strong>كوسـران يمهّـد لزيـارة كوشـنير أوّل أيلـول... وعـون يطـالب السُـنّة بموقـف من دعـاة «التقسـيم»
باشر الموفد الفرنسي الخاص جان كلود كوسران مهمة خاصة، ينحصر جانبها العملي بترتيب زيارة وزير الخارجية برنار كوشنير أوائل الشهر المقبل، فيما كان السجال الداخلي بشأن الاستحقاق الرئاسي يكشف عن رغبة لدى أقطاب فريق 14 آذار باندلاع مواجهة سياسية شاملة، تعقّد أي مسعى توافقي، في خطوة ترافقت مع تلقي لبنان تقريراً دبلوماسياً تضمن موقفاً أميركياً متشدداً ومؤيّداً رغبة أركان 14 آذار في انتخاب رئيس دون نصاب الثلثين.
وعلمت «الأخبار» أن المحادثات التي أجراها مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ولش في فرنسا أثمرت خلافاً جدياً بين الفريقين، وأن المسؤول الأميركي رفض فكرة التنازل لأجل تسوية. ووفقاً لتقرير دبلوماسي وصل إلى بيروت، فإن ولش حدد موقف بلاده بالنقاط الآتية:
أولاً: نحن ندعم انتخاب رئيس من الفريق اللبناني الذي يتوافق مع سياستنا في المنطقة، ومستعدون للقبول برئيس من خارج الفريق، شرط أن يكون معتدلاً، وأن يعبّر صراحة عن استعداده للتعاون معنا، ولا يواجه سياستنا في لبنان وفي المنطقة، وأن يكون له موقفه الواضح من حزب الله ومن مستقبل العلاقة مع سوريا.
ثانياً: نريد أن تحصل الانتخابات في موعدها الدستوري، ولا نحبذ أبداً حصول تعديل للدستور.
ثالثاً: إذا لم يحصل توافق، فإننا لن نعارض رئيساً ينتخب بغالبية النصف زائداً واحداً، لأنه في هذه الحالة يمثل غالبية نيابية تمثل غالبية الشعب اللبناني.
واللافت أن ولش لم يجتمع أبداً بالفريق الفرنسي المتابع لملف لبنان، وهو لم يجتمع بوزير الخارجية كوشنير ولا بكوسران، بل انحصرت لقاءاته بالفريق المساعد للرئيس نيكولا ساركوزي، وخصوصاً جان ديفيد ليفيت المسؤول عن الأمن القومي، والمعروف بأنه «وزير خارجية الإليزيه».
ويستعد ساركوزي، مطلع الأسبوع المقبل، لاستقبال سفراء فرنسا في اجتماعهم التقليدي السنوي، ويلقي أمامهم «خطاباً عاماً عن السياسة الخارجية الفرنسية»، ويعلن مواقف فرنسا من ملفات الشرق الأوسط، وفي مقدّمها ملف لبنان.
وقالت مصادر في باريس، لـ«الأخبار»، إن «المشاورات التي حصلت في باريس بين الفرنسيين ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل من جهة، والإيرانيين من جهة أخرى، «يجب ألا توضع في كفة ميزان فتح آفاق المبادرة. بل إنها أبرزت العقبات التي تعترض حلاً للأزمة اللبنانية أكثر من مساهمتها في حلحلتها». وقالت مصادر عربية إن هذه المحادثات أظهرت المخاوف من خطورة الوضع في لبنان، والخشية من حصول انفجار إذا استمر الانقسام، وانتهت إلى تشجيع المساعي الفرنسية من دون وضع إطار عام لمبادرة متكاملة.
كوسران
وفي السياق، كشف مصدر مطلع على التحرك الفرنسي لـ«الأخبار» أن كوسران جاء إلى بيروت في إطار جولة في المنطقة، تندرج في إطار سعي كوشنير إلى تأمين انعقاد مؤتمر عربي إقليمي ـــــ دولي يهدف إلى معالجة الأزمة اللبنانية.
وذكر المصدر أن باريس حصلت من واشنطن على ما يشبه التفويض من أجل تأمين انعقاد هذا اللقاء، بغية تحييد لبنان عن «مشروع الفوضى الخلاّقة». وقال المصدر إن التحرك الفرنسي سيشمل عدداً من العواصم العربية والإقليمية والدولية المؤثرة في الشأن اللبناني، وإن زيارة كوشنير للعراق قبل أيام تندرج في إطار دور فرنسي مساعد للولايات المتحدة على معالجة مشكلتها العراقية، على المستوى الداخلي العراقي أو على مستوى إيران وسوريا، وذلك من خلال الأمم المتحدة.
وأشار المصدر إلى أن رئيس الدبلوماسية الفرنسية بدأ يعدّ العدة لزيارة دمشق، خصوصاً أن العلاقة بينها وبين باريس تشهد مزيداً من التحسن، ولو ببطء، وذلك في إطار سعيه إلى تأمين انعقاد المؤتمر العربي الإقليمي الدولي الموعود.
بري
في هذا الوقت، تحاشى رئيس مجلس النواب نبيه بري الدخول في سجال مع رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، الذي وصفه في حديث أدلى به إلى «نهار الشباب» بأنه تحوّل إلى «صندوق بريد بعدما سلّم أمنه إلى حزب الله». وردّ مكتبه الإعلامي متوجهاً إلى جنبلاط بالقول: «فعلاً، إنه لشرف لرئيس مجلس النواب أن يكون صندوق بريد لمقاومة كان من أوائل مؤسسيها، ولن تشبع أنت من أن تبقى أمين كل الصناديق التي تأتيك بالأصفر الرنّان أو ما يعادلها من العملات الصعبة». وأضاف: «قبل أن نغادرك إلى حيث نحن صندوق وئام ومحبة، نريدك أن تعلم أن أمن رئيس مجلس النواب هو في عهدة الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والشرطة... وكلنا نعلم أنك أنت من طلب يوماً الحماية من السيد حسن نصر الله لا غيرك».
عون
الى ذلك، أكد رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أن «كل سياسة اجنبية تشجّع الفريق الحاكم على الحفاظ على سياسته هي دولة مجرمة تريد قتل اللبنانيين»، محذراً من ان «الدعوة الى انتخاب رئيس بـ65 صوتاً هي دعوة الى حرب أهلية. إنهم يدعون الى التصادم، وإلى حرب أهلية»، ومشيراً إلى أن سكوت البطريرك الماروني نصر الله صفير ومفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني «أصبح مريباً».
وقال عون «ليعلم الجميع أننا لن نسكت بعد اليوم ولن نقبل بالتلطّي وراء السكوت». وأضاف «نريد أن نسأل تيار المستقبل بالذات، هل هو مع التقسيم؟ إذا كان ضد التقسيم، فهل يوافق على دعوة تفرقة اللبنانيين التي يدعو إليها جنبلاط وجعجع؟ هذا السؤال لتيار المستقبل الذي يمثل السنة بغالبيتهم». وتابع «أريد أن أسمع صوتا سنياً مسؤولاً يقول ما هي نتائج هذه السياسة التي يبشّر بها وليد جنبلاط وسمير جعجع؟».
وتابع عون «إذا كانوا يريدون التقسيم فليكن، لماذا يقتل بعضنا الآخر؟ فلنلجأ الى التقسيم. يريدون وحدة الوطن فهذا ليس المطلب الأساس. نحن لا نخشى أيّ حلّ يرتؤونه، ولكن لا نريد أن تكون الحلول من خلال سفك الدماء». وأكد أن «الوحدويين هم الأقوى ويتمتعون بالمقدرة على توحيد الوطن بالبندقية، ولكن السلاح لا يوحّد البلد عاطفياً وعقلياً، فعلى الكل أن يبرهنوا عن إرادة الوحدة؛ والسلام لا يصنع من طرف واحد، نحن نريد السلام ولكن على الآخر الذي يعتمد أسلوب التهديد، أن يكون هو أيضاً يريد السلام». وختم قائلاً «إنّهم يضعون البلد في جو من المواجهة لكي يتفجّر؛ لبنان لن يكون عرضة للتفجير، ونحن بفضل إرادتنا أقوى من إرادة التفجير؛ ومن يرد تفجير البلد فسيفجّر نفسه من دون أن يتمكّن من تفجيرنا».