تحوّل العراق خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى ساحة حروب سياسية وميدانية؛ ففيما كان العراقيون يلمّون أشلاء 250 قتيلاً وما يماثلهم من الجرحى، واكب رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي توسّع العمليات العسكرية ضد جيش المهدي من السماوة إلى الديوانية، ليشنّ أعنف هجوم على «التيار الصدري»، ويتهمه بـ«العنف والإرهاب»، بالتزامن مع قرب إعلان «حلف رباعي» يضم أطرافاً شيعية وكردية لتأليف حكومة جديدة، سيكون التيار غائباً عنها (التفاصيل). وطالب المالكي، أول من أمس، «التيار الصدري» باتخاذ «قرارات حاسمة وواضحة حيال العملية السياسية، لأنه لا يمكن أن تضع قدماً داخلها والأخرى مع العنف والإرهاب»، معتبراً أنّ «عصابات صدّامية وبعثية باتت متلبسة بالتيار».
ولم ينتظر «التيار الصدري» إلا يوماً واحداً للرد على المالكي، لتتّسع الهوّة بين الطرفين، فقال مسؤولون في «التيار»، أمس، إن تصريحات المالكي «غير مسؤولة وبمثابة ضوء أخضر لضرب التيار».
وقال أحمد الشيباني، أحد كبار مساعدي الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي أكّدت مصادر أميركية أنه عاد بالأمس إلى إيران، إنّ حكومة المالكي «منتهية بالنسبة إلى الاحتلال وإنها ستنتهي قريباً». وربط الشيباني حملة استهداف التيار برغبة المالكي في «إطالة عمر حكومته في نظر الاحتلال الأميركي».
في هذا الوقت، يبدو أنّ المباحثات الهادفة إلى تأليف جبهة سياسية، تقود إلى إقامة حكومة جديدة برئاسة المالكي، قطعت أشواطاً كبيرة. إذ أعلن الرئيس العراقي جلال الطالباني والمالكي، بعد لقائهما أمس، قرب الإعلان عن الجبهة التي من المتوقَّع أن تُسَمّى «جبهة الدستوريين»، وتضمّ الحزبين الكرديين الرئيسيين و«حزب الدعوة» و«المجلس الإسلامي الأعلى في العراق» الشيعيين.
وبحسب النائب عن «الدعوة» حسن السنيد، فإن ميثاق الإطار المشترك للجبهة الرباعية، «بات جاهزاً للتوقيع في غضون أيام».
وجاءت تصريحات السنيد إثر ما نقلته مصادر مقربة من مكتب المرجع السيد علي السيستاني عن أنه لم يؤيّد انفراد «المجلس الإسلامي» وحزب «الدعوة» بتمثيل القوى الشيعية من دون الآخرين، بل شدّد على ضرورة أن يكون توجه هذين الحزبين مع التحالف الكردستاني شاملاً لكل الجهات السياسية الأخرى الراغبة بالمشاركة في العملية السياسية.
وفي حين كانت أطراف الرباعية تعوّل على انضمام «الحزب الإسلامي» إليها كطرف سنّي رئيسي، رفض القيادي في الحزب عمر عبد الستار المشاركة، مشيراً إلى «أننا نرى أن هذا التكتل لن يصب في مصلحة الشعب العراقي».
وعن تأكيد الطالباني لوجود تفاهم حول عودة وزراء «جبهة التوافق العراقية» إلى الحكومة، نفت الجبهة وجود مثل هذا الاتفاق.
وبالتوازي مع الحروب السياسية، كان تاريخ 7/7/2007 يوماً للمجازر المتنقلة في العراق، حيث قتل نحو 250 شخصاً في سلسلة أعمال إجرامية هزّت البلاد من شمالها إلى جنوبها، كان أبرزها في مدينة أمرلي ذات الغالبية الشيعية ـــــ التركمانية، والتي قُتل فيها يوم السبت 156 عراقياً وعراقية، فيما قتل 12 جندياً أميركياً و3 جنود بريطانيين.
وبشّر قائد قوات الاحتلال الأميركي ديفيد بيترايوس العراقيين بعمليات «إرهابية» شبيهة بتفجير أمرلي، للتأثير على التقرير الذي من المنتظَر أن يقدمه إلى الكونغرس الأميركي منصف أيلول المقبل، حسب تعبيره.
وتشكّك مسؤولون أميركيون بقدرة حكومة المالكي على تحقيق أي من الأهداف السياسية والأمنية التي وضعها الرئيس الأميركي جورج بوش في شهر كانون الثاني الماضي، حيث من المطلوب أن تقدم حكومته تقريراً مؤقتاً إلى الكونغرس في وقت لاحق من الشهر الجاري حول التقدم الذي أحرز في العراق لإقناع الكونغرس بمواصلة التمويل الإضافي للحرب على العراق.
وفي وقت يعترف المسؤولون الأميركيون يومياً بعجزهم وفشلهم أمنياً وسياسياً في العراق، فإنّ ذلك لم يمنع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، من الإشادة «بالتضحيات العسكرية للولايات المتحدة في العراق».
(الأخبار، ا ف ب، ا ب، رويترز)