ما حقّقَته كوندي في جدة، أجهضته ليفني في القدس المحتلة. «الحرص» السعودي على المشاركة في المؤتمر الدولي، الذي دعا إليه الرئيس جورج بوش، بات موضع شك. بل إن المؤتمر نفسه بات غير ذي جدوى. والسبب تعنت إسرائيل ورفضها بحث الملفات الأساسية الثلاثة: الحدود واللاجئين ومستقبل القدس.«أحياناً ليس من الحكمة أن نطرح على الطاولة المواضيع الأكثر حساسية». بهذه الكلمات استقبلت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني نظيرتها الأميركية كوندوليزا رايس التي قدمت إلى القدس المحتلة من جدة، حيث غنمت موافقة سعودية على المشاركة في المؤتمر الدولي، مشروطة ببحث ملفات الوضع النهائي.
أما رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت فأضاف إلى لاءات ليفني الثلاث شرطاً إضافياً: لا لانسحاب من مناطق في الضفة الغربية وتسليمها إلى السلطة الفلسطينية من دون «ضمانات أمنية ملائمة». أردفه بشرط آخر: «إبقاء حماس خارج اللعبة».
كلام إسرائيلي يعكس رفض حكومة أولمرت لمبادرة السلام العربية، ويضع مصير المؤتمر الدولي المرتقب على المحك، ولا سيما أن الشروط تفرّغ المؤتمر من مضمونه، وتجعل المشاركة فيه لأي طرف عربي وحتى فلسطيني غير ذات جدوى.
ومع ذلك، رحبت ليفني بإعلان السعودية استعدادها للمشاركة في المؤتمر، واصفة إياه بأنه «مبشر». وكان سعود الفيصل قد أبدى استعداد الرياض للمشاركة في مؤتمر «يعنى بجوهر السلام وقضاياه، وقضايا تكون جوهرية، وألا يكون مجرد منصة للقاء وحوار دون إثراء الجانب السلمي».
وفي ظل أجواء الفشل المحيطة بمهمة رايس في ما يخص المؤتمر الدولي، نقلت تقارير إعلامية تقديرات مسؤولين سياسيين إسرائيليين، أن الولايات المتحدة «لن تسمح لنفسها بفشل دبلوماسي آخر في المنطقة، لهذا ستبذل الجهود لضمان مشاركة واسعة في المؤتمر والتوصل إلى اتفاق مسبق على مضمونه». ومن المقرّر أن تلتقي رايس اليوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي طالب الرئيس الأميركي بإيضاحات حول أفق مؤتمر السلام المرتقب، فيما دعا الملك الأردني عبد الله الثاني إلى جدول زمني واضح لإقامة الدولة الفلسطينية «لضمان عدم فشل المؤتمر».
وكانت الوزيرة الأميركية ووزير الدفاع روبرت غيتس قد أنهيا أمس زيارة إلى جدة، حيث تمكنا من تليين الموقف السعودي في الملف العراقي، إذ أعلنت الرياض استعدادها لفتح سفارة في بغداد، وهو ما قابلته رايس بالتأكيد على «حماية أمن الخليج».