«فوز كاسح» بالمقياسين التقني والمعنوي حصده حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي المحافظ في الانتخابات التشريعيّة التركيّة أمس. فوز سيمنح رئيس الوزراء رجب طيّب أردوغان ولاية ثانية تفتح له أفق الاستمرار، «منفرداً»، في نهج أثبت نجاحه على مدى السنوات الخمس الماضية، وخاصة في الميدان الاقتصادي. إلّا أنّه يمهّد لمزيد من التوتّر مع النخبة العلمانيّة، في مستقبل مليء بالاستحقاقات، وفي مقدمتها حسم معضلة انتخاب الرئيس المقبل للبلاد وتعديل الدستور. ويبقى السؤال: كيف سيتعامل الجيش، حامي مبادئ العلمانية، مع هذا الفوز؟لعلّ عبارات و«أبوابنا مفتوحة للجميع» و«نسعى إلى التعاون» و«سنكمل بمسيرة الإصلاح» و«سنتّخذ التدابير اللازمة ضدّ المتمرّدين الأكراد»، التي أطلقها أردوغان في خطاب الفوز، تمثّل عناوين ولايته الثانية، وقد سعى من خلالها إلى خفض حدة التوتر الذي ميز الحياة السياسية في تركيا مذ احتدم الصراع السياسي بين «الإسلاميّين» و«دعاة العلمنة».
وفي المبدأ، يُفترض أن تؤدّي هذه الانتخابات المبكرة إلى حلّ الأزمة السياسية الخطيرة التي بدأت في الربيع بين حكومة أردوغان وأوساط العلمانيين، وضمنها مؤسّسة الجيش، إلّا أنّ نتائج انتخابات، أمس، قد لا تنجح في إخراج البلد من الأزمة التي يعانيها، والتي قد تبرز مجدداً عند انتخاب البرلمان الجديد لرئيس الجمهوريّة، وذلك في حال رفض «العدالة والتنمية»، الذي يطالب بتعديل دستوري يسمح بانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، تقديم مرشّح تسوية، وخاصة أن طبيعة التكتلات النيابية وتوزعها لم يتّضح بعد.
وقد فاز «العدالة والتنمية» بـ47.6 في المئة من الأصوات، بعد فرز أكثر من 80 في المئة من بطاقات الاقتراع، بحسب قناتي «سي أن أن ـــــ تورك» و«أن تي في» التلفزيونيتين، بينما حظي «حزب الشعب الجمهوري» المعارض الأساسي بنسبة 20.2 في المئة من الأصوات، يليه «حزب العمل القومي»، المعروف بمواقفه المتشددة من الاتحاد الاوروبي والعائد إلى البرلمان، بـ14.4 في المئة، وفق المصدر نفسه.
وأظهرت توقّعات القناتين المذكورتين أنّ الحزب الحاكم سيفوز بما بين 330 و345 مقعداً في البرلمان من أصل 550 مقعداً، ما سيتيح له تأليف الحكومة بمفرده، بعد أن كان يمتلك 351 مقعداً.
وهبوط عدد نوّاب الحزب الحاكم هذه المرة، على الرغم من أنّ نسبة الأصوات التي حصل عليها أكبر، يُعزى إلى وصول حزب جديد إلى البرلمان، إضافةً إلى نحو 30 نائباً مستقلاً، وإلى كون النظام الانتخابي نسبي.
وبعد استبعادهم عن الحياة البرلمانية طوال 13 عاماً، نال الأكراد، بحسب النتائج غير الرسمية، 24 مقعداً نيابياً في محافظتي شرق الأناضول وجنوب شرقه بعدما ترشّّحوا بصفة «مستقلّين»، وسيتمكّنون بالتالي من تأليف كتلة في البرلمان المقبل.