاسية أي نهاية المهلة الدستورية، التي سنتوجه عندها الى الانتخابات» بالنصف زائداً واحداً.
وفي السياق نفسه، استبعد أحد اقطاب 14 آذار، في اتصال مع «الأخبار»، أن تخرج اجتماعات بكركي بنتائج ملموسة «لأن أياً من الفريقين لن يتنازل للآخر، ولن يتوصلا الى اتفاق على مرشح أو مجموعة مرشحين يمكن مقاطعة أسمائهم مع أسماء أخرى حتى يتم اختيار مرشح توافق». وتخوّف من أن يؤدي فشل اجتماعات بكركي الى «ضرر سياسي عام يؤثر على الاستحقاق الرئاسي عموماً»، مشيراً الى أن الرئيس بري لن يستعجل اتخاذ أي خطوات حوارية جديدة قبل معرفة ما إذا كان سيتبلور اتفاق مسيحي على الاستحقاق الرئاسي أم لا». وكشف أنه في ضوء التعقيدات التي تتفاقم في وجه الاستحقاق الرئاسي «عاد الحديث يدور بعيداً عن الأضواء حول تعويم حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وتوسيعها بعد عودة الوزراء المستقيلين إليها لتصبح حكومة وحدة وطنية تملأ الفراغ وتمنع حصول انتخاب رئيسين وتأليف حكومتين، وذلك الى حين يتم الاتفاق على رئيس الجمهورية الجديد».
وفي المقابل، رأت أوساط في المعارضة أنه إذا كان الغرض من الدعوة الى الاجتماعين وضع المسيحيين أمام مسؤوليتهم التاريخية في هذه المرحلة الخطيرة، فإن اللقاء لن يخرج بأكثر مما أعلنه ويعلنه البطريرك دائماً. أما إذا كان الهدف محاولة إيجاد آلية لإدارة الخلاف المسيحي، فيمكن أن تكون الدعوة شكلاً من أشكال المبادرة التي يمكن أن يبنى عليها في ما بعد. ولخّصت المطلوب بثلاثة أمور: الأول، وهو السقف الأدنى، التفاهم على إدارة الخلافات المسيحية، والثاني، التفاهم على رؤية سياسية لمستقبل البلد، والثالث، وهو السقف الأعلى والأصعب، التفاهم على رئيس للجمهورية. بري
الى ذلك، أعلن بري، في مقابلة مع محطة «العربية» أمس على هامش مشاركته في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي في جنيف، أنه ينتظر «بفارغ الصبر» استئناف المحادثات مع سعد الحريري للتوصل الى رئيس توافقي، معتبراً عدم تحقيق ذلك «بمثابة خيانة للبنان». وأكد أن الأسبوع المقبل سيكون حاسماً ومصيرياً.
واستغرب رئيس المجلس أن تكون هناك ردود فعل على دعوة الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله إلى انتخاب رئيس للجمهورية عبر استفتاء لمرة واحدة إذا تعذّر التوافق، مشيراً الى أن نصر الله «قائد وطني وله الحق في أن يقترح ما يراه مناسباً للانتهاء من المشكل القائم في لبنان».
ورأى في عدم إشارة الحريري خلال زيارته إلى واشنطن إلى القرار 1559 وسلاح المقاومة «موقفاً إيجابياً»، مؤكداً أن «التوافق هو السيد في كل شيء، وهو الذي يوصلنا إلى كل ما نريده بالحوار». وأوضح أنه لم تُطرح خلال لقاءاته بالحريري أي أسماء في موضوع رئاسة الجمهورية.
وعما إذا كانت هناك عيدية للبنانيين، قال: «لا أملك ثمن العيدية وحدي، يملك ثمنها معي جميع القادة اللبنانيين، إذا شاركوني فأنا جاهز لتقديم هذه العيدية، وإذا لم يشاركوني نكتفي بتبادل التهاني»، مؤكداً أنه ما زال يراهن على تفاهم سوريا والسعودية، وناشد الملك عبد الله بن عبد العزيز والقيادة السورية عقد مصالحة بينهما حول لبنان.
في غضون ذلك، تواصل التراشق الإعلامي على وتيرته العالية، بعد المواقف الأخيرة للنائب سعد الحريري، الذي وصل الى باريس أمس ويلتقي وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير اليوم، وبعد الردود العنيفة من «الأكثرية» على خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله الجمعة الفائت. وقد ردّت كتلة «الوفاء للمقاومة»، أمس، على رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والنائب الحريري من دون أن تسمّيهما، قائلة عن الأول «إن التفجع من جراء اتهام إسرائيل، هو مصادرة سياسية مشبوهة للتحقيق وللعديد من الوقائع والشكوك التي ينبغي الوقوف عندها»، ومعتبرة أن دفاع الثاني عن الدور الأميركي في حرب تموز «إساءة لكل اللبنانيين، فضلاً عن أنه كشف عن حقيقة انتماء والتزام المدافعين». لكنها أكدت في الوقت نفسه الحرص «على إنقاذ البلاد عبر التوافق حول الاستحقاق الرئاسي»، ومتابعة خطوات مبادرة الرئيس نبيه بري.

بان متفائل

من جهة أخرى، نقل فرحان الحق، المتحدث باسم الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون، أن الأخير متفائل بتوصل اللبنانيين إلى حل لاختيار رئيس الجمهورية على أساس توافقي. وأضاف في حديث الى قناة «العالم» الإيرانية الرسمية إن الأمين العام للمنظمة الدولية كان على اتصال بأشخاص عدة بينهم الرؤساء إميل لحود وبري والسنيورة والنائب الحريري، وبحث معهم في اقتراحات تؤكد الحاجة للخروج بمرشح توافقي. وأشار إلى أن بان «متفائل بأنهم سيتوصلون إلى هذا الحل».