عشيّة فوزه المحتّم في الجولة الثالثة من الانتخابات الرئاسيّة، واجه وزير الخارجيّة التركي عبد الله غول وحزبه «العدالة والتنمية»، المنبثق من التيار الإسلامي، أمس، موجة انتقادات هي الأعنف التي يطلقها الجيش، حامي النظام العلماني، منذ اندلعت المعركة على قصر كنكايا في نيسان الماضي، لانتخاب خلف للرئيس العلماني أحمد نجدت سيزر.فعلى الرغم من صمته الذي اعتبر قبولاً ضمنياً لإعادة ترشيح غول إلى الرئاسة بعد محاولة أولى منذ 5 أشهر، فاجأ رئيس أركان الجيش التركي الجنرال يسار بويكانيت المراقبين، أمس، ببيان نشر على الموقع الإلكتروني للجيش على الإنترنت، تضمّن تحذيراً يفيد بأنّ «أمّتنا تراقب تصرّفات مراكز الشرّ التي تحاول، وبشكل منهجي، المساس بالطبيعة العلمانيّة للجمهوريّة التركيّة».
وشدّد البيان، الذي يستبق «عيد النصر» الخميس المقبل، على أنّ «المخطّطات الشنيعة» التي تهدف إلى هدم القيم الديموقراطيّة والعلمانيّة في الجمهوريّة التركيّة «تظهر بأشكال مختلفة كلّ يوم»، ولن تحيد «القوات المسلحة التركية كالعهد بها دائماً عن موقفها الحاسم وعن واجبها حراسة» تلك القيم. ويبدو أنّ تصريحات رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان عقب الانتخابات الأخيرة، التي أكد فيها تمسّكه بـ«النظام العلماني» والتنسيق مع الشركاء في الوطن، كذلك محاولة غول طمأنة النخبة العلمانيّة من خلال التشديد على المبدأ نفسه، لم تنجح في تهدئة بويكانيت ومؤسّسته وتطمينهما حول نيات الرئيس المقبل.
وجميع الدلالات ترجّح فوز غول في الجولة التي يحتضنها البرلمان اليوم في أنقرة، حيث إنّ المطلوب لنجاحه غالبيّة مطلقة، أي النصف زائداً واحداً من أصوات النوّاب (276 صوتاً من أصل 550 صوتاً). وهي غالبية يمكن أن يؤّمنها نوّاب حزبه البالغ عددهم 341 مشرّعاً. وكان غول «الديموقراطي المحافظ» قد فشل في حسم معركة الرئاسة في الجولتين الأوليين الأسبوع الماضي، عندما كان شرط الفوز الحصول على ثلثي أصوات النوّاب.
ويعدّ الجيش التركي نفسه خطّ الدفاع الأخير عن الجمهورية العلمانية. وكان قد أطاح أربع حكومات خلال الأعوام الستين الماضية، آخرها حكومة إسلامية في عام 1997.
وفي السياق، أعلن نائب رئيس «العدالة والتنمية» مير محمد فرات أنّ مسوّدة دستور جديد تتضمّن تعزيزاً للحريات الشخصية ومراجعة للنصّ الذي وضعه القادة العسكريون بعد انقلاب عام 1980، من المتوقع أن تكون جاهزة بحلول نهاية الشهر المقبل على أن تقدم للبرلمان في أوائل عام 2008.
ويتوقّع أن يقلّص الدستور الجديد صلاحيّات الرئيس ويُخضع أحكام الجيش للمراجعة المدنية ويحدّ من حصانة النوّاب من الملاحقة القضائية وينهي حظراً على ارتداء الحجاب في الجامعات، وهو ما تصونه بشدّة الصفوة العلمانية.
(ا ب، ا ف ب، رويترز)