strong>تشييع غانم اليوم وبري يبرّد اتصالاته و14 آذار تطلب دعماً عربياً ودولياً لضمان الانتخابات الرئاسية «كيفما اتفق» على وقع التصعيد السياسي، الذي ترافق مع مساع لاحتوائه من قبل أطراف داخلية وخارجية، يشيّع اليوم النائب الشهيد أنطوان غانم في مأتم ينطلق صباحاً باتجاه كنيسة القلب الأقدس في بدارو، قبل أن يوارى في الثرى ظهراً في مدافن العائلة في فرن الشباك.
وبينما بادرت قوى 14 آذار الى شنّ هجوم جديد على سوريا وعلى المعارضة فاتحة النقاش حول ضرورة حسم ملف الانتخابات الرئاسية بعيداً عن النقاش الدستوري، ذكرت مصادر مطلعة في باريس وواشنطن أن فريقاً بارزاً في قوى 14 آذار، بدأ يتحدث عن «ضرورة لجوء المجتمع الدولي الى خطوات استثنائية لتوفير مظلة حماية للبنان»، وهو كلام ورد امس على لسان النائب وليد جنبلاط الذي ألغى مؤتمراً صحافياً في آخر لحظة بعد مداخلات لجهات سياسية محلية ودبلوماسية عربية.
وحسب المصادر فإن الفريق نفسه يعد لتحرك سياسي ودبلوماسي يدعو مجلس الأمن الدولي الى اتخاذ قرار بإلزام مجلس النواب إجراء الانتخابات الرئاسية خارج السجال الدستوري، وأن يصار الى إصدار قرار آخر لنشر قوات الأمم المتحدة على الحدود اللبنانية ـــــ السورية، وحتى البحث في توفير حماية أمنية دولية لشخصيات 14 آذار».
في هذه الأثناء أجرى النائب سعد الحريري مشاورات داخلية واتصالات مع عدد من العواصم بغية التحضير لموقف من المساعي التي يقوم بها الرئيس نبيه بري، فيما نقل زوار الأخير عنه انتظاره «برودة الأجواء الحامية قليلاً كي يستأنف ما يعتقد جازماً بأنه الفرصة الاخيرة لإنقاذ الاستحقاق والبلاد».
وأبلغ بري «الأخبار» أن اتصاله بالحريري كان بهدف التعزية، ووجد لديه مناخاً جيداً «واتفق خلاله على استكمال الاتصالات وألا يتم إقفال أفق المعالجات». وأضاف: «اليوم سيتم التشييع، وبعدها سيكون من الصعب القيام بشيء حتى موعد الخامس والعشرين، حيث سأنزل الى مكتبي في المجلس، وإذا توافر حضور ثلثي أعضاء المجلس من النواب فسأفتتح الجلسة، وإذا تعذر ذلك، فسأعلن تأجيلها أسبوعين أو ثلاثة وبعدها نباشر الجولة الجديدة من الاتصالات». ورفض بري التعليق على بيان «الصف الثالث والرابع من قوى 14 آذار» ودعا الى الهدوء.
وتلقى بري اتصالاً من وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الموجود في واشنطن وأبدى استعداده للمجيء قريباً إلى لبنان إذا رأى بري ضرورة لذلك، وشجّعه على الاستمرار في مبادرته الوفاقية، مؤكداً أن «فرنسا ستدعم بقوة هذا الجهد». وقال بري أمام زواره إنه «كان واثقاً من أن مبادرته ستصل إلى أهدافها المرسومة خلال فترة قصيرة، خصوصاً بعدما قطعت أكثر من 70 في المئة من مراحلها وكانت تسير «مثل الماء نزولاً». وأكد أنه يعوّل أهمية على دور المملكة العربية السعودية «التي تحرص على استقرار لبنان وعلى إنجاز العملية الدستورية بتوافق القوى السياسية لسكب مياه باردة على بعض الرؤوس الحامية وتحذيرها من مغبّة إدخال لبنان في نفق مظلم».

جنبلاط

وكان جنبلاط يستعد لإعلان موقف متشدد في مؤتمر صحافي قبل أن يعلن تأجيله في اللحظة الأخيرة، تماماً كما فعل في مرة سابقة، وذلك بعد حصول مداخلات أبرزها من السفير السعودي عبد العزيز خوجة. وأذاع جنبلاط بياناً أشار فيه الى تلقيه اتصالاً من خوجة ومن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ومساعدها ديفيد وولش، وأنه دعاهما الى «التفكير بصيغة حماية يقدمها المجتمع العربي والدولي والأمم المتحدة لإمرار الاستحقاق وللحؤول دون استمرار النظام السوري وحلفائه في سياسة القتل والاغتيال السياسية».
كما تلقّى الرئيس أمين الجميل اتصالات من مسؤولين عرب ودوليين أبرزهم وزيرا الخارجية الفرنسي برنار كوشنير والأميركية كوندوليزا رايس والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى. وقالت مصادر الجميل ان الأخير أبلغ من اتصلوا به، انه «على رغم فداحة الخسارة فإن ما حدث ينبغي أن يعطي دفعاً لجهود الحل، وخصوصاً لمبادرة الرئيس بري». وأضافت المصادر أن كوشنير أبلغ الجميل انه يجري محادثات مكثفة في واشنطن وانه سيلتقي رايس اليوم، مؤكداً «عزم فرنسا على الدفع في اتجاه الحل في الملف الرئاسي».

لحود

ونقل زوار رئيس الجمهورية العماد إميل لحود لـ«الأخبار» عنه تنديده بالجريمة وتخوفه من عدم حصول انتخابات رئاسية في موعدها الدستوري، مشيراً الى أن الذين ارتكبوا هذه الجريمة «هم الجهات نفسها التي ارتكبت الجرائم السابقة وشرعت الابواب لاستصدار قرارات دولية وللإمعان في التدخل في الشؤون اللبنانية». وكرر لحود تأكيده أنه لن يسلم السلطة الى حكومة الرئيس فؤاد السنيورة أو الى رئيس ينتخب بطريقة غير دستورية، وأشار الى أنه بعدما رُفض اقتراحه تأليف حكومة أقطاب سياسيين أو من شخصيات سياسية برئاسة قائد الجيش العماد ميشال سليمان، فإنه يحتفظ بخيار دستوري، رفض الإفصاح عنه، «سيتخذه في الوقت المناسب ويرى فيه ما يحول دون انزلاق البلاد الى حرب أهلية».
ولم يستبعد زوار لحود أن يكون «ثمن» اغتيال غانم استصدار قرار دولي جديد في شأن المحكمة الدولية، ودخولاً دولياً على خط جلسة الانتخابات الرئاسية المقررة الثلاثاء المقبل. وأشار الى ان الذين نفذوا الجريمة إنما يريدون خلق أجواء من البلبلة والفوضى بما يخدم مشروع فريق الموالاة الهادف الى خطف الاستحقاق الرئاسي والذهاب الى انتخابات بنصاب النصف زائداً واحداً.
واتهم لحود إسرائيل وجهات متطرفة بالاغتيالات التي حصلت، وهي تعتقد أنها تخدم فريق الموالاة فيما هي تخدم مخططاتها للإمساك بلبنان، ولذلك فإنها تغتال شخصيات من الصف الثاني من الموالاة لا تسبّب مضاعفات يمكن أن تدخل البلاد في حروب أو فتن كبيرة.

اجتماع وزاري

في هذه الأثناء ترأس السنيورة اجتماعاً وزارياً ناقش التطورات، وشهد مداخلات ركزت على ضرورة التحرك سريعاً لدى العواصم العربية والدولية «لردع الإرهابيين». وجرى الاستماع الى موجز أمني قدمه الوزير حسن السبع الذي لم يشر الى جديد نوعي، فيما أعلن الوزير غازي العريضي بعد الاجتماع «اننا متمسكون بإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها وفق الأصول الدستورية، ونمد يدنا مجدداً الى الجميع ونؤكد ضرورة عدم حصول الفراغ، ونؤكد التزام الدستور» وقال «إننا لا نريد الانتقال من مأزق الى آخر ولا نريد إنقاذ استحقاق لإغراق البلاد في هذا الجو من الانقسام الذي يشير إليه كثيرون ويهدّدون بخطوات وممارسات على الأرض لن تؤدي الى حلول».

14 آذار


وبعد اجتماع للجنة المتابعة لقوى 14 آذار صدر بيان طالب برّي بـ«موقف حاسم من الاحتلال القائم بجوار المجلس، الذي هو اليوم واقعياً تحت سيطرة قوى غير شرعية»، و«تسليم أمن المجلس ومحيطه الى المؤسّسات الشرعية كمقدّمة موضوعية لتأمين الانتخاب وسلامة النواب». كما طالب نوّاب المعارضة بـ«الالتزام بنداء المطارنة الموارنة، في شأن عدم مقاطعة جلسة الانتخاب».
وحسب مشاركين في الاجتماع فقد شنّ ممثلو الحزب التقدمي الإشتراكي والقوات اللبنانية هجوماً عنيفاً على بري الى حد اتهامه بأنه «شريك بشكل من الأشكال في الجريمة من خلال تعطيل المجلس النيابي وإصراره على الحضور وحيداً الى المجلس في جلسة 25 أيلول المقبلة من دون نواب كتلة التنمية والتحرير فيما يتساقط النواب على قارعة الطريق واحداً بعد آخر».
وحصل نقاش حول ضرورة تجنّب «المنافسة القائمة الآن بين مرشحي اللقاء للرئاسة والتي تهدد وحدة هذه القوى واستبعاد التفاهم الممكن على مرشح واحد». وقال أحد المشاركين: «أنا غير مستعد للموت من أجل أن يصل هذا أو ذاك الى سدة الرئاسة».
وقال أحد نواب 14 آذار «إن مبادرة بري لا تعتبر بحكم المنتهية، ولكن هناك عمليات اغتيال من ناحية أخرى، والرئيس بري ليس بعيداً عن الطرف الذي يقتل، وإن كان حتماً بعيداً عن عمليات الاغتيال، ونحن نرى الشر المستطير بالقتل اليوم، ونعلم أن بري خارج دائرة الاتهام، ولكن هناك إمكان استفادة من المناخ السياسي المتوتر، وكان على بري أن يستدرك أن الامور ستصل الى هنا، وليخبرنا كيف سنصل الى تشرين الثاني من دون حوار؟».