أثارت جريمة اغتيال النائب أنطوان غانم أمس موجة استنكارات عالمية، امتدت من واشنطن إلى دمشق، مروراً بلندن وباريس وبروكس وروما، أجمعت على ربط هذه العملية بالاستحقاق الرئاسي المقبل، وعلى أنها تستهدف استقرار لبنان.وقال رئيس مجلس الأمن الدولي لهذا الشهر، المندوب الفرنسي جان موريس ريبير، إن «هذا دليل جديد على أن هناك أشخاصاً يريدون زعزعة الاستقرار ومنع العملية القضائية من الاكتمال»، مشيراً إلى أن الأمر «لم يكن مجرد مصادفة»، في إشارة إلى صدور بيان أمس عن مجلس الأمن يقول إن الإجراءات الضرورية لإنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي «يجب أن تمضي قدماً في لاهاي»، بعدما تبلّغ بالتقدم الأخير في إنشاء هذه المحكمة.
بدورها، رأت المتحدثة باسم البيت الأبيض، دانا بيرينو، أنه «منذ تشرين الأول 2004 (محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة) هناك أمر ثابت في الاغتيالات ومحاولات الاغتيال السياسي الهادفة إلى ترهيب أولئك الذين يعملون بشجاعة من أجل لبنان سيد وديموقراطي». وأضافت: «إن ضحايا هذه الاغتيالات الجبانة، كانوا بشكل ثابت، أولئك الذين سعوا علناً إلى وضع حد للتدخل السوري في الشؤون الداخلية للبنان». وإذ رفضت اتهام سوريا بشكل واضح، أضافت أن الاعتداء الجديد «يبدو متناسقاً مع هذا الثابت».
وقالت بيرينو إن بلادها ترى في هذا الاعتداء «وسيلة للتأثير في الانتخابات الرئاسية»، مضيفة: «إن كون هذا الاعتداء وقع في الوقت الذي يستعد فيه لبنان لانتخاب رئيس جديد، ليس مصادفة».
وأعربت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس عن «حزنها» للاعتداء. وقالت، في بيان نشر في القدس المحتلة، إن هذا الاعتداء «يمثل فصلاً جديداً من الحملة الإرهايبة التي يشنّها أولئك الذين يريدون الالتفاف على التقدم الديموقراطي الذي تحقق في لبنان». وأضافت إن «أعداء السلام والحرية يريدون أن يكسبوا عن طريق العنف والتهديد ما لا يستطيعون كسبه عن طريق انتخابات حرة وشفافة». وأوضحت «يجب أن يتحدث العالم بصوت واحد للدعوة الى وضع حد لأعمال العنف في لبنان التي تهدف الى الإطاحة بالتقدم الديموقراطي في هذا البلد». وقالت أيضاً إن الانتخابات الرئاسية في لبنان يجب أن تجري «من دون التهديد بتدخلات خارجية وبأعمال عنف ترافق مثل هذه التدخلات».

وفي باريس، أعرب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن أمله في «كشف ملابسات هذه الاغتيالات الشنيعة، وإحالة مقترفي هذا العمل الشنيع إلى القضاء»، فيما ندّد وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير بالاعتداء «الشنيع والجبان»، مشيراً إلى أن غانم يحمل أيضاً الجنسية الفرنسية.
وقال كوشنير، في بيان: «إن وفاة أنطوان غانم تؤثر فيّ، وخاصة أني استقبلته في سان كلو، حيث مثل الرئيس أمين الجميل». وأضاف أن «فرنسا مع المجتمع الدولي، تقف إلى جانب لبنان في مواجهة المحاولات المتكررة لزعزعة استقراره وسياسة الترهيب هذه. وعلى أولئك الذين يدبرون هذه الأمور أن يدركوا أنهم لن يحققوا غايتهم».
وتابع كوشنير: «مع اقتراب الاستحقاق الكبير للانتخابات الرئاسية، فإن هذه المرحلة يجب أن تكون أكثر من أي وقت مضى ساعة التجمع لجميع اللبنانيين. وإن الحوار السياسي الذي أسهم فيه أنطوان غانم يظل الحل الوحيد للخروج من الأزمة»، مشدداً على «أن فرنسا ستتابع جهودها في هذا الاتجاه وستبقى بحزم على سياستها لمصلحة وحدة لبنان واستقراره واستقلاله».
ورأى وزير الخارجية البريطاني ديفيد مليباند أن الاغتيال «محاولة وحشية لزعزعة استقرار لبنان، في هذه المرحلة الحاسمة في تاريخه». وفيما أعرب رئيس الوزراء الإيطالي رومانو برودي عن «قلقه» بشأن الأوضاع في لبنان، رأى وزير خارجيته ماسيمو داليما، في اتصال مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، أن عملية الاغتيال «محاولة خطيرة جديدة لزعزعة استقرار الحياة السياسية اللبنانية»، معبراً عن أمله في أن تسهم في «تعزيز الرغبة لدى الجميع، بعزل الفصائل المتطرفة».
وفي موسكو، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية ميخائيل كامينين «إن موسكو تدين بشدة هذا الاعتداء الإرهابي الجديد الذي يكمل سلسلة قاتمة من الاغتيالات السياسية في لبنان». وأضاف: «يجب العثور على منظميه ومنفذيه ومعاقبتهم».
وأضاف المتحدث أن «من البديهي أن الاعتداء يحمل طابعاً استفزازياً بحكم أنه تم في الوقت الذي يجري فيه العمل على التوصّل إلى حل للأزمة السياسية في لبنان وإلى اتفاق بين القوى السياسية الرئيسية للبلاد مع اقتراب الانتخابات الرئاسية». وتابع: «إننا نأمل أن يتحلى كل الزعماء اللبنانيين بضبط النفس، وأن يواصلوا الحوار بهدف التوصل إلى حلول (...) لضمان السلم المدني والاتفاق في لبنان، فضلاً عن تأمين مستقبل على أساس الاستقلال والتنمية الديموقراطية» لهذا البلد.
عربياً، استنكرت سوريا «بشدة» الجريمة، ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر إعلامي قوله «إن هذا العمل الإجرامي يستهدف ضرب المساعي والجهود التي تبذلها سوريا وآخرون من أجل تحقيق التوافق الوطني اللبناني».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، د ب أ)