قائــد الجيــش: لســت مرشّــحاً و«فتــح الإســلام» فــرع من «القاعــدة» ولا تتبــع للمخابــرات الســورية
لا جديد في المساعي السياسية المحلية والخارجية لحل الأزمة اللبنانية، لكن البارز كان التحفظ الذي صدر عن المصريين والسعوديين إزاء الفكرة الفرنسية عن مؤتمر إقليمي دولي حول لبنان، فيما كان لافتاً من جانب آخر إعلان قائد الجيش العماد ميشال سليمان أن تنظيم «فتح الإسلام» هو فرع من تنظيم القاعدة ولا علاقة له بالمخابرات السورية، ما يعيد الى الواجهة السجال غير المعلن بين الأجهزة الأمنية حول حقيقة هذا التنظيم.
في غضون ذلك نقل زوار الرئيس نبيه بري عنه قوله امس «إن الاجواء المتشنجة والمواقف التصعيدية القائمة لا تخدم البلد فنحن أمام منعطف مصيري وعلينا أن نكون متعصبين للبنانيتنا لنكون متعصبين لعروبتنا، لأننا إذا فقدنا لبنانيتنا لا نستطيع أن نعطي شيئاً لعروبتنا لأن فاقد الشيء لا يعطيه».
ودعا بري القادة السياسيين الى «أن يتقوا الله في وطنهم ويرحموا الناس الذين يعيشون في ضائقة اقتصادية ومعيشية» مجدداً إيمانه بأن «الصحوة الوطنية ستتغلب على العوائق التي تحول دون إنقاذ البلد». كذلك جدد التأكيد أن «الانتخابات الرئاسية ستجري في مواعيدها». وقال: «نحن في سعينا نركز على فتح نوافذ الأمل، ونتمنى على الآخرين ألا يعملوا على إغلاقها لأن البلاد تحتاج الى التكاتف وعقد الخناصر».
وأشارت مصادر قريبة من الرئيس بري إلى أن زيارته للبطريرك الماروني نصر الله صفير قائمة ولكن موعدها لم يحدد بعد، وهي تندرج في إطار خطة التحرك التي بدأها في اتصالات غير معلنة، وهو سيرفع من وتيرتها ابتداءً من الأسبوع المقبل.
تحفظ مصري سعودي
وكان اللافت ما قاله أمس السفير المصري حسين ضرار من أن عقد مؤتمر إقليمي دولي عربي سيعقد خارج لبنان لحل الأزمة هو أحد الاقتراحات المطروحة وأن مصر والسعودية تحفظتا عليه، وردّ سبب هذا التحفظ الى «أنه يجب أن يكون هناك وضوح في الاقتراح، فالوضع في لبنان لبناني مئة في المئة والحل ينبع من داخل لبنان. أما مقولة أن الحل يوضع في الخارج ويفرض في الداخل، فهذا ما نرفضه في مصر وهذا ما يرفضه الشعب اللبناني، الشعب الأبي وصاحب الكرامة، وطبيعي جداً أن البيت أدرى بمشاكله وأهل مكة أدرى بشعابها. وطرح الفكرة بحد ذاته ليس خطأ، وليس خطأ أن نبحث عن الحلول والطرق المفتوحة وهذا لا يعني أبداً أن هناك مكاناً ودعوة وتاريخاً لعقد هذا المؤتمر». وأضاف: «إذا لم يتمكن أهل البيت من الاتفاق فسيدفعون الثمن».
من جهته نفى الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية هوغ موريه، ما تردد عن إمكان دعوة فرنسا الى مؤتمر دولي حول لبنان، مشدداً على أن باريس «تدعم كل ما يمكن أن يقود إلى الحوار بين الفرقاء اللبنانيين»، فيما أكدت مصادر مقربة من الملف اللبناني في باريس أن فكرة المؤتمر «غير مستبعدة، إلا أنها ليست على نار حامية».
المناخ الإقليمي والدولي
وقال السفير الاميركي جيفري فيلتمان في مقابلة بثّها تلفزيون «المستقبل» مساء امس «إني أشاطر بري الرأي بأن انتخابات الرئاسة ستجري فعلاً في موعدها، وسيخرج المرشح منتصراً من هذه الانتخابات» وفي إشارة الى لقائه الأخير مع بري، قال فيلتمان: «سألني بري سؤالين: أقول إننا أجرينا حديثاً جدياً منذ أيام عن خطة الايام المقبلة، أنا أفضل أن أترك تفاصيل الحديث بيننا»، وأضاف: «أنا مقتنع بأن بري مثل جميع اللبنانيين ملتزم الوصول الى حل وسيستعمل إمكاناته لكي تجري الانتخابات الرئاسية في مواعيدها».
وكان فيلتمان قد قال اثر زيارته الوزير مروان حمادة إن بلاده «تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين للمساعدة على تهيئة المناخ لانتخابات رئاسة الجمهورية في الخريف المقبل». وأضاف: «إن دور المجتمع الدولي هو المساعدة على تهيئة المناخ الإقليمي والدولي، لكن في الواقع، البرلمان اللبناني هو الذي يقرر الرئيس وفقاً للدستور، ولن يكون لنا تدخل في الحديث عن المرشحين وليس لدينا ناخبون في مجلس النواب اللبناني، ولدينا ثقة بأن النواب سينتخبون رئيساً يتناسب واستقلال لبنان وديموقراطيته وسيادته».
استحقاق حسب الأصول
إلى ذلك وعشية الاحتفال بيوم الانتصار وما سيعلن خلاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من مواقف، قال نائبه الشيخ نعيم قاسم أمام زواره أمس: «اليوم حكومة لبنان غير شرعية وهي لا تستطيع أن تحكم، ومع انتهاء ولاية رئيس الجمهورية لا بدَّ من انتخاب رئيس جديد وفق القواعد الدستورية، ونحن على استعداد تام لإنجاز هذا الاستحقاق في موعده المقرر بحسب الأصول، ولذا نشدد على الشراكة من خلال حكومة الوحدة الوطنية للوصول الآمن سياسياً نحو الاستحقاق ومنعاً للفراغ الذي يفتح الأبواب على خيارات أحلاها مر للجميع». ولفت الى أن «الزمن يمر بسرعة، ولم يفت الأوان للاستدراك لمصلحة إقامة المؤسسات الدستورية وعلى رأسها انتخاب الرئيس في موعده بعد إنجازات المشاركة الوطنية التي تنهي حقبة الانقسام وتفتح آفاق الوحدة والحلول بعيداً عن الوصاية الأميركية والعدوان السياسي على لبنان».
قائد الجيش «باق»
وفي غضون ذلك قال قائد الجيش العماد ميشال سليمان لرفاقه الضباط الذين تخرج وإياهم في دورة 1970 من المدرسة الحربية إن تنظيم «فتح الإسلام» الذي يواجهه الجيش في مخيم نهر البارد «ليس تنظيماً تابعاً للمخابرات السورية، وليس مدعوماً من جهات حكومية لبنانية، إنه فرع لتنظيم القاعدة التي كانت تخطط لكي تتخذ من لبنان والمخيمات الفلسطينية ملاذاً آمناً لها لإطلاق عملياتها في لبنان وخارجه».
وأشار الى «أن الجهود التي يبذلها الجيش لتحاشي إيقاع إصابات كثيرة بين المدنيين جعلت عملية التقدم داخل المخيم تسير ببطء، ولكن من تأنّى نال ما تمنى، ولقد ذهب الكثير ولم يبق إلا القليل»، وتمنى على الزعماء السياسيين «أن يعودوا جميعاً الى تطبيق اتفاق الطائف نصاً وروحاً، وأن يقدموا التنازلات المتبادلة حتى نتمكن جميعاً من العبور الى بر الأمان». وأعلن أنه باق في قيادة الجيش «حتى الانتهاء من انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، والاطمئنان على الاستقرار الأمني في البلد».
ومساءً عنفت الاشتباكات على جبهة نهر البارد، ونفذت المروحيات العسكرية التابعة للجيش عدة غارات كما أطلقت قنابل مضيئة في محيط المخيم، وترافق ذلك مع اشتداد القصف المدفعي والصاروخي.