هولنــدا تســتضيف المحكمــة الدوليـة والســجال الســعودي الســوري يتفــاعل لبنــانياً
يوم آخر انقضى والبلاد تعيش فترة الوقت الضائع الفاصلة عن موعد بدء المهلة الدستورية لانتخابات رئاسة الجمهورية. وفيما ينشط رئيس مجلس النواب نبيه بري في اتصالاته تحضيراً لمبادرته، وهو بدأها بالمرشحين الرئاسيين الذين يلتقيهم الواحد تلو الآخر، تشتبه المعارضة في تحرك تقوم به الموالاة في الداخل ومع أطراف خارجيين لانتخاب رئيس بالأكثرية المطلقة. وفي المقابل، تشتبه الموالاة في أن المعارضة تريد تعطيل الانتخابات وتأليف حكومة في نهاية ولاية الرئيس إميل لحود.
في هذا الوقت، تقرّر رسمياً اعتماد هولندا مقرّاً للمحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
فقد أعلنت المتحدّثة باسم الأمم المتحدة ميشال مونتاس، أمس، أن مقر المحكمة الدولية سيكون في هولندا. وأوضحت أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «تلقّى في الخامس عشر من آب الجاري رسالة من رئيس الوزراء الهولندي يان بيتر بالكينيدي يعلمه فيها استعداد الحكومة الهولندية لاستقبال المحكمة الخاصة من أجل لبنان».
تحرّك برّي
على صعيد الاستحقاق الرئاسي، نقل زوار الرئيس بري عنه قوله، أمس، إن تحركه قائم ومستمر، مشيراً إلى أنه يعمل منذ أكثر من سنة على إيجاد لحمة بين اللبنانيين. وأوضح أن التحرك الذي يقوم به الآن «ليس مبرمجاً، لكنّه يسير وفق ما تقتضيه الظروف». وقال إنه بدأ يلتقي المرشحين الرئاسيين، وقد التقى منهم حتى الآن الوزير شارل رزق والنواب بطرس حرب وروبير غانم وبيار دكاش، وسيلتقي النائب السابق نسيب لحود وآخرين، وهو يشجع على أن يكون الترشّح للرئاسة على أساس برامج لكسر النمط التقليدي للترشّحات، وهذا من شأنه أن يشجع المرشحين على وضع رؤاهم في إطار برنامج متكامل أمام الرأي العام.
ولفت بري إلى أنّ المرشّحين للرئاسة كثر، وقال: «كلهم كفاءة ولا غبار على وطنيتهم، لكن ما زلنا في مرحلة الترشّح، والتوافق هو مسعانا». وأكد بري لزواره أيضاً أنه ما زال يؤمن بأن المخرج من الأزمة هو بالتوازي بين حكومة الوحدة الوطنية ورئاسة الجمهورية، لأن الحكومة تمثّل مدخلاً يعبّد الطريق الى الاستحقاق الرئاسي، كما تمثّل بداية مصالحة وطنية. وقال إن قيام هذه الحكومة يمكن أن يساعد على معالجة الكثير من القضايا الأمنية والاقتصادية والاجتماعية من الآن وحتى نهاية ولاية رئيس الجمهورية الحالي، فضلاً عن درء الأخطاء التي يمكن أن تنعكس على لبنان من جراء أي تطور إقليمي.
صفير
من جهته، كرّر البطريرك الماروني نصر الله صفير موقفه من تعديل الدستور في شأن انتخابات الرئاسة، فقال في حوار مع الإعلاميين في الديمان «قلنا أساساً يجب ألّا يعدّل الدستور كلما كان هناك انتخاب رئيس. لكن إذا كان تعديل الدستور ينقذ لبنان فلا بأس. هذا ما قلناه، وإذا لم يكن هناك من وسيلة لإنقاذ لبنان إلا بتعديل الدستور فإننا نقبل بذلك». وحدّد مواصفات الرئيس المقبل بالقول إنه «يجب أن يكون رئيساً يمد الجسور بين اللبنانيين، وأن يكون على مسافة واحدة من جميع الناس والأحزاب، وأن يكون رجل خبرة في الأمور السياسية وألّا يتأثر بأحد، بل يستلهم ربّه ويأخذ قراره بذاته».
وكان صفير قد استقبل في الديمان أمس السفير المصري حسين ضرار، الذي أشار بعد اللقاء إلى «القلق» في شأن الاستحقاق الرئاسي، قائلاً: «وكأن المطلوب من صاحب الغبطة أن يعمل بعصا سحرية لإخراج لبنان من المأزق، بدون أن يقدّم إليه الأطراف المعنيون الحلول التي تمكّنه من أن يقود السفينة من منطلق الربّان الروحاني الى بر الأمان». وكشف أن صفير تحدث «عن الصعوبات التي يلاقيها، وأعطى مثالاً على ذلك عدم نجاح المساعي التي بذلتها الكنيسة المارونية بالنسبة الى الانتخابات الفرعية، فكيف بها بالنسبة الى الانتخابات الرئاسية التي تهم البلاد بأكملها».
السعودية وسوريا
من جهة ثانية، تفاعلت أمس في الأوساط السياسية الانتقادات التي وجّهها نائب الرئيس السوري فاروق الشرع وبعض الشخصيات اللبنانية المعارضة إلى الدور السعودي.
وفي هذا الإطار، أسف بري في حديث ستبثّه الإذاعة البريطانية «بي.بي.سي» لـ«الخلافات التي تحصل بين الدول العربية الشقيقة، وخصوصاً بين سوريا والمملكة العربية السعودية. وذكّر بأنه صاحب نظرية «إس. إس» وأنه سعى «بكل جهد ممكن إلى إعادة الدفء إلى العلاقة السورية ـــــ السعودية، لكن مع الأسف لم يحصل هذا الأمر. وأنا دائماً أستلهم من القرآن الكريم الآية القائلة: كونوا رحماء في ما بينكم أشدّاء على الأعداء». ورأى أن أي خلاف عربي ـــــ عربي لا بد أن ينعكس سلباً علينا» في لبنان، لكنه شدّد على «أنّ أيّ مشكلة، أو أي خلاف، يجب ألّا يحول دون سعينا إلى شدّ أواصر الإلفة والتآخي والتآزر لإنقاذ بلدنا».
وأثارت المواقف المنتقدة للدور السعودي في لبنان حملة مضادة من «قوى 14آذار» دفاعاً عن المملكة «التي وقفت على الدوام الى جانب لبنان وقضاياه، ودعمت جميع اللبنانيين من دون أي تفرقة أو تمييز في أصعب الأوقات وأحلك الأزمات التي مر بها لبنان»، بحسب ما جاء في بيان للمكتب الإعلامي لرئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، الذي هاجم الشرع معتبراً «أن اقتراب جلوس المحكمة الدولية للنظر في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري» يُفقده «وجميع شركائه في نظام الجريمة والقتل والاستبداد في دمشق آخر ما بقي لديهم من أعصاب».
ورأت «قوى 14 آذار» أن هدف الحملة على السعودية هو نسف الاستحقاق الرئاسي من أجل استكمال شل المؤسسات الدستورية».