بـري يحـذّر من هـدر أمــوال الخلـوي... وإسرائيليـون يرغبــون في التفـرّغ بالمحكمــة الدوليـة
دخل اللبنانيون نقاهة ما قبل لقاء باريس الحواري بعد عشرة أيام، وهو الأمر الذي أرخى بظله على تقلص واضح في النشاط السياسي، مقابل اتجاه لدى رئيس الجمهورية إميل لحود للتعاطي بتروٍّ مع التطورات، وأنه لن يستعجل الخطوة الدستورية التي ينوي اتخاذها قبل انتهاء ولايته. وهو الأمر الذي قابله ترقب لاتصالات عربية ـــــ إقليمية، أبرزها زيارة منتظرة لوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل الى طهران، وزيارتان للأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الى دمشق والرياض.
إلى ذلك، يزور موسى الأحد المقبل الرياض ودمشق لإجراء محادثات مع الملك عبد الله والرئيس بشار الأسد. وقال قريبون من موسى إن المشاورات ستتناول تطورات الأوضاع على الساحة العربية، ولا سيما الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وسبل إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وسيطلع موسى الملك السعودي والرئيس السوري على نتائج زيارته الأخيرة إلى لبنان والمشاورات التي أجراها مع الأطراف اللبنانية لحل الأزمة اللبنانية والأوضاع في العراق ودارفور والصومال.
ويعكف موسى حالياً على إعداد تقريرين لرفعهما إلى وزراء الخارجية العرب، أولهما يشمل نتائج لجنة تقصّي الحقائق في غزة، والثاني بشأن زيارته للبنان.
ونقل مراسل «الأخبار» في القاهرة خالد محمود رمضان عن مصادر مصرية أن مستشار الرئيس فؤاد السنيورة السفير محمد شطح نقل الى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، «المخاوف من تدهور الوضع الأمني والسياسي في الفترة المقبلة». وأوضحت أن شطح وضع أبو الغيط في أجواء ما يجري على الساحة اللبنانية بعد إخفاق المساعي التي بذلها الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، فيما أعربت القاهرة، في بيان أصدرته الخارجية، عن تضامنها مع حكومة السنيورة في مواجهة تنظيم «فتح الإسلام»، معربة عن الأمل بأن تنجح الجهود العربية بين اللبنانيين ومع الأطراف الإقليمية في تسوية الأزمة اللبنانية. وأضاف البيان أن أبو الغيط تسلم من شطح رسالة تتعلق بالوضع اللبناني وخصوصاً في منطقة الشمال.

بري وفيلتمان

وشهدت عين التينة أمس لقاءً بين الرئيس نبيه بري والسفير الأميركي جيفري فيلتمان، تناول البحث فيه جملة قضايا، أبرزها المبادرة الفرنسية والحظر الاميركي على دخول بعض الشخصيات اللبنانية الى الأراضي الأميركية وحكومة الوحدة الوطنية والاستحقاق الرئاسي. وعلمت «الأخبار» أن بري سأل فيلتمان عن الموقف الاميركي السلبي من المبادرة الفرنسية، مشدداً على جدية هذه المبادرة بدليل التمثيل الرفيع المستوى الذي سيحضر المؤتمر. ووصف بري قرار الحظر الاميركي بأنه «لا معنى له» وأنه «قرار لبناني وليس أميركياً».
وفي ما يتعلق بحكومة الوحدة الوطنية، أصرّ بري على وجوب تأليفها، مؤكداً لفيلتمان «اننا ما زلنا جاهزين لها، لكن الاكثرية هي التي تخلفت عن السير بها وربطتها بشروط مرفوضة». وعندما استفسر فيلتمان عن ضمان عدم استقالة وزراء المعارضة من الحكومة، الذي كان بري قد وعد به أثناء لقاءاته الحوارية مع النائب سعد الحريري، قال رئيس المجلس: «لقد أعطيت هذا الضمان عندما كانت قضية المحكمة مطروحة بالتوازي مع الحكومة، ولكن بعد إقرار المحكمة في مجلس الامن لم يعد من داع لذلك لأن من مصلحة المعارضة اصلاً ألا تستقيل من الحكومة عندما تكون حصتها فيها الثلث زائداً واحداً، بل على العكس فإن المعارضة هي التي تطلب ضمان عدم استقالة وزراء الاكثرية».
وعن ربط حكومة الوحدة الوطنية بموضوع تأمين نصاب جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، أكد بري لفيلتمان ما كان قد أكده لعمرو موسى وهو «ان الدستور يلزم بجلسة الانتخاب حضور الثلثين، وأن العرف الذي يُفسر الدستور بوضوح أكثر كرّس هذا النصاب منذ الاستقلال». وأضاف: «ان قمة الديموقراطية تبدأ بالإجماع ويليه التوافق، وإذا تعذّر فالتصويت. ولذلك إذا كان حضور النواب لجلسة الانتخاب هو في صلب الممارسة الديموقراطية، فالغياب أيضاً عمل ديموقراطي لأن الهدف منه هو توخي الوصول الى الإجماع او التوافق».

الخلوي البترول

الى ذلك قفز الى الواجهة مجدداً أمس ملف الهاتف الخلوي في ضوء التحضيرات التي تجريها الحكومة لبيع هذا القطاع. ونقل زوار الرئيس بري عنه قوله إن الخلوي «هو بترول لبنان وملك للشعب اللبناني»، مشيراً الى محاولات تقوم بها الحكومة لخصخصة هذا القطاع وبيع الشبكتين العاملتين خلال فترة قريبة من دون إقرار ذلك بقانون في مجلس النواب. ولفت الى ان «هناك شركات جاهزة لشراء الشبكتين الخلويتين بموجب صفقة لحساب بعض المحاسيب والأقارب والأزلام»، مشدداً على «أن هذا الامر سنتصدى له بكل قوة».
وعلمت «الأخبار» ان الاكثرية طلبت استشارة اثنين من القانونيين الكبار وجاء ردهما بأن بيع هذا القطاع لا يتم إلا بقانون. وفي ضوء ذلك قررت الحكومة اللجوء الى هيئة القضايا والاستشارات في وزارة العدل. وأشار مرجع سياسي الى ان سبب ممانعة الاكثرية تأليف حكومة وحدة وطنية هو سعيها الى إمرار هذا المشروع. وعلمت «الأخبار» أن الشركات الراغبة في الشراء تتريّث في الإقدام على هذه الخطوة خوفاً من طعن قانوني يمكن أن يؤدي الى فسخ عقود البيع لاحقاً.

إسرائيليون في المحكمة!

من جهة أخرى، كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية مطلعة لـ«الأخبار» أن عدداً من الموظفين الإسرائيليين العاملين في المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا أبدوا وعدداً من الموظفين والمتعاقدين معها من جنسيات مختلفة استعدادهم للتقدم بطلبات توظيف الى الجهاز التابع للمحكمة الدولية ولا سيما بعدما تبلغوا أن مجلس الأمن الدولي قرر إنهاء عمل المحكمة الخاصة بيوغوسلافيا عام 2010، وبالتالي فقد سمح للعديد منهم بالتفرغ والتوجه للبحث عن فرص عمل أخرى تؤهلهم خبرتهم للدخول إليها وخصوصاً في بعض المجالات المتخصصة.
وفي المعلومات أن الإسرائيليين يرغبون في التقدم بطلبات توظيف الى المحكمة الخاصة بلبنان في قطاعات محددة، منها ما يتصل تحديداً بمستشار قانوني أو مستشار دفاع، ذلك أن الفئة الأولى تقدم استشاراتها ودراساتها للادعاء أو للقضاة والفئة الثانية الى محامي الدفاع.
وأضافت المصادر: «يعرف الإسرائيليون أن من الصعب التقدم الى وظائف أخرى وخصوصاً تلك التي تخضع للموافقة اللبنانية ـ الدولية المشتركة كالقضاة مثلاً حيث إن تعيينهم يخضع لموافقة الأمين العام للأمم المتحدة والحكومة اللبنانية، وكذلك بالنسبة الى المحامين حيث من المستحيل أن يختار المتهمون محامين إسرائيليين للدفاع عنهم. ولذلك يمكن تمرير بعض المستشارين الإسرائيليين من ذوي الخبرة في العمل بمثل هذه المحاكم الدولية بالنظر الى خبرتهم وقدرتهم على المنافسة من خلال مؤهلاتهم المتخصصة التي يفتقدها كثيرون من جنسيات مختلفة لم يعملوا في هذا الحقل بعد».