strong>صفيـر تجنّب الأسمـاء الرئاسية مع بـري وضمـانات سعوديـة بعـدم لجـوء الأكثريـة إلى انتخـاب أحادي اليـوم

الإجراءات الأمنية المشددة في كل وسط بيروت التجاري ومحيطه، يبدو أنها ستنتقل الى داخل المجلس النيابي نفسه، حيث لم يكف التوافق ورسائل التطمين لإزالة القلق لدى قوى بارزة في المعارضة من احتمال لجوء قوى 14 آذار اليوم الى عقد جلسة برئاسة نائب الرئيس فريد مكاري وانتخاب رئيس بمن حضر. وبعد تلقي قوى في السلطة وأجهزة أمنية رسمية إشارات جدية إلى نية المعارضة منع حدث من هذا النوع، ولو بالقوة، تولى السفير السعودي في بيروت عبد العزيز خوجة، الذي غادر الى جدة ليلاً، والنائب سعد الحريري، بعد ظهر امس، إبلاغ كل من يهمه الأمر أن التصعيد الوارد في كلام النائب وليد جنبلاط وقائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع لا يعني أن جلسة اليوم ستشمل خطوة من جانب واحد.
في هذه الأثناء كان الرئيس نبيه بري يشيع مناخات إيجابية عن اجتماعه بالبطريرك الماروني نصر الله صفير، علماً بأن مصادر مطلعة قالت إن الأخير رفض الدخول في تفاصيل الملف أو مقاربة ملف الأسماء، واكتفى بتكرار كلام عن المواصفات الخاصة بالرئيس المقبل، ما دفع المصادر الى القول إن بري استمع امس الى «عظة الاثنين»، وإن المسألة تتطلب وقتاً إضافياً قبل الحديث عن احتمال حل.
من جانب آخر، لوحظ امس استنفار أمني لا سابق له من جانب فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، فيما تحدثت أوساط «الاكثرية» عن انتشار كثيف للغاية، وإن غير مرئي، للمئات من عناصر «حزب الله» في بيروت، وأن أجواء قوى المعارضة توحي باحتمال حصول مواجهة في أي لحظة، وهو الامر الذي تواكب مع قرار كتلة نواب «حزب الله»، بعد اجتماع طارئ مساءً، حضور الجلسة ومواكبة التطوّرات، وهي حال نواب كتلة التحرير والتنمية، فيما قرر عون إيفاد خمسة فقط من أعضاء كتلته الى المجلس.
وكان جنبلاط وجعجع قد تناوبا على التصعيد، إذ رأى الأول، في حديثه الأسبوعي الى جريدة «الأنباء» أن «مشاركتنا في الجلسة غداً لا تسقط حق الأكثرية الدستوري في انتخاب رئيس للجمهورية وفق قاعدة النصف +1 في الجلسات اللاحقة»، وشنّ حملة عنيفة على «الحزب الشمولي الذي يصادر قرار طائفة بممارسة الإرهاب الفكري»، فيما اتهم جعجع بري بالقيام بـ«عمليات تمويه» على استراتيجية المعارضة، التي رأى أن «خيارها الفعلي»: «إمّا رئيس ترضى به سوريا على صورة الرئيس (إميل) لحود، وإما لا انتخابات رئاسية»، رافضاً الرئيس التوافقي.
وعلى اثر تلقي السفير السعودي اتصالات استيضاحية عن مغزى كلام جعجع وجنبلاط، سارع الى التشاور مع الحريري الذي بعث برسالة خاصة ومستعجلة الى بري والى قيادة «حزب الله» نافياً وجود ميل الى خطوة انتخابية أحادية اليوم. وفي وقت لاحق، أمل الحريري، في إفطار في قريطم، أن يفتح اجتماع المجلس اليوم «باب الحل والحوار والنقاش من أجل إنقاذ لبنان واللبنانيين من الأخطار الداخلية والاقليمية التي تتلبّد غيومها في سماء المنطقة»، داعياً «جميع الاطراف، فوراً، الى الدخول في نقاش جدي وعملي للاتفاق والتوافق وإنقاذ رئاسة الجمهورية من خطر الفراغ»، فيما رجح الرئيس أمين الجميل أن تتأخر الاتصالات الى ما بعد عطلة عيد الفطر متوقعاً «خطوات عملية لحل الأزمة انطلاقاً من انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية».

عون: تموز جديدة

وفي حديث إلى «الأخبار» في ملف رئاسيات 2007، أكد العماد ميشال عون أن ترشّحه «ليس مطروحاً للمساومة ولا للبيع. فإما أربحه أو أخسره. فأنا لست تاجراً سياسياً»، وأوضح أن إقدام قوى 14 آذار على انتخاب رئيس جديد للجمهورية بنصاب النصف زائداً واحداً أو أقل من ذلك ستعتبره المعارضة «حركة انقلابية على الدستور، وعندئذ فإن كل الوسائل لقمع هذا الانقلاب سيكون استخدامها حلالاً». ولفت إلى أن إسقاط هذا الانقلاب «سيؤدي إلى حكومة بديلة ورئيس بديل. لن تكون هناك حكومتان ورئيسان، بل حكومة واحدة ورئيس واحد، وعلى قوى 14 آذار ألا تجازف بانتخاب رئيس بـ65 صوتاً. سيكون ذلك أشبه بحرب تموز ثانية على المقاومة، ولكن بطرف لبناني هذه المرة».
وتساءل: «ماذا تريد أميركا منا؟ هل تريد أن تظل تدعم فريقاً ضد آخر في لبنان، وهي بذلك تضع الفريقين في صراع وجهاً لوجه؟». وقال: «أنا مع تعديل الدستور لمصلحة عامة لا لمصلحة شخصية. إننا نتلاعب بالدستور كل مرة لمسايرة قوة معينة»، معتبراً أنه «لا أحد يصير رئيساً للجمهورية وهو على عداء مع حزب الله».

لقاء بكركي

وبالعودة الى لقاء بري وصفير، فقد صرح رئيس المجلس بعد خلوة استمرت 45 دقيقة مع البطريرك الماروني، بأن «الجو تفاؤلي وليس قاتماً أو تشاؤمياً. ولا أقول ذلك فقط للتطمين. كنت أطمئن دائماً وسأظل، ولكن في النهاية يد واحدة لا تصفق وحدها»، مؤكداً أن «مرشحي الأوحد هو التوافق»، ولافتاً الى أنه «قبل 24 تشرين الثاني، سينتخب رئيس جمهورية للبنان بتوافق اللبنانيين إن شاء الله». وعبّر رئيس المجلس أمام زواره عن تفاؤله بنتائج اللقاء، وأكد أن «مواصفات الرئيس المقبل والتوافق كانا متطابقين» بينه وبين صفير، مشيراً إلى أن الأخير أعاد تأكيد المواصفات التي يراها في الرئيس المقبل، و«أن الحل الأفضل لإخراج الاستحقاق الرئاسي هو التوافق». ورأى بري أن تطابق المواقف من التوافق «يمثّل دفعاً جديداً» لمبادرته. وقال إنه سيباشر من اليوم مشاورات مع النواب في ساحة النجمة لإتمام التوافق، وإذا تعذّر الأمر فسيقدم هو على الاتصال بهم لبدء الحوار، قائلاً إن الحوار «سيكون على اسم الرئيس المقبل لأن المواصفات أصبحت واضحة تماماً وكذلك مبدأ التوافق، ويبقى الاسم».
وأضاف أنه سيتشاور في الموعد المقبل مع النواب الذين سيلتقي بهم اليوم، لكنه قال إن اجتماع البرلمان في 16 تشرين الأول سيكون مخصصاً لانتخاب اللجان النيابية عملاً بأحكام الدستور. ولم يخف قلقه من احتمال إقدام قوى 14 آذار على انتخاب رئيس للجمهورية بالنصف زائداً واحداً كما تهدّد، واعتبر ذلك مجازفة خطرة تعرّض البلاد لخطر الفوضى.

مجلس الوزراء

وفيما نقلت وكالة «يو بي آي» عن مصدر دبلوماسي عربي أن 11 نائباً لبنانياً لجأوا الى مصر في «إجازة» طويلة خلال الصيف، غادروا القاهرة أمس الى بيروت، قرر مجلس الوزراء، في جلسة أمنية غاب عنها بحث موضوع اغتيال النائب أنطوان غانم، الطلب الى قيادة الجيش «اتخاذ كل الإجراءات الامنية اللازمة لضمان أمن مجلس النواب ولتأمين سلامة النواب للقيام بواجبهم في جلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية».
وقال الوزير غازي العريضي بعد الجلسة إن المسؤولين الأمنيين أطلعوا المجلس على النتائج الأولية للتحقيقات في موضوع تنظيم «فتح الإسلام» و«إنه تم وضع اليد على أشرطة وتسجيلات، كانت هناك محاولة لتهريبها، غنية جداً جداً بالمعلومات عن التمويل والتفجير والتفخيخ والأهداف والعلاقات بين عناصر في هذه المجموعة وعناصر أخرى خارج لبنان، ولا أتحدث هنا فقط عما قيل عن سوريا بل وصولاً الى العراق والارتباط بشبكات أخرى»، معلناً أن عناصر هذا التنظيم من دول وجنسيات مختلفة «جاؤوا من الشيشان والسعودية وتونس والجزائر والمغرب، منهم من مطار بيروت ومنهم عبر المعابر والمطار في سوريا»، وقال إن «بعض هذه الفئات» لديه «توجهات أصولية وارتباط ببعض الرموز التي تنتمي الى خلايا ومنظمات إرهابية»، اضافة «الى تعاطي بعض هذه العناصر وعلاقتها مع جهات أمنية سورية».
وفي موضوع التسلح، أعلن «رصد مخيّمات تدريب وبالسلاح لمجموعات تابعة لمن تعتبرونها معارضة»، متجنباً تسمية قوى الأكثرية، بقوله «جرى الحديث أيضاً عن قوى أخرى»، مضيفاً «قيل عن شركات أمنية، تم تدريب عناصر بدون سلاح، وقيل عن تدريبات بالسلاح وعناصر ومجموعات وقوى وأحزاب تعطى لها الأسلحة الخفيفة».