ظهرت في إسرائيل أمس إشارات تنبئ بأن الحرب المقبلة في المنطقة باتت وشيكة، عزّزتها تصريحات لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أكدت فيها أن إيران باتت «العقبة الكبرى الوحيدة أمام المصالح الأمنية الأميركية في الشرق الأوسط والعالم»، متوعدة بـ«القضاء» على «أنشطتها الخبيثة» (التفاصيل 1 | 2).وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن «قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي تعتزم البدء، خلال الأيام القليلة المقبلة، بحملة تهدف إلى إعداد الإسرائيليين لمواجهة احتمال اندلاع حرب في المنطقة، وتعرض الجبهة الداخلية للقصف بالصواريخ»، في خطوة أوضحت أنها «تأتي في إطار التهديدات الأميركية بتوجيه ضربة إلى إيران».
أما صحيفة «معاريف» فأشارت من جهتها إلى أن سلطات مطار بن غوريون تلقت أخيراً طلباً بإعداد خطة طوارئ تحاكي شنّ هجوم صاروخي عليه. وجرت في هذا المطار الدولي أمس مناورات تحاكي عمليات إجلاء عشرات آلاف المسافرين وكيفية توجيه طائرات في طريقها إلى إسرائيل نحو تركيا أو قبرص في ظل هجوم صاروخي، وكيفية استخدام المدارج في حال تعرضها للإصابة.
كما ذكرت «يديعوت» أن وزير الدفاع إيهود باراك قرر إعادة توزيع الأقنعة الواقية على الإسرائيليين، خلافاً لتوصية كانت لجنة رسمية قد تقدمت بها في وقت سابق تقضي بجمعها من البيوت وإعادة تخزينها في مستودعات خاصة.
وتذكر هذه الحملة، التي يتولاها الجيش الإسرائيلي، بمناورات مماثلة سبقت حرب الخليج الأولى عام 1991. وهي تعد الحلقة الأخيرة من سلسلة الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية للمواجهة المقبلة، إذ سبقتها إعادة نظر بنظرية الحرب، وتحديث للخطط القتالية، وتدريب المنظومة القتالية في الجيش، ومناورات في الجولان والنقب، وإعادة تعبئة مخازن الطوارئ بالسلاح والذخيرة، وكل ذلك في ضوء العبر التي جرى استخلاصها من عدوان تموز على لبنان.
استعدادات ميدانية عكست أجواءً في واشنطن، عبّرت عنها كوندوليزا رايس أمس، خلال جلسة استماع أمام الكونغرس، بقولها: «نحن قلقون جداً من أن سياسات إيران قد تكون العقبة الكبرى الوحيدة أمام المصالح الأمنية الأميركية في الشرق الأوسط والعالم». وأضافت أن «النظام (الإيراني) يعتمد سياسة خارجية، كما ظهر من خلال دعمه لمجموعات في العراق ولبنان وأفغانستان والأراضي الفلسطينية، تؤكد طموحات إيران للهيمنة على المنطقة»، مشيرة إلى «أننا عازمون على القضاء على الأنشطة الخبيثة لإيران في العراق من خلال الاعتقال والتخلص من أعضاء قوة القدس وغيرهم ممن يعرّضون للخطر الحياة البشرية والاستقرار الوطني عموماً».
لكن رايس استدركت بالقول إن واشنطن تبقى ملتزمة المسار التفاوضي لوقف النشاطات النووية الإيرانية الحساسة، موضحة أنه في موازاة المفاوضات التي يجريها المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، فإن الولايات المتحدة وشركاءها الأوروبيين يعملون على تشديد العقوبات الدولية على طهران.
وشاركت رايس الكونغرس توجّهه لتشديد العقوبات على إيران، لكنها دعت إلى «الحذر». وقالت: «نريد ببساطة أن نتأكّد من أن جهودنا المشتركة لا تقلّل من أهمية استراتيجيتنا المتعدّدة الأطراف، حيث نحصل على الفرص القصوى للنجاح».
تصريحات تردّد صداها في لندن، حيث أعلن رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، أمام مجلس العموم أمس، أنه «لا يستبعد أن تدعم بلاده العمل العسكري ضد إيران»، وإن أضاف أن بلاده تفضّل الحل الدبلوماسي للجدل الدائر حول البرنامج النووي الإيراني.
وفي السياق، قال سولانا أمس إن كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين الجديد، سعيد جليلي، توارى وراء سلفه علي لاريجاني خلال محادثات روما أول من أمس، محذّراً من أن «تعدد المفاوضين» قد يزيد تعقيد محادثاتها مع الغرب. وأضاف سولانا، في مقابلة مع تلفزيون «آر إيه آي» الإيطالي: «يجب أن نسمح بمرور بعض الوقت لمعرفة كيف ستستقر تلك الموجات الأحدث في هيكل السلطة في إيران».