على نية فاطمة الزهراء عبد الفتاح، تضاء مساء اليوم الشموع على تقاطع إيليا في صيدا بدعوة من حملة بائعة الورد. الطفلة توفيت قبل أيام بحادث سير في المدينة، عندما كانت في السيارة مع أشقائها. لكن موتها استخدم بغايات متعددة. فاطمة (11 عاماً) واحدة من الأطفال السوريين الذين حوّلهم النزوح من بلدهم إلى أطفال شوارع في لبنان، باعة ومتسوّلين. كُلّفت ببيع الورد عند تقاطع إيليا من قبل زوج والدتها.

لساعات طويلة، كانت كقرينات وأقران كثر، يعاندون القيظ والمطر وخطر الليل. لم تكن تملك تقرير مصيرها. أشقاؤها راشدون وبكامل قوتهم الجسدية، قادرون على العمل، فيما هي تكمل دراستها. لكنهم لم يفكروا بذلك. الأمنية الوحيدة ربما التي تحققت لفاطمة في نزوحها، هي طلبها الهرب من شارع المنكوبين في طرابلس إلى منطقة أكثر أمناً، هرباً من الموت بسبب الاشتباكات قبل عامين ونصف.
وعلى الرغم من أنها لم تمت في أثناء العمل، إلا أن عدداً من الناشطين استثمروا موت بائعة الورد ليطلقوا حملة ضد استغلال الأطفال. وجدوا أن القاتل هو من أجبرها على أن تصبح طفلة شارع. كانت حملة «بائعة الورد» التي تهدف إلى تحريك الرأي العام حول القضية وحماية الطفل ومحاربة عصابات التسول. لا تزال الطفلة تنتهك، إذ لم يتورع النشطاء عن رفع لافتات ترثي طفلة الورد عليها صورتها والابتسامة تعلو وجهها، مع صورة أخرى للطفلة والدم يغطي ملامحها إثر وفاتها. القوى الأمنية أيضاً حاولت الاستفادة من موت فاطمة لوقف ظاهرة التسوّل. فقد أصدر قائد منطقة الجنوب في قوى الأمن الداخلي العميد سمير شحادة قراراً بمنع وجود الباعة والمتسولين عند التقاطعات، ولا سيما إشارة إيليا وإشارة سبينيس. هذا القرار قطع القرار برزق مشغّلي الأطفال، لكنه بالطبع لم ينقذ الأطفال أنفسهم من مصير الشارع بعدما نقلهم مشغّلوهم إلى نقاط أخرى مزدحمة، عند جسرَيْ سينيق والأوّلي.