بغداد ـالأخبار
يبدو أن سلطات الاحتلال الأميركي تعمل على إعادة صياغة الخريطة السياسية في العراق بشكل يؤمن عودة السنة إلى سدة الرئاسة وتعويض الأكراد بمنصب رئاسة البرلمان، في خطوة تستهدف إعطاء دفع للعملية السياسية والتخفيف من حدة المقاومة، وتعكس تغيراً في رؤية واشنطن لتحالفاتها في بلاد الرافدين.
وأشارت مصادر مقرّبة من «المطبخ» السياسي العراقي، لـ«الأخبار» أمس، إلى أنّ تغييراً «جذرياً» يتمّ التحضير له من سلطات الاحتلال، بالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة والطيف السياسي العراقي الحاكم، يرتكز أساساً على إعادة تركيب مؤسسات السلطة السياسية المتمثّلة بالرئاسات الثلاث، بشكل يتم فيه إسناد منصب رئيس البلاد الكردي حالياً إلى شخصية عربية سنية في المستقبل القريب، مع توسيع كبير لصلاحيات الرئاسة التي لا تزال بروتوكولية تشريفية أكثر من تنفيذية.
وبحسب المعلومات، سيصبح رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان)، بموجب هذا التغيير، كردياً (مخصص حالياً للسنة) مع الإبقاء على منصب رئاسة الوزراء بيد الشيعة. وتردّد أن بعثة الأمم المتحدة لدى بغداد تعمد إلى إقناع سلطات الاحتلال باستبدال رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي بالنائب مهدي الحافظ، الذي انشق أخيراً عن القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي. كما أفادت المعلومات بأنه يتوقع أن يؤدي النائب الأسبق لرئيس الحكومة، رئيس حزب «المؤتمر الوطني العراقي» أحمد الجلبي، دوراً مهماً في المرحلة المقبلة.
وإذا صحّت هذه المعلومات، فستكون سلطات الاحتلال قد نجحت في إعادة رسم الخريطة المذهبية ـــــ العرقية في بلاد الرافدين، حيث سقط أمس خمسة جنود أميركيين، في إطار محاولتها «تطويع» الوضع العراقي البالغ التعقيد، عبر «إغراء» العرب السنّة بالانضمام إلى العملية السياسية.
وتشير المصادر المطّلعة إلى أنّ التغيير المرتقَب سيتزامن مع التقرير الذي سيقدّمه السفير الأميركي لدى بغداد رايان كروكر وقائد القوات الأميركية في بلاد الرافدين دايفيد بيترايوس منتصف أيلول المقبل إلى الكونغرس، والذي أكّد نواب عراقيون عديدون، لـ«الأخبار»، أنه سيكون «سيّئاً» بالنسبة إلى الحكومة العراقية في خلاصاته وتقويمه للوضعين السياسي والأمني.
ومن الإشارات التي استندت إليها المصادر لتوضيح الاهتمام بمهدي الحافظ، اجتماعه مع الرئيس جلال الطالباني مرتين خلال الأيام الأخيرة، ومع المرجع آية الله علي السيستاني قبل أسبوع في مقرّه في النجف. وأوضحت أنه سياسي علماني شيعي المذهب، يحظى بقبول من «الائتلاف العراقي الموحّد» أكثر من غيره، وعلاقاته جيدة أيضاً مع الأطراف السنية والكردية، كما يتمتع بعلاقات مميّزة مع الليبراليين، حيث سبق أن كان عضواً في المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، وهو اشتهر بمعارضته لغزو العراق، وبأنه مهندس دور الأمم المتحدة في الشأن العراقي بعد الاحتلال.
وكان الحافظ قد انسحب قبل نحو شهرين من لائحة علاوي، الذي تشير مصادر إلى عوائق تحول دون تسميته مرشحاً لرئاسة الحكومة، منها كثرة الاعتراضات عليه من أطراف عديدة في الائتلاف الحاكم، رغم الدعم العربي الذي يتلقاه.
وفي سياق آخر، شدّد المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة زلماي خليل زاد أمس على الحاجة لتعيين موفد دولي خاص بالعراق يكون قادراً على جمع العراقيين وقوى إقليمية كإيران وتركيا والسعودية التي حان الوقت لتؤدي «دوراً بنّاء»، مشيراً إلى أن هذا الاقتراح يحظى بدعم واشنطن والأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون.