اهتمام عربي ودولي بأمن النوّاب وإجراء الانتخابات وبري يرفض تدخل مجلس الأمن والإدارة الأميركية في عمله
التصريحات الايجابية والمتفائلة التي يتناوب عليها المفاوضان نبيه بري وسعد الحريري، لم تنهِ أزمة الثقة التي يعبّر عنها بقية الاقطاب من الطرفين، ولا سيما من فريق 14 آذار، حيث كرر سمير جعجع امس قوله إن الرئيس المقبل للبلاد يجب أن يكون من 14 آذار. وهو الامر الذي ردت عليه مصادر قيادية في المعارضة بأنه إما كلام خارج النص أو قنبلة موقوتة في جيب الحريري، بينما كان مجلس الامن الدولي يدخل على الخط مشجعاً على انتخابات في موعدها، فيما دعا وزراء خارجية فرنسا والسعودية ومصر والجامعة العربية الى العمل على تعزيز فرص التفاهم بين اللبنانيين. وقال مرجع سياسي معني إنه لم تظهر حتى الآن أي بوادر تنازلات جدية من طرفي النزاع ما يعني أن أي تفاهم ليس متوقعاً في القريب العاجل.
وفي انتظار جولة جديدة من المباحثات بين بري والحريري، فإن رئيس المجلس كلف لجنة من كتلته النيابية مقابلة بعض الأقطاب والفعاليات السياسية في الموالاة والمعارضة ولا سيما تلك التي لا تسمح لها ظروفها الأمنية بالتحرك، وخصوصاً أن بري قال امس لزواره إن الأمور ما تزال في بداياتها، وإن المشاورات بدأت بزخم وهناك سباق مع الوقت. ونقل زواره عنه قوله أمس «كلما استعجلنا الأمور كان ذلك أفضل، وإذا برزت بشائر مشجعة من الآن حتى أسبوع فعلى ضوء ذلك نبلور الصورة ويمكن أن نعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في العاشر من الشهر المقبل بدلاً من الثالث والعشرين منه».
وكان الحريري الذي سيلتقي قريباً النائب وليد جنبلاط، قد بدأ أمس التشاور مع حلفائه مستبقاً ذلك بخلوة عقدها مع البطريرك الماروني نصر الله صفير وقال بعدها إن الاستحقاق الرئاسي «ليس ملكاً لأي حزب سياسي، بل هو ملك لجميع اللبنانيين»، مؤكداً استمراره في المساعي مع برّي والحلفاء والأحزاب السياسية لـ«التوصّل» الى انتخاب رئيس للجمهورية «يكون لكل لبنان، بمواصفات لبنانية، ولا يخجل مستقبله من ماضيه».
ومن بكركي أكمل الحريري طريقه الى معراب حيث التقى سمير جعجع وأطلّ من هناك ليقول إنه وجنبلاط وجعجع والحلفاء «متّفقون على استراتيجية واحدة في موضوع رئاسة الجمهورية»، وقال: «المشكلة ليست عندنا، بل عند غيرنا، في ما يتعلّق بالاختلاف في وجهات النظر». وإذ أكد أن قوى 14 آذار «يد واحدة»، لفت الى وجود «مشاورات» بين هذه القوى في شأن مرشّحَيها للاستحقاق الرئاسي نسيب لحود وبطرس حرب.
وخلال إفطار أقامه مساء امس على شرف عائلات بقاعية قال الحريري «ان رئاسة الجمهورية كانت وما زالت منذ تسع سنوات مصدر مصائبنا جميعاً، ستكون بإذن الله خلال الاسابيع المقبلة مدخلاً للحل ومفتاح المباشرة بورشة العمل المنتج والإصلاح وإعادة تحريك العجلة الاقتصادية التي ينتظرها جميع اللبنانيين».
بدوره، أعرب جعجع عن تمنياته بحصول التوافق مع فريق 8 آذار، معتبراً أن التوافق هو «إيجاد شخصية تملك خبرة وحجماً سياسيين وقراراً حراً وكفّاً نظيفة وتكون صورة موازية للرئيس بري، في ما يتعلق بفريق 8 آذار». وإذ نفى إمكان قبول 14 آذار بمرشّح من الفريق الآخر، رأى أن عون هو مرشح المعارضة «ظاهرياً لا عملياً»، وأن «مسألة رئاسة الجمهورية تخصّنا وحدنا».
في هذا السياق أجرى السفير السعودي عبد العزيز خوجة اتصالاً هاتفياً بالرئيس فؤاد السنيورة والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل، جرى خلاله تبادل التهاني بمناسبات مختلفة والتأكيد على أهمية الحوار والسعي الى التوافق.

مجلس الأمن

في هذه الاثناء أذاع وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير بياناً باسم مجلس الامن الدولي دعا الى «إجراء انتخابات حرة ونزيهة بموجب الأعراف والمهل الدستورية اللبنانية، بدون أي تدخل أجنبي وفي إطار الاحترام الكامل لسيادة لبنان على أساس الوحدة الوطنية».
وتمنى أن تجري الانتخابات في «جو خال من العنف والخوف والمضايقة، ولا سيما ضد ممثلي الشعب اللبناني والمؤسسات». وأضاف ان «المجلس أخذ علماً بقرار الدعوة الى الجلسة المقبلة للمجلس النيابي اللبناني في 23 تشرين الاول ويتطلع الى قيام البرلمان بما هو مناسب لانتخاب الرئيس». وقال كوشنير في تصريح مقتضب إن الحكومة اللبنانية لم تطلب فعلياً حماية دولية للنواب اللبنانيين، وأضاف «نفكر بالحماية، لكن الأمر صعب ولا يمكن تحقيقه».

بري يرد

ورداً على ما يشاع ويتردد عن إمكان تدخل مجلس الأمن الدولي في اختصاص مجلس النواب اللبناني بالنسبة إلى انتخابات الرئاسة، ورداً على قرار الكونغرس الأميركي في شأن العراق، أصدر الرئيس بري مساء أمس الموقف الآتي: «ليس من اختصاص مجلس الامن، مع الاحترام الشديد، أن يتدخل في اختصاص مجلس النواب اللبناني، وليس للكونغرس الاميركي ومجلس شيوخه، مع الاحترام أيضاً لهما، أن يقررا تقسيم العراق. وكلا الأمرين يعودان الى الشعبين اللبناني والعراقي».

إعلان مشترك

إلى ذلك شددت السعودية ومصر وفرنسا وجامعة الدول العربية في إعلان مشترك في نيويورك، على الضرورة المطلقة لاحترام مهل الاستحقاق التي حدّدها الدستور اللبناني لإجراء الانتخابات الرئاسية». وأشار بيان صدر اثر اجتماع لوزراء الخارجية الى «الاهمية القصوى لأن يتصدى جميع الفرقاء، سواء اللبنانيون أو الاقليميون، وكذلك الاسرة الدولية، بحزم لعمليات الاغتيال المحددة الاهداف المتواصلة». وأبدى موقعو الاعلان «استعدادهم للنظر في أي طلب مساعدة يقدمه لبنان» لتحقيق هذه الاهداف. وشددوا على «وجوب إجراء الانتخابات بدون أي تدخلات أو ضغوط خارجية من أجل الحفاظ على استقرار لبنان».