تحوّلت لقاءات العماد ميشال عون والنائب سعد الحريري في باريس الى الحدث الأهم أمس، برغم أن التقديرات غلبت على المعلومات عن حقيقة ما دار بين الرجلين بعد اجتماع نهاري استمر ثلاث ساعات وآخر استهلك الليل بطوله.في هذه الأثناء كان البطريرك الماروني نصر الله صفير يؤكد أنه لن يقف مكتوف اليدين إزاء عدم وجود اتفاق مسيحي ـــــ مسيحي على الملف الرئاسي، بينما كان الرئيس نبيه بري يتوقع ان يستمر الغموض قائماً الى ما بعد القمة التي ستجمع الرئيسين الأميركي جورج بوش والفرنسي نيكولا ساركوزي في السادس من الشهر الجاري.
وفيما لم يصدر عن أوساط الحريري أي تعليق بشأن المحادثات مع عون، قالت أوساط الأخير إن ما بدأ بعد الظهر كان عرضاً عاماً ولم يتم تناول أكثر من ثلث الموضوعات، وإن الامور تحتاج الى وقت أطول. ورفض عون إعطاء أي انطباع عمّا يجري بينه وبين الحريري، لكنه قال إن البحث يتناول كل شيء ولا سيما المواضيع المتصلة بالاستحقاق الرئاسي.
وقال متصلون برئيس تيار «المستقبل» إنه يرغب في التوصل الى اتفاق مع عون على أمور أساسية، بينها سحب ترشيحه مقابل التوافق على آلية لاختيار رئيس جديد للبلاد يكون له دوره البارز في اختياره، وأن يصار الى ترتيب أمور كثيرة بينها ملف الانتخابات النيابية والتمثيل المسيحي داخل الحكومة الجديدة، بالاضافة الى أمور أخرى تخص القرارات الدولية ومصير سلاح المقاومة.
وكان عون قد صرّح أمس بأن زيارته الى باريس تهدف أساساً للقاء الحريري، وأن المواضيع التي بحثت كانت كثيرة والحديث كان صريحاً. و«الاجتماعات التي نعقدها اليوم لن تكون يتيمة وليست لرفع العتب بل لحل مشكلة صعبة والكل يبذل جهداً للوصول إلى نتيجة».
وعمّا تناقلته وسائل إعلام عن الاتفاق على اسميْ رئيس الجمهورية والحكومة، قال: «هناك رغبة جامحة في التوصل إلى اتفاق على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، فالناس يتخيّلون الكثير ونتمنى أن نرضي فضولهم ونطمئنهم لكن الموضوع لم يبحث بعد».
وعن الضغوط التي مورست لمنع اللقاء قال: «من جهتي الضغوط ليست واردة مباشرة بل إنها ترد على مسامعكم عبر التصعيد في المواقف ووضع شروط هوائية لأن من يريد أن يصل الى حلّ لا يصعّد بل ينتظر حواراً عقلانيّاً حتى تصل الى نتيجة». وأضاف: «لو لم تكن هناك نية جدية لإيجاد حلول لما كنا التقينا». وعما إذا كان متفائلاً بإمكان التوصل الى حلول قبل جلسة 12 تشرين الثاني، قال: «ما زال هناك متسع من الوقت للتوصل الى حلّ». وأضاف: «البحث في الليل أهم وأفضل من ضجيج النهار».
وكان الحريري قد التقى قبل اجتماعه بعون كلاً من مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد وولش، ثم التقى الموفد الفرنسي الخاص جان كلود كوسران الذي كان قد عقد اجتماعاً طويلاً مع عون.

صفير

في هذه الأثناء كان البطريرك صفير يبلّغ زوّاره إصراره على قيام القيادات المسيحية بمساعدته على إنتاج آلية تتيح تسمية مرشحين عدة. وقال إنه سيعاود إثارة البحث مع القادة الموارنة في الأمر بعد فشل اللجنة الرباعية في التوصل الى لائحة أسماء خاصة، مؤكداً أنه لن يسمّي شخصياً أي مرشح، ولكنه سيصر على أن التوافق يتطلب إما تنازلاً واضحاً من فريق لآخر، وهو الأمر المتعذر، وإما تخلي الفريقين عن المرشحين، وترك الأمر لفئة ثالثة تخضع لمواصفات تتيح لها التواصل مع جميع اللبنانيين وتقود البلاد نحو مرحلة جديدة وتحقق التوازن السياسي الذي يمنع التهميش القائم للمسيحيين في الدولة. وشدد على أن من يحاول استدراجه الى تكرار تجارب سابقة بتسمية مرشح معيّن لن تنفع، وأن هذا الأمر من مسؤولية الجميع. وقال إنه سينتظر لبعض الوقت قبل إطلاق موقف حاسم، وتوقع المتصلون به أن يؤجل موقفه هذا الى ما بعد مبادرة جديدة باتجاه القيادات المارونية ومعرفة مصير الاتصالات الجارية بشأن جلسة 12 الشهر الجاري.
وقالت المصادر إن اللائحة المفضلة هي التي تضم النائب بيار دكاش الى جانب الأسماء الخمسة التي نشرتها «الأخبار» أمس وتتضمّن: سيمون كرم، دميانوس قطار، فريد الياس الخازن، جوزيف طربيه وشكيب قرطباوي.
وأكد صفير أن المهم أن يتفق الجميع على إنجاز العملية الدستورية في موعدها، وأنه مستعد لمساعدة الجميع، وقال «بدنا نصلّي»، مشيراً إلى تمسّكه بوجوب توافر نصاب أكثرية الثلثين لجلسة الانتخاب وأنه لا يحبّذ الذهاب إلى انتخاب رئيس بنصاب النصف زائداً واحداً.

بري والتفاؤل

من جانبه أبلغ الرئيس بري زوّاره «أن الصراخ والضجيج الذي يثيره البعض في هذه المرحلة مردّه إلى إدراك هذا البعض أن الأمور ذاهبة في اتجاهات غير منسجمة مع تطلعاتهم ومصالحهم».
وأكد بري أنه «مهما كان هناك نفوذ أو تأثير أو شراكة لهذه الدولة أو تلك في الاستحقاق الرئاسي، فقد أطلقت مبادرة لبنانية بحتة وعلى اللبنانيين أن يغلّبوا إرادتهم على إرادة الآخرين». وأضاف أنه ينتظر ما ستتوصل إليه بكركي «ولكني لن أنتظر إلى ما لا نهاية».
وتحدث بري عن تطوّرات مهمة خلال الأسبوع المقبل أهمها اللقاءات المرتقبة في إسطنبول التي قد تشهد مفاجآت بالاضافة الى القمة الفرنسية ـــــ الأميركية المرتقبة في السادس من الشهر الحالي.

سوريا والحريري

وبعد التصريحات التي أطلقها النائب الحريري من القاهرة أمس الأول واتهم فيها سوريا بالتخطيط لاغتياله والرئيس فؤاد السنيورة، رد مصدر إعلامي سوري أمس عبر الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) على ما سمّاه «الاتهامات الملفّقة التي أطلقها سعد الحريري من القاهرة أمس بحق سوريا» فطالب لحريرى «بعرض الوثائق التى زعم أنه يمتلكها بخصوص ادعاءاته المفبركة بوجود مخطط لاغتياله والسنيورة». وتساءل: «ما دام المذكور يملك هذه المعلومات فلماذا لا يعرضها أمام الرأي العام المحلي والعربي والدولي؟».