أعلنت قوى 14 آذار انفتاحاً «مفخخاً» على مبادرة الرئيس نبيه بري. ودعت المعارضة الى التنازل عن نصاب الثلثين مقابل تخليها عن نصاب النصف +1. كما طالبت باستئناف الحوار مع «الكتل النيابية لقوى 8 آذار» من أجل التفاهم «من خلال الإجماع أو شبه الإجماع» على رئيس جديد حددت مواصفاته وبرنامج عمله بما تراه في مرشّحيها. وأورد البيان الذي جاء بعد اجتماع طويل عقد في منزل الرئيس أمين الجميل في بكفيا أن الاستحقاق الرئاسي «محطة أساسية لتطبيق مسلّمات الحوار وقرارات مجلس الأمن وإعادة إطلاق الحياة الاقتصادية» ودعا المعارضة الى «تجنيب البلاد مأزق الاقتراحات المشروطة التي تعطل الحوار ولا تضمن تفادي الفراغ الرئاسي».
وعلقت مصادر سياسية قريبة من المعارضة على البيان بالملاحظات «الأوّلية» الآتية:
1ـــــ إن فريق 14 آذار أعلن رفضاً «مجملاً» لمبادرة الرئيس بري، وأكد للجميع أنه لم ولن يلتزم إجراء الانتخابات على أساس نصاب الثلثين، وأنه لا يزال يتمسك بنصاب النصف +1 وربما يبحث عن صيغة أخرى.
2ـــــ إن الفريق نفسه يشترط مسبّقاً أن يلتزم الرئيس المقبل تنفيذ جميع القرارات الدولية ومقررات الحوار الوطني ومقررات مؤتمر باريس ـ3، وأن يكون بالتالي رئيساً يحمل برنامج 14 آذار.
3ـــــ إن فريق 14 آذار أخذ من مبادرة بري الدعوة الى التوافق فحوّلها الى دعوة لحوار مفتوح وغير مشروط.
وقالت المصادر إن رداً أولياً ولكنه جامع سوف يصدر اليوم عن الرئيس بري في مقابلته التلفزيونية المقررة مع الزميل مارسيل غانم في المؤسسة اللبنانية للإرسال، وإن قوى المعارضة سوف تسارع الى دراسة الموقف وإصدار مواقف من هذا البيان.علما ان القريبين من بري تعاملوا مع البيان ليل امس بـ«كثير من الحذر مع كثير من الإحباط».
وكان الحريري الذي عاد من الخارج ليل أول من أمس قد استبق الاجتماع بجولة شملت نهاراً مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ومساءً رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط، ووضعهم في أجواء ما توافر لديه من معطيات عن القضايا المطروحة، وتركز البحث على الموقف المطلوب اتخاذه إزاء مبادرة مبادرة بري.
وقالت مصادر قريبة من بري لـ«الأخبار» إنه لن يوفر في حواره المتلفز مساء اليوم ناظر القرار 1559 تيري رود لارسن إذا لم يصدر توضيح للموقف الذي أعلن اثر اجتماعه في الفاتيكان أمس مع البطريرك الماروني نصر الله صفير بأن الدستور اللبناني يقضي بانتخاب رئيس الجمهورية بثلثي أعضاء المجلس النيابي وأنه إذا لم يتوافر هذا الثلث يتم الانتخاب بالاكثرية.
كوشنير
وعشية زيارته لبيروت اليوم أعرب وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير أمس عن الأمل بأن يتوصل القادة السياسيون اللبنانيون الى اتفاق على اختيار رئيس جديد للبنان دون أيّ تدخل خارجي. وقال في مؤتمر صحافي عقده في عمّان قبيل توجهه الى بيروت «آمل أن يتوصلوا الى اتفاق لاختيار مرشح بالإجماع وآمل أن تجري الانتخابات دون أي تدخل خارجي، أو اغتيالات وحشية غالباً ما تأتي من خارج لبنان». وأضاف «أعتقد أن هناك عنصراً إيجابياً صغيراً».
الموقف السعودي
وفيما غادر السفير السعودي عبد العزيز خوجة بيروت مجدداً بعد إقامته يومين فيها قال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل في مؤتمر صحافي عقده في جدة أمس: «إن المملكة تتابع جهودها لدى جميع الاطراف في سبيل حل الخلافات القائمة بين الفرقاء اللبنانيين وخاصة مع حلول موعد الانتخابات الرئاسية ونجدّد دعوتنا إلى القيادات اللبنانية كافة للتوافق وتغليب المصلحة الوطنية على كل ما يعوقها من تدخلات خارجية تهدف إلى استباحة الساحة اللبنانية وأن يحرصوا على تجنب الانخراط في الصراعات الاقليمية والدولية التي تهدد الكيان اللبناني». وأشار الى أن هناك «تفاؤلاً حذراً» في المشاورات في لبنان وخصوصاً بعد مبادرة بري وقال: «هناك فرصة إذا استغلت النوايا التي وراء هذه المبادرة فإن فيها تغييراً حقيقياً للموقف السابق وبالتالي يمكن أن تؤدي الى حل.. وليتم ذلك يجب أن تكون هناك ثقة بين الاطراف كلها لتخضع نظاميتها لهذه المبادرة وتتفاعل معها. وإذا ما تم ذلك فسيفتح الطريق لانتخاب رئاسي متفق عليه، وهذه أول خطوة لإنهاء الازمة ويعود كل ذلك الى انخراط اللبنانيين في هذا الخصوص».
ونقل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبد الامير قبلان العائد مساء امس من السعودية عن الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز الذي التقاه في جدة أنه «يدعم مبادرة الرئيس بري ويدعم التوافق والتفاهم بين اللبنانيين ليبقى لبنان جوهرة في محيطه، ومحط أنظار العالم، وإن السعودية وملكها وشعبها مع لبنان ومع إنقاذه ليعود الى سابق عهده». كذلك نقل عنه تأكيده أنه «ضد الإرهاب وضد التفريق بين سني وشيعي، وضد التفرقة بين مسلم ومسيحي لأن البلاد لا تنهض إلا بعمل خلقي مميز وصدقية رائدة».

نص بيان قوى 14 آذار

في ما يلي نص البيان الذي أذاعه النائب سعد الحريري بعد اجتماع قوى 14 آذار مساء أمس في منزل الرئيس أمين الجميل في بكفيا:
اجتمعت قيادات 14 آذار في دارة فخامة الرئيس أمين الجميل في بكفيا مساء اليوم، واستعرضت الوضع العام في البلاد والمخاطر المحدقة بالوطن، وتداولت في مختلف الأوضاع السياسية، وخصوصاً الاستحقاق المتعلق بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، والجهود المبذولة لتحقيقه في موعده الدستوري.
وبعد أن وجهت التهنئة الى الحكومة وقيادتي الجيش وقوى الأمن الداخلي وسائر الأجهزة الأمنية بمناسبة الانتصار على عصابة شاكر العبسي الإرهابية، وحيّت الشهداء الأبرار الذين سقطوا في معركة الدفاع عن سيادة لبنان في نهر البارد وهنأت اللبنانيين جميعاً والمسلمين خصوصاً بحلول شهر رمضان المبارك، توقفت عند النقاط التالية:
أولاً: إن قوى 14 آذار التي دفعت الضريبة الأغلى من خيرة قياداتها دفاعاً عن سيادة لبنان واستقلاله ودستوره ونظامه الديموقراطي، تنظر الى استحقاق رئاسة الجمهورية باعتباره محطة أساسية في استعادة الاستقرار السياسي وتطبيق مسلّمات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن الدولي وإعادة إطلاق عجلة الحياة الاقتصادية ومعالجة المشاكل الحقيقية التي يواجهها اللبنانيون، وهي تناشد القيادات السياسية المعارضة فتح ثغرة في الجدار المسدود وتجنيب البلاد مأزق الاقتراحات المشروطة التي تعطل الحوار ولا تضمن تفادي الفراغ في سدة الرئاسة الأولى.
ثانياً: إن قوى 14 آذار ترحب بمبدأ التوافق والحوار وتشدد على اعتبار الحوار سبيل اللبنانيين الى الخلاص وتجديد الثقة بوطنهم ودولتهم ومؤسساتهم، وقطع الطريق أمام مخططات العبث بالاستقرار الوطني، وفتح صفحة جديدة في حياتنا الوطنية والسياسية ترتكز على قواعد الدستور والنظام الديموقراطي ووثيقة الوفاق الوطني التي ارتضيناها جميعاً في اتفاق الطائف.
ثالثاً: إن قوى 14 آذار، حرصاً على مصلحة لبنان وشعبه وتأكيداً للرغبة الصادقة في التفاهم مع إخوتنا في الوطن، وتوطيداً لأركان العيش المشترك، وحرصاً منها على الانفتاح على اقتراح دولة الرئيس نبيه بري بالعودة إلى الحوار والتأسيس لمرحلة جديدة من التفاهم بعيداً عن التحدي السائد، تدعو كتل 8 آذار النيابية إلى اللقاء والتفاهم على قواعد وطنية واضحة لما فيه خير لبنان. فلنذهب إلى غرفة التلاقي والحوار من دون أي سلاح أو حجج أو تهويل، ولنضع كل سجالاتنا السياسية جانباً ونتركها خارج غرفة التلاقي، فلا نحن نشهر الانتخاب بالنصف زائداً واحداً، ولا هم يشهرون تعطيل الانتخاب بحجة نصاب الثلثين، بل ننكبّ جميعاً على التفاهم لإنقاذ الاستحقاق الرئاسي من المجهول وترجمة ذلك من خلال الإجماع أو شبه الإجماع في أضعف الأحوال.