صنعاء | تتعدد فصول مآسي اليمنيين نتيجة العدوان السعودي على بلادهم، التي ترخي بظلالها على حياة الناس بكل جوانبها.أحد فصول العدوان الذي لم يأخذ حقه في التغطية مضاعفة حجم مشكلات السفر على اليمنيين، خاصة مع استهداف المطارات الرسمية، فظهرت إلى الواجهة معضلة كبيرة اسمها «العوائل العالقة» في شمال البلاد وجنوبها.

كان السفر عبر البر من شمال اليمن إلى جنوبه وبالعكس محفوفاً بالمخاطر، نظراً إلى سيطرة الجماعات الإرهابية والمليشيات الداعمة للرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي على بعض الطرق، وهو ما كان يعرض حياة المسافرين للخطر، وقد وقعت حوادث عديدة في هذا المضمار، منها حادثة ذبح 14 جندياً في محافظة حضرموت على أيدي عناصر تنظيم «القاعدة» الإرهابي في شهر آب الماضي.
الاعتداءات المتكررة على خطوط السفر البري دفعت الأهالي إلى اعتماد السفر جواً، غير أن العدوان السعودي الذي فرض حظراً جوياً على اليمن قد قضى على آخر وسيلة أمام لليمنين وعوائلهم للتنقل وجعلهم عالقين في أماكنهم، حتى أن المنظمات الانسانية واجهت رفضاً سعودياً في توفير ممرات آمنة للمسافرين بحسب منظمة الصليب الأحمر الدولي.
عائلة المواطن عبد الرحمن السلطان، واحدة من عائلات كثيرة تركتهم الحرب عالقين بعيداً عن ديارهم أو مقارّ أعمالهم. ينحدر السلطان من الشمال، لكنه يقيم هو وعائلته منذ عشرين عاماً في مدينة عدن الجنوبية ويعمل في قوات الأمن وأبناؤه يدرسون في مدارس عدن وجامعاتها، واضطرته الأحداث التي شهدتها عدن قبل العدوان السعودي إلى نقل عائلته إلى صنعاء.
يروي السلطان معاناته لـ«الأخبار»، فيقول إنه استبشر بدخول قوات الجيش واللجان الشعبية إلى عدن وقرر العودة إليها، ويصحب عائلته وأبناءه المرتبطين بالمدارس والجامعات، لكن العدوان السعودي قضى على تلك البشرى، فقد ترك منزله بما فيه من أثاث وتجهيزات عرضة للنهب والسرقة، وهي أعمال شاعت في عدن لدى سيطرة مليشيات الرئيس المستقيل وعناصر «القاعدة» على المدينة.
أما عمار الشرجبي (40 عاماً) من أبناء الجنوب، فقد حصل على وظيفة في صنعاء قبل بضعة أشهر في أحد مصانع الصابون، واستأجر غرفة صغيرة قرب عمله وترك زوجته التي تعمل طبيبة في مستشفى خاص في عدن وابنته 11 عاماً التي تتابع دراستها. سافر قبل العدوان السعودي لقضاء إجازة مع عائلته في عدن، وقبل أن تنتهي الإجازة بدأ العدوان فعلق في عدن.
ويخشى الشرجبي في حديثه لـ«الأخبار» أن تسبب الحرب فقدانه لعمله في صنعاء، خاصة إذا طالت وأقدمت الشركة على فسخ عقده معها، ولا سيما أن قانون العمل في اليمن غير مفعّل، بحيث يضمن استمراره في الوظيفة وتسلّم راتبه، رغم بقائه في عدن، نظراً إلى الظروف التي تمر بها البلاد.
ويضيف الشرجبي أنه اعتاد السفر عبر الطيران المحلي ليتجنب السفر عبر البر لما يمثله من مخاطرة جراء سيطرة المليشيات و«القاعدة» على بعض الطرق المؤدية مدن الجنوب.
الحالات التي استعرضناها تمثل نموذجاً لعشرات العوائل الأخرى في الشمال والجنوب والتي تعاني اليوم في ظل العدوان السعودي من بقائها رهن الإقامة الجبرية، وهناك حالات أخرى لعوائل قسمتها الحرب، ويحدث مثلاً أن يعلق أحد أفراد عائلة ما في الشمال، بينما تكون عائلته في الجنوب، والعكس صحيح.