فرنسا تأمل استئناف الحوار وكوسران طلب من دمشق تسهيل ملفّ الرئاسة والمتن يستعدّ للمعركة
برغم الاستنفار الذي قام خلال الأيام القليلة الماضية ربطاً بالانتخابات الفرعية التي قرّرت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة إجراءها في بيروت والمتن الشمالي، عاد الاهتمام ينصبّ على المبادرة الفرنسية حيث ينتظر وصول الموفد الفرنسي جان كلود كوسران الى بيروت اليوم ليمهّد لزيارة وزير الخارجية برنار كوشنير المقررة في 28 من الجاري.
ووسط هذه الأجواء السياسية، أعلن الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله ان المقاومة قادرة على ضرب «أي نقطة» في إسرائيل. وقال نصر الله في مقابلة مع قناة «الجزيرة» تبث اليوم: «تل أبيب وغير تل أبيب، أي زاوية وأي نقطة في فلسطين المحتلة كان يمكن أن نطالها بالتأكيد (خلال حرب تموز)، ويمكننا ذلك الآن أيضاً».
وفي هذا الوقت، لفتت أوساط مطلعة الى أن الجانب الفرنسي يأمل تطوير ما بدأ في سان كلو، وأن هناك مشاورات جرت مع السعودية ومصر وسوريا وإيران لدعم فكرة إعادة إحياء طاولة الحوار. ويبدو أن هناك اتصالات تجري مع الرئيس نبيه بري الموجود في الخارج في إجازة عائلية، للبحث في إمكان دعوة قادة الحوار الى اجتماع قريب. وهو إن كان لا يرفض الأمر من حيث المبدأ فإنه يشترط ما سمّاه «تفاهمات مسبقة في موضوعي حكومة الوحدة الوطنية والاستحقاق الرئاسي».
ومن دمشق نقل زوار عن مسؤولين كبار فيها أن المباحثات مع الجانب الفرنسي لم تتوصل الى نتائج حاسمة، وأن النقطة الأكثر غموضاً هي التي تتعلق بالعلاقات بين سوريا والسعودية. وقال الزوار إن هناك تفاهماً أولياً مع الجانب الفرنسي وإن دمشق تدعم التحرك الذي تقوم به باريس لكنها لن تمارس أي ضغط على حلفائها في لبنان، ولا هي تعتبر نفسها أمام امتحان من أي جهة عربية أو دولية.
وفي باريس كشفت الناطقة باسم الخارجية الفرنسية باسكال اندرياني أن «من ضمن ما قاله كوسران لوزير الخارجية السوري هو أننا نعتمد كثيراً على موقف بنّاء من سوريا لمتابعة ما بدأناه من محاولة لإعادة ربط الحوار بين الفرقاء اللبنانيين».
ونقل مراسل «الأخبار» في باريس بسام طيارة عن مصادر على صلة بالملف اللبناني أن محادثات كوسران في دمشق تجاوزت «حدود إبلاغ نتائج حوار سان كلو» وتطرقت إلى «سياق متابعة هذا الحوار في بيروت» عبر ما يمكن تقديمه «من تسهيلات سورية»، وأن نقطة وحيدة احتلت مركزاً أساسياً في عرض السفير كوسران هي الانتخابات الرئاسية، حيث طلب كوسران من دمشق «تسهيل ملف الرئاسة» وشدد على ضرورة «التزام الأفرقاء المواعيد الدستورية». وفسّر بعض المراقبين هذا «الطلب من سوريا» بأنه محاولة «لمناقشة طرح اسم مرشح توافقي». وذكرت المصادر أن كوسران «كان دقيقاً في وصف ما يريده الغرب من سوريا في ما يتعلق بالملف اللبناني» وأنه كان «حازماً جداً» في التأكيد أن «عودة سوريا إلى الحظيرة الدولية» تتطلب منها «خطوات ملموسة وبنّاءة» في تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة.
وربطت وزارة الخارجية برنامج زيارة كوشنير لبيروت «بما سوف يسمعه كوسران» هذا الاسبوع. ولم تخف المصادر الفرنسية تشاؤمها إزاء الوضع الذي «يتغيّر من لحظة لأخرى» وأسفت لعدم احترام الأفرقاء «ميثاق الشرف الإعلامي».
من جهة ثانية، تلقى السنيورة أمس اتصالاً هاتفياً من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وتباحثا في «موضوع اختيار مكان عمل المحكمة الدولية». وأكد بان كي مون «سعيه الحثيث من أجل إنجاز كل ما يتعلق بإنشاء هذه المحكمة لكي تنطلق في عملها».
الانتخابات الفرعية
إلى ذلك انطلقت أمس الحملات الانتخابية في بيروت والمتن الشمالي استعداداً للانتخابات الفرعية. وسوف يعلن التيار الوطني الحر اليوم قراره بشأن المشاركة في الانتخابات بالمرشح كميل الخوري.
وكانت آخر الوساطات قد فشلت في إقناع الرئيس أمين الجميل بالانسحاب من المعركة مقابل انسحاب مرشح التيار والعمل على تأجيل الاستحقاق الى وقت آخر ريثما يتم الاتفاق على مرشح تسوية وفق ما كان يفكر النائب ميشال المر، الذي يعيش وضعاً حرجاً للغاية في ضوء التداخل على مستوى قواعده مع حزب الكتائب من جهة والتزامه الموقف السياسي مع العماد ميشال عون من جهة ثانية.
أما بشأن موقف التيار الوطني الحر فإن عدم إعلان الرئيس بري موقفاً من الاستحقاق، كان له الأثر الكبير في المشاركة، لأن التيار كان يعتقد أن المشاركة لا تحصل إذا وافق مجلس شورى الدولة على طلب الطعن، أو إذا أعلن الرئيس بري أنه لن يفتح أبواب المجلس النيابي لأي نائب ينتخب وفق آليات تحددها حكومة غير شرعية، وهو الأمر الذي لم يعلنه بري بعدما كان مجلس شورى الدولة قد رفض الطعن، ما يفرض على التيار خوض المعركة.
وفي بيروت باشرت ماكينة تيار المستقبل عملية تعبئة سعياً وراء استعراض للقوة، وخصوصاً أن هناك نوعاً من الاطمئنان بسب قرار تحالف أمل وحزب الله عدم خوض الانتخابات، وتراجع مرتقب لحجم المشاركة المسيحية.
ودعا النائب الحريري خلال لقاء انتخابي في قريطم دعماً لمرشح تيار «المستقبل» محمد الأمين عيتاني الى الاقتراع بكثافة لهذا المرشح، وقال: «بيروت خط أحمر. كرامة بيروت خط أحمر وأهل بيروت لن يسلموا بيروت لأحد، ولن يسلموا كرامة بيروت لأحد» وأضاف: «كرامة بيروت تكتسب اكتساباً، ونحن سوف نكسبها في 5 آب، في صناديق الاقتراع»، وقال: «مرة جديدة، تفرض علينا الجريمة أن نواجهها. والمعركة التي سنخوضها معاً، ليست ضد هذه الجهة أو تلك، فلا خصوم في بيروت، لأن خصم بيروت معروف، وهو قاتل رفيق الحريري ووليد عيدو، وكل شهداء مسيرة 14 آذار».