الجميّـل يواجـه خـوري في المتـن وعيتـاني الحلبـي في بيـروت... وصفيـر «يفضّـل التوافـق»
فيما ينتظر أن يغادر الموفد الفرنسي جان كلود كوسران السعودية الى باريس ليقرر من هناك موعد عودته، المرجحة مطلع الأسبوع المقبل، الى لبنان، تراجع الحديث أمس عن المبادرات الهادفة الى إنهاء الازمة اللبنانية، ليسود مكانه بقوة الاهتمام بالانتخابات الفرعية التي قررت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة إجراءها في 5 آب المقبل في المتن الشمالي وبيروت لملء مقعدين نيابيين شغرا باغتيال النائبين بيار الجميل ووليد عيدو، وذلك بموجب مرسومين لم يحملا توقيع رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، الذي يعتبر الحكومة فاقدة الشرعية الدستورية. وبدا أن «أم المعارك» الانتخابية ستحصل في المتن إذا لم تحصل تسويات أو تزكيات بين حزب الكتائب، الذي رشح رئيسه الأعلى الرئيس أمين الجميل لخلافة ابنه بيار في المقعد الماروني، وبين التيار الوطني الحر، الذي رشح الدكتور كميل خوري وقدم في الوقت نفسه طعنين بمرسوم إجراء هذه الانتخابات.
أما في بيروت، فإن تيار «المستقبل» رشح محمد الأمين عيتاني، ولم يترشح النائب تمام سلام خلافاً لمعلومات ترددت في الأسابيع القليلة الماضية. وقد سارع رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، العائد من السعودية، والذي سيلتقي العماد ميشال عون قريباً، الى الاتصال به ليشكره على «موقفه الداعي الى تزكية مرشح تيار المستقبل»، بحسب بيان وزعته قريطم.
وإذ التقى الحريري عيتاني وتمنى له التوفيق، اتصل في الوقت نفسه بالجميل وهنأه بترشحه، معرباً عن ثقته «بأن قوى 14 آذار ستثبت، من خلال تضامنها في بيروت والمتن، أن الشعب اللبناني سينتصر على القتلة ويسقط كل محاولات الاستفادة من جرائم اغتيال النواب وتعطيل الحياة الدستورية والبرلمانية والديموقراطية في لبنان».
وقد اتصل الجميل بعد إعلان ترشّحه بالبطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير وأطلعه على معطيات هذا الترشح، قبل ساعات على إقفال باب الترشيحات منتصف ليل أمس.
ونقل زوار صفير عنه قوله امس إنه «يفضل أن تتوافق القيادات المعنية في دائرة المتن على مرشح وعدم الدخول في معارك انتخابية يمكن أن تترك سلبيات على الوضع المسيحي»، مشيراً الى «المحاولات التي أجرتها الكنيسة من أجل التوفيق بين القيادات المتنية اثر وقوع جريمة اغتيال الوزير بيار الجميل ولكنها لم تنجح».
وقال مصدر في التيار الوطني الحر إن التيار سيخوض المعركة الانتخابية في المتن بعد أن يبت مجلس شورى الدولة قبولاً أو رفضاً الطعن بإجرائها، الذي قدمه مرشحه كميل خوري. وأضاف أن التحضيرات العملية للمعركة قد بدأت ميدانياً «ولا ينبغي أن يُفهم ذلك انتقاصاً من شهادة بيار الجميل»، مشيراً إلى أن «الخلاف بين التيار والجميل هو خلاف سياسي حول الخيارات السياسية من خيار التحالف الذي أقام هذه السلطة، الى المشاركة المسيحية غير الموجودة أو غير الفاعلة، وأن كل ما يطلبه التيار هو الاعتراف بهذا الواقع حتى يتم العمل على تحسين الوضع المسيحي».
ولفت المصدر الى «اجتماعات تعقد بين التيار الوطني الحر والنائب ميشال المر وحزب الطاشناق للتفاهم على آلية المعركة الانتخابية التي ستخاض صفاً واحداً».
وإذ اعتبر الجميل، في بيان ترشحه، أن الانتخابات هي «ليستعيد المتن هويته التاريخية»، متمنياً «أن تثبت صناديق اقتراع المتن الهوية اللبنانية، وأن تبرهن لكل الناس أن المتنيين استعادوا قرارهم، وهم طليعة اليقظة الجديدة».
وسارع العماد عون إلى الرد عليه بكلام أمام زواره متسائلاً «ممن يريدون استرداد المتن؟ كأن المتن بات محتلاً وليس في يد أهله. إنهم يجيّشون الناس بشعور خاطئ وليس لديهم ما هو جيد يقدمونه إلى الناس». وقال «إن هذه المعركة هي للمحافظة على صلاحيات المؤسسات»، مضيفاً أن «هذه الانتخابات يجب ألا تحدث في الأساس في ظل هذه الحكومة وفي ظل عدم صدور مرسوم جمهوري يدعو إلى الانتخابات. مع الأسف، حاولنا الطعن في مجلس شورى الدولة، فصار الواجب الطعن في مجلس الشورى لا أمامه».
وشدد عون على أن «لهذه المعركة أهميتها. نحن نخوضها لإزالة التهميش المسيحي الذي أصابنا 15 عاماً. والآن كل الوسائل مجيّشة: المال، والضغط السلطوي، والضغط على القضاء وعلى الأمن (سيبدأ عما قريب). يجب أن نقاوم ذلك. إنهم يعوّلون كثيراً على المال وأعتقد أن صدمتهم ستكون كبيرة لأن المتنيين يقاومون المال حتى لو وجدت شواذات قليلة. لكن النفسية المتنية ترفض بيع الذات في سوق الانتخابات. آمل أن تكبر هذه الصدمة كلما اقتربنا من موعد الانتخابات».
أما في بيروت فليس متوقعاًً أن تشهد الانتخابات في دائرتها الثانية معركة كبيرة نظراً لغياب التكافؤ بين مرشح تيار «المستقبل» ومرشح حركة «الشعب» إبراهيم الحلبي، لأن قوى المعارضة وتحديداً حركة «أمل» وحزب الله لا يعترفان بشرعية الحكومة ولا بالمراسيم والقرارات التي تتخذها ولذلك فهما يعتبران الانتخابات غير شرعية وبالتالي لا داعي للمشاركة فيها ترشّحاً أو اقتراعاً.
مخيم البارد
وعلى صعيد الوضع في مخيم نهر البارد، خرق القصف المدفعي العنيف والاشتباكات التي وقعت بعد ظهر أمس الهدوء الحذر الذي لفّه قبل الظهر، وذلك إثر استخدام الجيش المدفعية البعيدة في قصفه مواقع مسلحي «فتح الإسلام»، ودكها بالقذائف الصاروخية على نحو متواصل ومركز.
وأظهرت وقائع الأيام الأخيرة أن الجيش بات يحكم السيطرة بالنار على القسم الأكبر من الجيوب التي لا يزال المسلحون يتحصنون فيها في محيط مركز الشفاء عند الجهة الشرقية الشمالية للمخيم، والمواقع العسكرية التي كانت تابعة للفصائل الفلسطينية عند الواجهة البحرية الجنوبية، وأخلتها قبيل الانسحاب الأخير، ولا سيما مواقع الجبهتين الشعبية والديموقراطية والقيادة العامة، وهي مواقع محصَّنة ومجهزة، وفيها مخابئ تحت الأرض أعدت لمواجهة غارات الطائرات الحربية، ومنها يقوم المسلحون على الأرجح بإطلاق الصواريخ في اتجاه المناطق السكنية اللبنانية المحيطة بالمخيم.
وأوضح عضو رابطة علماء فلسطين الشيخ محمد الحاج لـ«الأخبار» أنه أجرى اتصالاً بالمسؤول الإعلامي في «فتح الإسلام»، أبو سليم طه، من أجل «المساعدة في إجلاء عائلات المسلحين من النساء والأطفال الذين لا يزالون داخل المخيم، إلا أن طه أبلغني أن النساء رفضن الخروج، وفضلن البقاء مع أزواجهن».
ووفّر التقدم المتتابع للجيش في الأيام الأخيرة، ونجاحه في اختراق مواقع المسلحين والسيطرة على عدد من المباني في الأحياء، وتحديداً عند تخوم المخيم القديم وعمقه، ولا سيما في أحياء المغاربة وسعسع الفوقاني وبعض الأزقة في سعسع التحتاني وأطراف المدخل الجنوبي للشارع الرئيسي وتلة كستينة، الإشراف المباشر على القسم الأكبر من الأحياء الداخلية للمخيم.