بدا واضحاًَ أمس أن الولايات المتحدة هيّأت أرضية المشاركة العربية في المؤتمر الدولي للسلام، المقرر في تشرين الثاني المقبل، عبر دعوة مشروطة قالت إنها ستوجهها إلى سوريا، التي أعلنت أنها «ستدرسها» عندما تتسلمها، وإن كانت تستبعد «فرص السلام»، وفي الوقت نفسه «لن تكون البادئة في الحرب». .(التفاصيل)حجم المشاركة العربية ظهر جلياً في كلام وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، الذي أشار إلى أن «غالبية الدول العربية المدعوّة ستحضر» المؤتمر الذي دعا إليه الرئيس جورج بوش، رغم تأكيد الرياض أنها لم تحسم مسألة حضورها، ولا سيما أن «هناك نقاطاً تحتاج إلى إيضاحات».
أما وزير الإعلام السوري محسن بلال، فقال من جهته، في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، إن «الدعوة لم توجه بعد إلى سوريا للمشاركة في مؤتمر السلام، أو لأي طرف آخر»، مضيفاً: «عندما توجّه الدعوة إلينا فسندرس الموضوع». وأضاف «على المؤتمر أن يأخذ بالاعتبار موضوع السلام الشامل في المنطقة ومتطلباته، التي تقضي بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريفة، وحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى بلادهم».
وبشأن ما إذا كانت هناك شروط لإشراك دمشق في هذا المؤتمر، قال بلال إن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس «لم تضع شروطاً لمشاركتنا. كما نحن لم نضع شروطاً من جانبنا. لكن متطلبات السلام في مثل هذا المؤتمر، ترتكز على إقامة الدولة الفلسطينية، واستعادة الجولان كاملاً، وانسحاب إسرائيل حتى خط الرابع من حزيران عام 1967». وأضاف: «إذا كانت إسرائيل والولايات المتحدة تسعيان من خلال هذا المؤتمر إلى التطبيع فقط، فأعتقد أنهما قد وقعتا في الخطيئة».
وشدد بلال على «أهمية وجود إطار زمني محدد للوصول إلى نتائج ملموسة لهذا المؤتمر»، مشيراً إلى أن «الموقف العربي موحد تجاه المبادرة العربية للسلام المبنية على قراري مجلس الأمن 242 و338 ومبدأ الأرض مقابل السلام».
وكانت رايس، التي أكدت عزم الولايات المتحدة على دعوة سوريا إلى المؤتمر، قد حدّدت شروطاً للدول المشاركة، عندما قالت: «نأمل أن يكون المشاركون ملتزمين حقاً مساعدة الإسرائيليين والفلسطينيين على إيجاد مخرج. وهذا يعني نبذ العنف، ويعني العمل من أجل التوصل إلى حل سلمي».
وجاء كلام بلال بعدما نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين سوريين قولهم إن «الغارة الإسرائيلية (على سوريا) قضت على كل فرص استئناف محادثات السلام»، رغم تأكيدهم أن «سوريا لن تكون البادئة بالحرب».
وعلّقت مصادر مطلعة على تصريحات هؤلاء «المسؤولين» باعتبارها «مجهولة المصدر ومشوّشة الطابع، وأنه يصعب تحميلها تفسيراً واضحاً بشأن الرد السوري الذي جرى التهديد به (على الغارة). ولكن من الواضح أنه يصعب على سوريا الآن الاستجابة لدعوة حضور اجتماع سلام لن تطرح حتى قضية أراضيها المحتلة فيه، فضلاً عن كونه مؤتمراً يعدّ لعلاقات عامة ضدها وضد إيران، ولدعم ما يسمّى محور الاعتدال على الساحتين الفلسطينية والعربية».
وفي السياق، سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت إلى خفض سقف التوقعات قبيل المؤتمر، الذي شدد على أنه «ليس مؤتمر سلام، ولكنه اجتماع دولي يهدف إلى إعطاء دعم دولي للعملية بيننا وبين الفلسطينيين».
وأقرّ أولمرت بأن التوتّر بين سوريا وإسرائيل لا يزال قائماً، معرباً عن أمله أن يختفي تدريجاً، ومشيراً إلى أن كلّاً «من سوريا وإسرائيل لا تريدان استمرار الصراع».