جهدت إسرائيل أمس لاحتواء التوتّر مع دمشق، غداة انتهاك طائراتها للمجال الجوي السوري، معتمدة سياسة الإنكار، والإيحاء باطمئنانها إلى هدوء الجبهة مع سوريا رغم تعليمات تلقّتها مؤسستها العسكرية بالاستعداد لرد محتمل في الجولان ولبنان، وذلك في ظل مواقف عربية خجولة، بادرت إليها قطر ومصر وجامعة الدول العربية، التي حذرت من تداعيات هذه التطورات «المؤسفة» على الأمن الإقليمي. وحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت إضفاء حال من الطمأنينة في الساحة الإسرائيلة. وقال، رداً على سؤال عن شعوره بعد البيان السوري الذي كشف عن هذا الانتهاك للسيادة السورية، «إنني مطمئن، أنتم ترون كم أنا هادئ».
واستمر أولمرت في تجاهل التعليق الرسمي على الانتهاك الإسرائيلي. وحين سئل عما إذا كانت إسرائيل أردات توجيه رسالة إلى سوريا، قال «عن أي رسالة يجري الحديث؟ لا أعرف عمّا تتكلمون».
وتكرّر الأمر نفسه مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، التي سعت أيضاً إلى اعتماد سياسة الطمأنة. وقالت، خلال مؤتمر صحافي، «ألا أبدو هادئة؟ إننا هادئون جداً». كذلك اعتمد النائب الأول لرئيس الحكومة، حاييم رامون، أسلوب «جهل» ما حدث، فبادر إلى سؤال الصحافيين «ما الذي حدث بالضبط هناك مع سوريا؟».
بدوره، عمد الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، الذي يزور إيطاليا، إلى بث رسائل تهدئة إلى دمشق. وقال إن «وجهة إسرائيل نحو السلام لا للحرب مع سوريا». وعلّقت صحيفة «يديعوت أحرونوت» على تصريح بيريز بالإشارة إلى أنه كان بالتنسيق مع أولمرت، الذي يرى أن الرئيس الإسرائيلي «أقرب شخصية إسرائيلية إلى آذان السوريين»، لأن نائب الرئيس السوري فاروق الشرع يقوم أيضاً بزيارة رسمية إلى إيطاليا.
وفي السياق بث أجواء التهدئة، استبعد الوزير العربي في الحكومة الإسرائيلية غالب مجادلة، أن يؤدي الانتهاك الجوّي إلى اندلاع حرب، مشيراً إلى أن «سلاح الجو يدخل الأجواء السورية يومياً».
كما، نقلت إذاعة الجيش عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين استبعادهم احتمال حصول تصعيد عسكري مع سوريا، لكنهم حذّروا من إمكان أن ترد دمشق بتشجيع «هجمات إرهابية» على أهداف إسرائيلية في الخارج.
ومع ذلك،، أصدر أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك تعليماتهما إلى الجيش للاستعدادات تحسباً لأي ردّ سوري في هضبة الجولان ولبنان.
عربياً، دانت قطر الخرق الإسرائيلي للأجواء السورية، محذّرة من تداعياته على الأمن الإقليمي. وطالب مصدر مسؤول في وزارة الخارجية القطرية «المجتمع الدولي، وخصوصاً اللجنة الرباعية الدولية، بتحمّل مسؤولياتها لوضع حد لمثل هذه التصرفات العدوانية».
وفي القاهرة، قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان لها، إن الخرق الإسرائيلي «يزيد الأجواء في المنطقة توتراً في الوقت الذي يتعيّن أن يلتزم فيه الجميع العمل على تهدئة الموقف وليس العكس». ورأت أن إسرائيل تتحمّل مسؤولية هذا التعدي، مشيرة إلى أن مصر «تابعت عن كثب قيام طائرات إسرائيلية بالتعدي على المجال الجوي السوري».
بدوره، حذّر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى من «المناورات الإسرائيلية غير المقبولة التي تعبر عن نيات سلبية تجاه الحديث الجاري عن تحقيق السلام في الشرق الأوسط». وطالب، في بيان له، «اللجنة الرباعية الدولية والولايات المتحدة بشكل خاص بوصفها الداعية لاجتماع دولي حول السلام في الشرق الأوسط إلى التعامل بجدية مع هذه التطورات المؤسفة تفادياً لما قد ينتج منها من تداعيات سلبية على مصالح المنطقة».
وفي نيويورك، طلب مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري من الأمين العام للأمم المتحدة بام كي مون موقفاً من خرق الطائرات الحربية الإسرائيلية للأجواء السورية. إلا أن المتحدث باسم الأمين العام، فرحان الحق، اكتفى بإصدار بيان مقتضب جاء فيه أن بان «قلق من التقارير عن خروق للمجال الجوي السوري من جانب طائرات إسرائيلية. وأنه يسعى إلى الحصول على إيضاحات عن الحادث من الجانبين».
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي)