جنبلاط ضد «التوافق» ويروّج لـ«نهاية» بري... ورئيس المجلس يتهمه بالعمل على جعل «لبنان معسكرين»
يخترق الموفد الفرنسي جان كلود كوسران المناخ المتوتر داخلياً، دون أن يكون واثقاً من قدرته على اختراق دفاعات الأطراف المتنازعة، برغم ما سبقه من معلومات عن أنه يحمل أفكاراً كانت محل تداول إيجابي في باريس، بين مسؤولين من فرنسا والسعودية وإيران، في وقت فتح فيه النائب وليد جنبلاط النار على المساعي التي يقوم به الرئيس نبيه بري، مشيراً إلى أن الأخير غير قادر على القيام بهذا الدور، ومعلناً أن فريق 14 آذار سينتخب رئيساً بنصاب النصف زائداً واحداً، ما جعل رئيس المجلس يرد بأن جنبلاط لا يريد وفاقاً، بل يريد تقسيم لبنان إلى معسكريين.
وقالت مصادر لـ«الأخبار» إن محادثات جرت في باريس على مدى يومين، بعيداً عن الأضواء نهاية الأسبوع الماضي، وانتهت إلى التوافق على تبريد الوضع اللبناني ومنع انزلاقه إلى أوضاع خطرة، والتأكيد على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، والسير بخيار الرئيس التوافقي، والعمل على توسيع الحكومة الحالية بالتوازي مع الانتخابات الرئاسية، على أن تترك القضايا الخلافية الباقية إلى الحكومة.
وأوضحت المصادر أن كوسران سيعرض هذه المحصّلة على الأقطاب الأساسيين في الموالاة والمعارضة، الذين سيجتمع بهم اليوم وغداً، على أن تتحدد، في ضوء ردود الفعل عليها، زيارة وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير إلى بيروت.
وقال مصدر مطلع على التحرك الفرنسي لـ«الأخبار» إن مجيء كوسران يكشف تجدد الخوف الفرنسي على مستقبل الوضع اللبناني في الشهرين المقبلين، سواء على مستوى ما يمكن أن يحصل من أحداث في المنطقة، أو على مستوى انعدام فرص التوافق بين فريقي الموالاة والمعارضة على حكومة الوحدة الوطنية ورئيس الجمهورية الجديد.
وكشف المصدر أن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير جدد اتصالاته الهادفة إلى عقد مؤتمر إقليمي ـــــ دولي في شأن لبنان، لأن باريس ترى أن هذا المؤتمر من شأنه منع انزلاق لبنان إلى الفتنة الداخلية.
بري وجنبلاط
وكان لافتاً أمس هجوم النائب جنبلاط على الرئيس بري. وقال جنبلاط، في حديث تنشره الزميلة «النهار» اليوم، «إن من يقول لنصر الله تفضّل وتولَّ أمني، فهو قد تحول إلى علبة بريد فقط. أنهى بري نفسه بيديه، للأسف». وأضاف جنبلاط: «سننتخب رئيساً للجمهورية من قوى 14 آذار، وبالنصف زائداً واحداً، وفي أي مكان خارج مجلس النواب، لأن الدستور يبيح لنا ذلك بعد 14 تشرين الثاني»، مشدداً على أنه «إذا قبلنا بنظرية التوافق مع الفريق الآخر، الذي أسمّيه الخصم الذي لا يؤمن بمنطلقات ثورة الأرز، نكون قد ضحّينا بكل الشهداء والنضال الديموقراطي». وتابع: «إن حزب الله يعمل لتثبيت قيام دويلته، وإن إيران تساعد في شراء الأراضي. إيران تشتري من خلال جهاد البناء وعلي تاج الدين. فالموضوع هو السيطرة السياسية والعسكرية والاقتصادية على البلاد».
أما الرئيس بري فقال من جهته، معلقاً على كلام جنبلاط، «يبدو أنه لا يريد أن يلعب أحد دور الوسيط أو الموفّق، بل يسعى إلى جعل البلاد أمام معسكرين منقسمين لا مجال للتواصل في ما بينهما. وربما كان قد شعر بأن هناك مساعي من النوع الذي يقود إلى تسوية، وهو يحمّلني أنا مسؤوليتها».