سادت الجبهة السورية ـــــ الإسرائيلية سخونة مفاجئة أمس، عبّر عنها إعلان سوريا عن التصدّي لطائرات معادية انتهكت أجواءها، في خطوة أثارت إرباكاً إسرائيلياً، تجلّى في الامتناع عن نفي الخبر أو تأكيده، رغم أنه شغل الساحة الإعلامية والشعبية الإسرائيلية، وسط محاولات من تل أبيب لاحتواء الأزمة.سخونة سارعت على أثرها إيران إلى تأكيد جهوزيتها «لتقديم أي مساعدة لسوريا». وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسميّة «ارنا» أن السفير الإيراني لدى دمشق محمد حسن أختري «طمأن»، خلال اتصالات أجراها مع مسؤولين أمنيين سوريين، إلى أن بلاده «مستعدة لتقديم أي مساعدة إلى سوريا إذا لزم الأمر».
وكانت وكالة «سانا» السورية للأنباء قد نقلت عن متحدث عسكري سوري قوله إنه «بعد منتصف ليل الأربعاء ـــــ الخميس، قام الطيران المعادي الإسرائيلي بالتسلّل إلى أجواء القطر العربي السوري عبر الحدود الشمالية قادماً من جهة البحر المتوسط باتجاه المنطقة الشمالية الشرقية خارقاً جدار الصوت». وأضاف «وقد تم التصدي له من وسائط الدفاع الجوي، التي أجبرته على المغادرة بعدما ألقى بعض ذخائره، من دون أن يتمكن من إلحاق أي أضرار بشرية أو مادية».
وشدد المتحدث نفسه على أن «الجمهورية العربية السورية تحذّر حكومة العدو الإسرائيلي من هذا العمل العدواني السافر، وتحتفظ لنفسها بحق الرد الذي تراه مناسباً».
وقال سكان إنهم سمعوا صوت خمس طائرات أو أكثر فوق منطقة تل الأبيض على الحدود السورية مع تركيا، على بعد نحو 160 كيلومتراً إلى الشمال من مدينة الرقة السورية. وأضافوا إنهم رصدوا خزانات وقود.
وقال دبلوماسي غربي في دمشق «يبدو أن الطائرات الإسرائيلية كانت في مهمة استطلاع عندما اعترضتها الدفاعات السورية وأرغمتها على إسقاط قنابلها وخزّانات الوقود الإضافية».
وأقرّ مراسل الشؤون العسكرية في القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي بأن الطائرات الإسرائيلية فوجئت، على ما يبدو، «بالرد السوري ما اضطرها إلى إلقاء حاويات الوقود تخفيفاً لوزنها من أجل اكتساب قدرة أكبر على المناورة في طريق الفرار من المجال الجوي السوري».
وقال وزير الإعلام السوري محسن بلال، لقناة «الجزيرة» الفضائية القطرية، إن الحادث يُظهر أن إسرائيل لا يمكنها التخلي عن العدوان والغدر، مشدداً على أن سوريا «تحتفظ فعلاً بحقها في نوعية وشكل الرد على العدوان الإسرائيلي، وفي أوانه يمكن أن يبث ويذاع لكم».
ورأى مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، لـ «الأخبار»، في التصعيد الإسرائيلي الأخير محاولة للالتفاف على أي محاولة عربية ودولية لإشراك سوريا ولبنان في مؤتمر السلام المقبل، متهماً الدولة العبرية بأنها لا ترغب في السلام. وقال «في كل مرة تشعر فيها إسرائيل باقتراب الزخم لمصلحة السلام على كل المسارات، تلجأ إلى التصعيد تقويضاً للجهود لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء. وهذا يعني إفشال أي تحرك دولي إيجابي».
وكان واضحاً الإرباك الذي أثاره الإعلان السوري في إسرائيل التي آثرت عدم التعليق. ورفض مكتب رئاسة الوزراء الإدلاء بأي تصريح. أما جيش الاحتلال، فقد انتقل سريعاً من نفي وقوع الحدث إلى الحديث عن فحص التقارير السورية، ليخلص إلى موقف رسمي مفاده أنه «ليس من عادته التعليق عن أنباء من نوع كهذا»، رغم أنه سبق له التعليق على الكثير من الحوادث المماثلة.
ولم يستبعد معلّقون إسرائيليون مختصون أن تكون بعض الجهات السياسية في إسرائيل غير مطلعة على ما حصل، فيما قال آخرون إن شخصيات سياسية جرت العادة على الاتصال بها للحصول على معلومات أغلقت هاتفها للحؤول دون حرج مساءلتها إعلامياً.
وأجمع المحلّلون الإسرائيليون على أن الصمت الرسمي مردّه سعي تل أبيب إلى تهدئة الأجواء وصولاً إلى احتواء ما حصل من دون إتاحة الفرصة إلى تفعيله وتزخيمه إعلامياً وسياسياً من خلال الردود والردود المضادة. وقال محلّل إسرائيلي على دراية بشؤون الدفاع إنه يعتقد أن إسرائيل كانت تتحقق من الدفاعات الجوية السورية.
وامتنع رئيس الوزراء الإسرائيلي، خلال خطاب ألقاه مساء أمس، عن التطرّق إلى الإعلان السوري. وقال، خلال افتتاح مقرّ لحزب «كاديما»، إن حكومته ستستمر في بذل جهود من أجل استعادة الجنود الإسرائيليين الأسرى في قطاع غزة ولدى حزب الله في لبنان.
وذكرت قنوات التلفزة الاسرائيلية أن الجيش يبذل جهوداً لتهدئة الأجواء من أجل عدم الانجرار الى الحرب، كما نقلت عن قيادة المنطقة الشمالية إبلاغها السكان أنه لا سبب للقلق.
وطالبت عضو الكنيست زهافا غلئون، من حزب «ميرتس» اليساري، وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك «بكسر صمته» وإطلاع لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست على حقيقة الأمر. وأضافت «إنني أتساءل عمّا إذا كانت حكومة إسرائيل قد خرجت عن طورها».
وعلى غرار الموقف الإسرائيلي، رفضت الولايات المتحدة التعليق على المعلومات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية توم كايسي «اطّلعت على المعلومات الصحافية، وليس لدي ما أقوله لكم لتأكيدها أو نفيها».
وفي لندن، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية أنها على علم بالتطور الذي وقع في سوريا وتدقق بالتقارير.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، أ ب)