بـرّي يخشـى من فشـل يقـود نحـو لبـنان بسـلطتين وحديث عن «تحفّـظ جنبلاطي» على اتصـالات الحريـري
بعد الاجتماعات الثلاثة للرئيس نبيه بري والنائب سعد الحريري، التي وصفاها بالإيجابية، دخلت المشاورات في سباق على الأسماء المرشحة واختيار أحدها أو أكثر لرئاسة الجمهورية وفق قاعدة التوافق، وهو ما يشير إليه أكثر من مصدر رسمي وحزبي معني مباشرة بالاستحقاق. وإذ لا تحدد المصادر طبيعة المسار الذي تسلكه المشاورات، فإنها تعتقد بأن الأيام المقبلة قد تبلور ثلاثة أسماء ستكون هي محور التفاوض الصعب على اختيار أحدها، إذا استمرت الإيجابية والتعاون يوجّهان المشاورات. ويبدو، بحسب المصادر نفسها، أن المرحلة التالية من التشاور هي مرحلة الشطب المتبادل بغية أن ينتهي كل من الطرفين إلى وضع الاسم النهائي الذي سيكون في رأيه غير قابل للتفاوض عليه. علماً، والكلام للمصادر نفسها، أن التصلب والتشدد سيطغيان على المراحل الأخيرة من التفاوض على الاسم الأخير. ولن يكون الأمر سهلاً بالنسبة إلى بري والحريري والنائب وليد جنبلاط الذي يتصرف حالياً كأنه غير معني بالتسوية، فيما هو غير بعيد عن كل ما يخوض فيه الحريري الذي يراعي مصالح الزعيم الدرزي.
وقد أبدى بري أمس ارتياحه لنتائج اللقاءات التي عقدها مع الحريري، وقال إنه سيستمر في التواصل معه خصوصاً بعد إعلان قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن الحريري مفوّض من قوى 14 آذار للتفاوض، وبعد تبلّغه من الوزير مروان حمادة أن رئيس اللقاء الديموقراطي فوّض الحريري أيضاً، على رغم أن أوساطاً مطلعة أكدت أن جنبلاط يرفض أن يفوّض أحداً وأنه في المبدأ ضد التسوية بين نقيضين، كما كان قد أعلن أول من أمس.
وفي المقابل، نقلت أوساط نواب «14 آذار» المقيمين في فندق «فينيسيا» عن الحريري ارتياحه إلى أجواء لقاءاته مع بري، و«ثقته برئيس المجلس إلى حد بعيد»، مؤكداً أن اللقاءات المقبلة «ستدخل في الكثير من التفاصيل حول الاستحقاق وآلية التعاطي معه لجهة الاسم التوافقي والعناوين السياسية المطروحة التي ستكون عناوين البيان الوزاري للحكومة في بداية العهد الجديد».
ونقل زوار بري أنه سيواصل مشاوراته مع الكتل والشخصيات السياسية، وليس في أجندته أن يستثني أحداً، مقدّراً الظروف الأمنية لبعض الأطراف. ولذلك، وتسهيلاً للتشاور، يدرس إمكان تأليف لجنة من كتلة «التحرير والتنمية» لتكون قناة اتصال بينه وبين الأطراف التي لديها ظروف أمنية وتحديداً جنبلاط وجعجع، علماً بأن مشاورات ولقاءات بدأت لم يعلن عن معظمها.
وأكد رئيس المجلس أن هدفه هو تمرير الاستحقاق الرئاسي بالتوافق بصرف النظر عن الأسماء، «لأنه لا أحد يعرف تداعيات الفشل في تمرير هذا الاستحقاق على مستوى البلد ككل». وقال: «علينا أن نتخيّل في ظل الانقسام السياسي وجود سلطتين وتداعيات ذلك مالياً واقتصادياً وأمنياً».
وفي معرض تعليقه على الأوضاع السائدة في المنطقة وقرار الكونغرس تقسيم العراق، قال: «صحيح أن هذا القرار لا يلزم الحكومة الأميركية ولكننا نعرف مدى تأثيره على صناعة القرار في الولايات المتحدة. وإذا أضفنا إليه المواقف التي تطلقها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس وتحض العالم العربي على التوحّد من أجل الوقوف في وجه إيران مع كل ما يستتبع ذلك من إثارة للفتن التي ستشعل المنطقة كلها، من هنا يجب أن يتركز همّنا على تخليص بلدنا وجعله في منأى عن كل ما يخطط له وذلك باستعجال التفاهم على الموضوع الرئاسي». ورأى رئيس المجلس أنه «بإنجاز الاستحقاق الرئاسي، يكون القرار 1559 قد نفّذ، وما بقي منه تتضمّنه مندرجات القرار 1701».
وقال مصدر مطلع لـ«الأخبار» إن الرياض باتت أقرب الى تبنّي مبادرة بري والدفع الى إنجاحها، وهو ما يفسّر الايجابية التي يبديها الحريري. كما لفت المصدر إلى أن الفاتيكان أبلغ المعنيين أنه يحبّذ انتخاب رئيس جمهورية جديد من خارج قوى 14 آذار و8 آذار وبنصاب الثلثين، مشيراً الى أن البحث يدور حول خمسة أسماء جدية هي: الوزراء السابقون فارس بويز وميشال إده وجان عبيد وقائد الجيش العماد ميشال سليمان وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وقال المصدر إنه إذا لم يحصل أي تفجير فإن الاستحقاق الرئاسي سينجز خلال شهر من الآن، لافتاً الى أن حديث العماد ميشال عون عن «استعداده للانفتاح والمساهمة في الحلول الجذرية» أمس، يدلّ على أنه بدأ يقبل النقاش في الاستحقاق الرئاسي بمعزل عن ترشحه للرئاسة.

حدادة

الى ذلك، قال الأمين العام للحزب الشيوعي الدكتور خالد حدادة لـ«الأخبار» إثر عودته من جولة أوروبية شملت البرتغال وإسبانيا وفرنسا حيث التقى عدداً من المسؤولين في وزارات خارجية هذه الدول، أنه لمس من الأوروبيين اهتمامهم الشديد بالوضع اللبناني ورفضهم القيام بأي خطوة تؤدي إلى اهتزاز أمني كتأليف حكومتين، وقد تعرّض قوات اليونيفيل لمخاطر، ويجعلها رهينة إمّا لإسرائيل أو لأطراف الأزمة اللبنانية، «وانطلاقاً من هذه المخاوف، يرفض الأوروبيون أيضاً توسيع مهام اليونيفيل، وقد هددت بعض الدول المشاركة في عداد هذه القوات بالانسحاب إذا تم هذا الأمر».
ونقل حدادة عن المسؤولين الأوروبيين تقديرهم لمبادرة بري، كما نقل عن موفد وزير الخارجية الفرنسية السفير جان كلود كوسران الذي التقاه في باريس أول من أمس، أن فرنسا تشدد على التوافق اللبناني حول الانتخابات الرئاسية وإتمام هذا الاستحقاق في موعده بحسب الدستور، وأن باريس تراهن على تكامل موقفها مع مواقف الجامعة العربية والسعودية وإيران. وأبلغ كوسران حدادة أن الوفد الفرنسي في نيويورك سيجري محادثات بهذا الشأن مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى والمسؤولين السعوديين والإيرانيين.