منذ مدة، طوّرت "المؤسسة العامة للتبغ" في سوريا تجربة بدائية لصناعة السيجار. وبعد ثلاث سنوات من المحاولات، باتت صناعة "سيجار مطابق للمواصفات الدولية" ممكنة في المصنع التابع للمؤسسة في اللاذقية التي يزرع التبغ في أريافها. وبحسب معاون مدير المؤسسة سلمان العباس، فإن "الشركة ستطرح منتجاتها في السوق الداخلية وستحاول تصديرها الى الدول الصديقة"، وتوقع المدير العام للمؤسسة ناصر عبد الله أن تسمح هذه المبادرة بخلق ألف فرصة عمل في البلاد.
ويتراوح الإنتاج اليومي بين 400 إلى 500 سيجار حالياً، يجري توزيع جزء منه على عدد من الشخصيات لتذوق نكهته والتحقق من نوعيته.
من "تشرشل" الى "كاسترو" و"غيفارا"، في مجالس الأرستقراطية والبورجوازية أو في أزقة هافانا الفقيرة، يحجب دخان "السيجار" الفوارق الطبقية، توحّد رائحته المنبعثة أشرس الرأسماليين وأكثر الثوريين حماسة، ومهما تعددت الثقافات والحضارات وتبلبلت الألسن، يكفي أن تذكر الـ"كوهيبا" والـ"أمونت كريستو" و"روميو وجولييت" و"بارتغاس"… حتى يدرك الجميع أنك تتحدث عن "السيجار".
وكأنه لا يكفي سوريا والسوريين رائحة الدخان والنار، حتى بات عليهم أن يتحملوا رائحة "السيجار". وكما يقول المثل الشعبي الدارج "نفّخ عليها تنجلي" يبدو أن الحل الوحيد المتبقي أمام السوريين حالياً في ظل ظلامية الأفق وانعدام المبادرات السياسية هو التنفيخ، علهم ينسون مآسيهم وواقعهم الأليم بشرط ألا يبقى السيجار ترفاً على هذا "العدد من الشخصيات" ويصبح بمقدور كل سوري أن ينفخ، فيتكامل تنفيخ المسؤولين والشعب للخروج من الأزمة.
وكانت مجلة "ذا ايكونوميست" البريطانية قد نشرت على غلاف أحد أعدادها عام 2008 سيجار "كوهيبا" ينطفئ كتلميح على نهاية عصر الرئيس الكوبي السابق فيديل كاسترو.
وشركة "كوهيبا" التي تأسست عام 1966 كانت مخصصة للرئيس الكوبي ولكبار الرسميين والزوار قبل أن تطرح تجارياً في الأسواق عام 1982، على أمل أن تنشر الصحافة السورية صورة السيجار السوري منطفئاً في القريب العاجل كدليل على نهاية عصر الدخان والنار وللتحذير من مضار التدخين.
فهل سيطالنا في لبنان، "طرطوشة" من الدخان... المنبعث من السيجار السوري؟