يحيى دبوق
هل تثبّت الأمم المتحدة أخيراً أن مزارع شبعا لبنانية؟ تقاطع الأنباء الوارد من إسرائيل يقود إلى هذا الاستنتاج، رغم عدم تأكيد المنظمة الدولية. إلا أن مسار تحرير المزارع، أو بالأحرى «تدويلها»، لن يكون سهلاً، على ما يبدو، بسبب الشروط الإسرائيلية المفروضة على الأمم المتحدة.
فقد أفادت صحيفة «هآرتس» أمس بأن الأمم المتحدة أبلغت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة أن نتائج الفحص الذي تجريه لمزارع شبعا تظهر أنها أرض لبنانية لا سورية، مقترحةً على الدولة العبرية نقل المسؤولية عن المزارع لقوات اليونيفيل، الأمر الذي رفضته تل أبيب لأنه يضر بصورتها أمام حزب الله، رغم أنها مستعدة لتسليم المزارع في إطار صفقة تتضمن تعديلاً للقرار 1701 ونشر قوات دولية على الحدود السورية ـــــ اللبنانية لمنع تهريب السلاح.
وأضافت «هآرتس»، نقلاً عن مسؤولين اسرائيليين، أن «القيادة السياسية في القدس سمعت من مسؤولين رفيعي المستوى في الأمم المتحدة أن الاستنتاج الذي يتبلور لدى خبير ترسيم الحدود الذي قام بفحص المسألة هو أن مزراع شبعا أرض لبنانية»، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة، بناء على هذه المعطيات «اقترحت على إسرائيل حلاً على شكل انسحاب (إسرائيلي) من مزراع شبعا وتحويلها إلى أرض دولية تسيطر عليها قوات اليونيفيل، إلا أن رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني رفضا هذا الحل».
وقالت الصحيفة إن «أبرز الرسائل التي وصلت (إلى إسرائيل) في موضوع مزارع شبعا كانت خلال لقاء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وأولمرت في نيويورك قبل نحو شهر، إضافة إلى قناة اتصال أخرى تمثلت بالمحادثات بين ليفني ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط مايكل وليامز قبل أسابيع».
وتابعت «هآرتس» إن «النقاش في الموضوع بين إسرائيل والأمم المتحدة جرى أيضاً قبل نشر التقرير المرحلي لتطبيق القرار 1701 قبل أسبوعين، بعدما اعتزمت الأمم المتحدة أن تضمن تقريرها بنداً ينص على لبنانية مزارع شبعا»، الأمر الذي رأته الصحيفة خروجاً عن القرار 1701 القاضي بتقرير مساحة المزارع في إطار ترسيم إجمالي للحدود بين لبنان وسوريا.
وقالت الصحيفة إن «مسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية مارسوا ضغطاً شديداً على محافل في الأمم المتحدة لشطب البند المذكور من التقرير»، مشيرة إلى أن «المعارضة الإسرائيلية تتركز على الخشية من إلحاق ضرر بصورتها حيال حزب الله».
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين تشديدهم على أن «الأمم المتحدة بهذه الطريقة ستكون مسؤولة عن استئناف خطر الحرب لا الحد منها»، وهي الرسالة نفسها التي نقلتها ليفني على مسامع كل من مياكل وليامز «ما حدا الأمم المتحدة إلى تأجيل الموضوع حتى تقريرها الجديد المتوقع صدوره في أيلول المقبل».
وقدرت مصادر سياسية إسرائيلية أن «المرة المقبلة لن يكون بوسعنا منع إعلان لبنانية مزارع شبعا، وأن على إسرائيل أن تنسحب منها»، مضيفة أنه «تطرح في المداولات التي تجريها وزارة الخارجية افكار تتعلق بإدراج انسحاب محتمل من مزارع شبعا في صفقة شاملة تتضمن تطوير القرار 1701 مع التشديد على نشر قوات يونيفيل على الحدود السورية اللبنانية لمنع تهريب السلاح». وبحسب مصدر سياسي آخر، فإن «مزارع شبعا تصبح أقل أهمية في مثل هكذا إطار».
ونقلت الصحيفة عن المصادر السياسية الإسرائيلية قولها إن «الأسابيع المقبلة ستشهد وصول خبير الترسيم (الدولي) إلى إسرائيل كي يواصل عمله، وتتعاطى القيادة السياسية (الإسرائيلية) مع هذه المسألة بحساسية شديدة جداً، بسبب الخشية من أن يؤدي بيان علني عن الأمم المتحدة إلى اشتعال متجدد في الشمال»، مشيرة إلى أن «الضغط على إسرائيل يتعاظم من جانب فرنسا والولايات المتحدة اللتين تعتقدان أن انسحاباً إسرائيلياً من مزارع شبعا سيعزز حكومة (الرئيس) فؤاد السنيورة» في لبنان.
وفي تأكيد لما نشرته «هآرتس»، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر إسرائيلي مسؤول قوله أمس إن خبير خرائط لدى الأمم المتحدة خلص إلى أن مزارع شبعا تابعة للبنان.
وانتقد المصدر خبير الخرائط، باعتبار أنه «تجاهل في استنتاجاته وقائع عديدة»، مشيراً إلى أن «مزارع شبعا كانت تُعَدُّ دائماً جزءاً من الأراضي السورية، وأن استنتاجات الخبير تشكّل تغييراً كبيراً يثير مشاكل، فحتى الآن كان حزب الله هو الذي يثير المسألة عبر تأكيده أن المنطقة تخص لبنان، وفجأة أصبحت ملفاً دولياً».
إلا أن الأمم المتحدة نفت ما ورد في تقرير «هآرتس». وقال فرحان الحق، المتحدث باسم بان كي مون، إن الأمم المتحدة لم تطلب من إسرائيل تسليم مزارع شبعا للأمم المتحدة. وأضاف أن «فريق واضعي الخرائط يواصل عمله. ولا يزال الأمين العام منخرطاً في هذه القضية».
وأشار فرحان الحق إلى أن بان «أثنى، في تقريره عن تطبيق القرار 1701، على علم رئيس واضعي الخرائط حتى تاريخه بهدف إيجاد تحديد سليم لمنطقة مزارع شبعا، ويؤكد سروره لقبول إسرائيل زيارة رئيس فريق المساحة الدولي».