إجراءات خاصّة لوفد حزب الله ونفي وجود ترتيب لزيارة الحريري إلى قصر الإليزيه
تتجه الانظار الى باريس، حيث ينعقد اليوم وغداً اللقاء الحواري في «سان كلو»، الذي حرص منظموه والمشاركون فيه على عدم رفع سقف التوقعات منه في ظل استمرار انسداد الأفق على مستوى القوى كافة، داخلياً وإقليمياً.
وفيما وصل الى العاصمة الفرنسية أمس عدد من المشاركين، الذين سيكتمل عقدهم اليوم، نقل مصدر سياسي عن مسؤولين فرنسيين قولهم إن جدول أعمال الرئيس نيكولا ساركوزي لا يتضمّن لقاءات مع شخصيات لبنانية في الوقت الحاضر، في إشارة الى الحديث عن ترتيبات لاستقبال النائب سعد الحريري قريباً.
في المقابل، يجري الحديث عن لقاءات خاصة سيعقدها وفد حزب الله الى المؤتمر مع مسؤولين في وزارة الخارجية الفرنسية، وعن لقاءات أخرى غير رسمية يتولى الموفد الخاص جان كلود كوسران ترتيبها بين بعض الحاضرين في المقر نفسه.
ونقل مراسل «الأخبار» في باريس، الزميل بسّام الطيارة عن مصادر متابعة قولها إن «تقصير مدة اللقاء يهدف إلى ضبطه إذا ما استفحلت الأمور وخرجت عن إطارها»، وإن دبلوماسيي وزارة الخارجية الفرنسية يعوّلون كثيراً على ممثلي المجتمع المدني لـ«ترطيب الأجواء وإبقائها ضمن أصول التشاور البنّاء».
وذكر متحدث باسم الخارجية الفرنسية أن الوزير برنار كوشنير سيشارك في الاجتماع «من بدايته حتى نهايته» قبل أن يغادر صباح الاثنين للمشاركة في لقاء فرنسي ـــــ ألماني في تولوز. وشدد المتحدث نفسه على «المستوى الرفيع» للوفود المشاركة في حوار لا سيل سان كلو، والتي تمثل الأكثرية والمعارضة في لبنان، مشيراً الى حضور عدد من الوزراء ونحو عشرين نائباً. وأوضح أن كوشنير سيشترط على ضيوفه اللبنانيين التكتم على وقائع الجلسات لضمان الطابع غير الرسمي للمناقشات وتفادي أي «تدخل خارجي». وقال «نأمل أن يُعقد الاجتماع بمعزل عن أي تدخل خارجي. من هنا، سيذكّر الوزير المشاركين بوجوب عدم الاتصال بأي جهة خلال الاجتماع».
وعلمت «الأخبار» أن «اجتماعاً مغلقاً» اقتصر على ممثلي المجتمع المدني جوزيف ميلا وكامل مهنا وزياد بارود وغسان سلامة وغالب محمصاني، عقد أمس في وزارة الخارجية الفرنسية في تمام الساعة السابعة بهدف ضبط إيقاع الخلوة. وبحسب تسريبات حصلت عليها «الأخبار»، فإن ديبلوماسيي الخارجية شددوا كثيراً على ضرورة «إبقاء الصحافة بعيدة» وعدم إطلاق تصريحات وتسريبات يمكن أن «تشوّش على اللقاء».
وقد انكبّ المراقبون للملف اللبناني في باريس على لائحة المشاركين لدراسة «موازين القوى التي يمكن أن تشير إلى توجهات نتائج اللقاء». وبحسب خبير عمل في إطار هذا الملف، فإن لائحة أسماء ممثلي الأطراف السياسية الأربعة عشر يراها الفرنسيون ثلاثة وفود «هجومية سياسياً» هي وفد اللقاء الديموقراطي الذي يمثله الوزير مروان حمادة والنائب أكرم شهيب ووفد «القوات اللبنانية» الممثلة بالنائب جورج عدوان وجوزيف طعمة من جهة، ووفد «حزب الله» الممثل بالوزير محمد فنيش ونواف الموسوي من جهة أخرى.
ويتوقع أن يشارك إلى جانب الوزير كوشنير كل من السفير كوسران والمستشار كريستوف بيغو، الذي يتابع الملف اللبناني منذ وصول كوشنير إلى وزارة الخارجية. وعلمت «الأخبار» أن موظفاً من هذه الوزارة «خبيراً بالشرق الأوسط» سوف «يكون إلى جانب وفد حزب الله» بشكل «شبه دائم» منذ لحظة وصوله إلى المطار اليوم وصولاً إلى مركز الإقامة الذي من الممكن أن يكون داخل قصر لا سيل سان كلو أو في فندق قريب. ويرجح أن يكون وفد حزب الله «النجم الإعلامي الأول للقاء» حيث يتوقع أن تنهال عليه طلبات المقابلات الصحافية.

قبل المؤتمر

في هذا الوقت، قال مقربون من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة إن «فريق 14 آذار سيتعامل بانفتاح مع كل الافكار التي ستطرح»، وإن «الهم الرئيسي هو في كيفية التوصل الى إعادة إطلاق دورة عمل كاملة للمؤسسات الدستورية». ورفض هؤلاء التحدث عن شروط مسبقة من أحد، مشيرين إلى أن «هناك ضمانات من الجانب الفرنسي بأنه لن يمارس أي نوع من الضغوط على المشاركين بغية دفعهم الى قرارات معينة».
وأعربت المصادر نفسها عن «استمرار دعم 14 آذار لحوار يتم في بيروت ومباشرة بين قادة الفريقين وأن تسهَّل مهمة المسعى العربي الذي يقوده الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى».
في المقابل، قال مصدر بارز في وفد المعارضة الى مؤتمر سان كلو، لـ«الأخبار»، إن الوفد ذاهب الى باريس موحداً ومن «موقع التضامن والكرامة» وسيطرح موقفه القائل «بإجراء انتخابات نيابية مبكرة تعكس الأحجام السياسية للقوى ومختلف الاطراف، أو تأليف حكومة وحدة وطنية تحقق الشراكة والتوازن الفعليين في سلطة اتخاذ القرار على المستوى الوطني العام وتشرع في تحقيق المعالجة الفعلية للأزمة».
ورأى المصدر أن الاكثرية «إذا طرحت انتخابات رئاسة الجمهورية كأولوية، فإن ذلك سيكون إطالة لعمر الأزمة لأن انتخاب رئيس للجمهورية بلا توافق سيجعل منه رئيساً لإدارة الأزمة، وسيكون موظفاً عند هذه الأكثرية برتبة رئيس جمهورية، وإذا حاول أن يمارس صلاحياته، فإنها ستعمل على تجاوزه والتعاطي معه مثلما تتعاطى الآن مع الرئيس إميل لحود».

نهر البارد

في هذا الوقت، برز امس تطوران أمنيان في مخيم نهر البارد، تمثّل الأول في إحراز الجيش اللبناني تقدماً ميدانياً على الارض عند المحور الشرقي من المخيم؛ والثاني في إطلاق مسلحي حركة «فتح الاسلام» صواريخ كاتيوشا عيار 107 مليمترات من مواقعهم الى سهل عرقة وبلدة بيت حدارة وبلدة قعبرين والمنية ودير عمار، الأمر الذي أدى الى وقوع شهيد مدني وإصابة آخر وحدوث بعض الأضرار المادية في الأماكن التي سقطت فيها، والتي يبعد بعضها عن المخيم نحو 7 كيلومترات تقريباً.
وقالت مصادر أمنية إن ثلاثة جنود لبنانيين استشهدوا في المعارك الجديدة في المخيم أمس. وتوفي جندي متأثراً بجروح كان قد أصيب بها في قتال ضار نشب أول من أمس، ليرتفع عدد شهداء في صفوف الجيش خلال اليومين الماضين إلى عشرة. وقال شهود عيان إن الجيش قصف المخيم المدمّر الى حد كبير بالمدفعية والدبابات وإن المسلحين ردوا بإطلاق نيران القناصة والصواريخ. وتصاعدت سحب الدخان الأسود من مباني المخيم المدمرة، التي تحول معظمها الى انقاض.